آلية خطيرة في الشرق الأوسط

mainThumb

13-05-2008 12:00 AM

ثمة آلية خطيرة للغاية يبدو أنها قد بدأت تدور في الشرق الأوسط. هناك أسباب ظاهرة ، وهناك أسباب ثانوية ، بل وحتى صدف غير متوقعة ، تؤدي جميعها الى تضافر واضح للتهديدات.

هناك أولا ايران الملتهبة التي تنطلق منها تهديدات حاسمة. المفارقة الكبرى أن ايران أصبحت خطيرة ، لا لأنها قد تصبح أقوى أكثر فأكثر ، لكن لأن أزمتها الداخلية صارت أكثر وضوحا.

لقد أدت الانتخابات التشريعية الأخيرة ، بسبب التزوير والرقابة ، إلى نتيجة غير مؤكدة ، إذ يدعي ثلثا النواب الجدد في المجلس أنهم "محافظون" ، فيما ثلثا هذا المجلس تقريبا يرفضون الرئيس أحمدي نجاد ، ويتمنون استبداله برجال مثل رئيس بلدية طهران ، كاليباف: أو المفاوض النووي السابق ، لاريجاني: اللذان أعربا عن شكوكهما إزاء هستيريا رئيس ايران الحالي.

عقدة المواجهة ، في هذا الوقت بالذات ، تقع في العراق حيث ، على خلاف طهران ، كل شيء صار فيه واضحا للغاية ، وهو أن جيش مقتدى الصدر بات يجسد خط أحمدي نجاد ، وصارت عصابات بدر التي تشكلت على يد الإيرانيين ، تندرج ضمن حركة المحافظين المعتدلين التابعين لرفسنجاني الذي لم يعد يخفي رغبته في ايجاد تسوية مع الولايات المتحدة.

من المؤكد أن أحمدي نجاد يسعى منذ وقت طويل إلى وقف حمام الدم ما بين الشيعة والسنة في العراق ، والذي بدأ ينتشر في كل المناطق تقريبا ، من باكستان الى اليمن. ومن أجل هذا يسعى الرئيس الايراني وحلفاؤه ، وكذلك جناح من القاعدة المؤيد لايران ، الى بعث وحدة ما بين كافة الطوائف الاسلامية الدينية ، في جهاد جديد ضد أميركا واسرائيل.

هناك أصوات تتعالى الآن ، ولا سيما عند الاخوان المسلمين في مصر ، من أجل الوصول إلى هذا المخرج ، وتوجيه التحية لبرنامج ايران النووي يعتبره الكثير من الاسلاميين ، قوة فاعلة وقابلة للاستعمال فورا ضد اسرائيل ، أيا كانت المخاطر المحتملة.

هناك في الشرق الاوسط مكان وحيد تظل فيه هذه الجبهة المشتركة ما بين الشيعة والسنة أمرا واردا: إنه لبنان ، طالما أن المالكي والشيعة المعتدلون لم يترددوا في خوض المعركة في العراق ، وفي أن يضعوا الصدر وأصدقاءه في موقع الدفاع . لكن الطائفة الشيعية في لبنان منقسمة أيضا ، الى معتدلين ، ووسطيين (حركة نبيه بري الموالية لسوريا) ، والى متطرفين في أغلبية حزب الله الحالية.

لذلك السبب لم يبق في يد أحمدي نجاد سوى ورقة واحدة: حزب الله وأصدقاؤه. فرغم الطابع الغامض للسياسة العربية الحالية فإنه يمكننا أحيانا أن نقرأ حزب الله ككتاب مفتوح: فبعد معارك 2006 قدم نصر الله اعتذاراته للشعب اللبناني ، مع اعترافه أنه لم يقدر حق قدره حجم ردود الفعل الاسرائيلية على اختطاف الجنود الاسرائيليين.

وكان قد تصرف بأوامر من إيران. لكن ها هو الآن ، بعد أن أنهى نظاما كاملا من الاتصالات المستقلة عن الدولة اللبنانية ، وبعد أن تلقى عن طريق دمشق العديد من الصواريخ تعويضا عن خسائر ما قبل عامين ، يعلن عن حرب أهلية وشيكة ضد حكومة فؤاد السنيورة الانفصالية ، ويعترف من خلال ذلك أنه سيذهب الى النهاية ، حتى وان كان "أبوه" يطلب منه ألا يفعل ، مؤكدا أنه لن يأتمر بأمر أي كان. ويعني ذلك أن "الأب" يمكن أن يغير وجهه في ايران ، وأن دعم سوريا التي تغازل اسرائيل في الوقت الحالي ، لم يعد مضمونا. وحتى وان رفض الفقيه الايراني ، علي خامينئي شن الهجوم ، فإن الجندي نصر الله مستعد لأن يقطع ذراعه حتى يساند أخاه أحمدي نجاد ، العدو الحقيقي الوحيد لليهود.. وللأميركيين.

السقوط الوشيك لحكومة أولمرت قد يفتح الطريق أمام حكومة وحدة ما بين باراك - نيتنياهو ، التي سيكون هدفها تنفيذ انتقامها الجوي والبري من حزب الله ، وربما أيضا الانتقام الجوي من ايران./«لوفيغارو»/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد