القوة هي الحل؟

mainThumb

07-05-2008 12:00 AM

هذه الايام التي بين يوم الكارثة ويوم الاستقلال هي الوقت المناسب للتخلص من كليشيهات "من الكارثة الى الانبعاث" ، والتفكير بقدر أعمق في دروس الكارثة حيال الخيار الصهيوني الذي يعرض علينا في هذا الموسم بصفته الحل الوحيد للحل النهائي ، سواء ذاك القديم الذي شطب عن جدول الاعمال ، ام الجديد ، الذي يقف كيفما اتفق على نحو ثابت امام بواباتنا.

منذ اكثر من ستين سنة يكرر لنا ممثلو الصهيونية أن الطريق الوحيد لمنع تكرار الكارثة هو القوة ، وانه - كما يكررون لو كان لنا في حينه دولة مستقلة وجيش خاص بنا وطائرات قصف أمريكية ، لكنا منعنا الكارثة.

ولكن الرد الصهيوني ليس هو حقا الدرس الوحيد ، الذي لا بديل عنه ، لكارثة يهود اوروبا ، فيمكن للانسان ان يصل بالذات الى استنتاجات اخرى ، معاكسة بل ومتضاربة مع الحل الاضطراري للقوة الصهيونية ، مثلا ، كفيل بأحد ما ان يفكر بان درس كارثة اليهود هو انه يجب القتال لازالة وباء العنصرية وكراهية الاجانب من الوجود ، ذلك أنه لولا وجود هذا ، لما كان الالمان واخوانهم المسيحيون في كل اوروبا ينهضون لقتل اليهود ، الغجر او اللوطيين ، احد ما آخر كفيل بان يفكر بان الدرس من قتل اليهود يجب أن يكون وجوب منع الحروب التي تحت رعايتها تتم اعمال قتل الشعوب على انواعها ، ونزع سلاح كل الشعوب ، السلاح الذي كلما تعاظم لا يمنع قتل الشعب بل يزيده.

ويمكن ليهودي ما أن يفكر بان الدرس من القتل الجماعي لليهود هو أنه لا يجب جمعهم - كما تفعل الصهيونية ، في مكان واحد الامر الذي من شأنه ان يسهل على الراغبين بابادتهم عمل ذلك ، بل تشتيت اليهود في أكبر عدد من المنافي في ارجاء العالم وبالتالي جعل ابادتهم متعذرة.

وهيا نعترف بالحقيقة ، صحيح انه حتى الان الحل الصهيوني - كدرع ضد كارثة اليهود ، لم ينجح ، بل وفشل فشلا ذريعا ، فدولة اسرائيل ليست فقط اليوم هي المكان الاكثر خطرا على وجه الارض لليهود الذين يقتلون هنا صبح مساء بسبب صهيونيتهم بل ان دولة اليهود ، وهكذا تدعي هي ، هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقف ليس فقط امام التهديدات ، بل امام خطر واضح وفوري للابادة.

واذا كان هذا هو الوضع حقا ، ونحن انفسنا اوائل من نصرخ بذلك من على كل منصة دولية محتملة ، فلعلنا يمكن أن نكون اخطأنا في مكان ما ، في شكل التفكير وفي شكل الفعل لدينا.

فاذا كانت الحقيقة في أنه بعد ستين سنة من الاستقلال اليهودي ، حيث تتوفر لنا القوة العسكرية الاكبر الممكنة ، القوة التي تسمح لنا (حسب مصادر اجنبية ووزير البنى التحتية) لان نبيد بكلتا يدينا شعوبا وبلدانا ، فاننا نبقى نحن ، مثلما نكرر القول ، امام خطر حقيقي للاباد الجماعية ، فما هي قيمة مافعله الحكماء بطرحهم الصهيوني؟ ، أيحتمل ، كما قد يتبادر الى الذهن ان يكون التفكير الصهيوني الذي يقول بان القوة وحدها هي الحل ، هو بالذات الصيغة للمصيبة.«معاريف»



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد