صحيفة السوسنة الأردنية

يفتح موضوع احتمال إجراء التعديل أو التغيير الحكومي على حكومة دولة المهندس الذهبي شهية الكثير من أبناء المجتمع الأردني للإدلاء بدلوهم في هذا الموضوع الساخن.

كما يفتح في الوقت ذاته باب الأحلام والتوقعات على مصراعيه كذلك لعدد كبير جدا من الناس.

بالأمس كنت اجلس مع بعض أصدقائي, وكنا نتحدث في موضوع التعديل أو التغيير وكان لافتا للنظر أن نسبة كبيرة من الأخوة الحاضرين يتوقعون أن يكونوا ضمن أعضاء فريق تشكيلة الحكومة الجديدة الأساسين وليسو الاحتياط.

لا اخفي أحدا باني توقعت أن ذلك يجري على مجرى الدعابة والتندر, وليس الحقيقة والانتظار والتوتر في بداية الأمر, إلا أني تأكدت لاحقا أن ما يقوله الزملاء الأفاضل حقيقة تساورهم, وهمًا يؤرقهم, وطموحاً يشاغبهم ويأخذ منهم الكثير من الوقت والجهد.

أصبح الكثير من الناس في هذه الأيام يريد أن يصبح وزيرا أو مديرا, أصبح الكثير من الناس يزكي ويرشح نفسه وينشر هذه الإشاعات بين الناس, زاعما أن لا فرق بينه وبين من هم وزراء الآن في الخبرة والكفاءة والمؤهلات العلمية, ومتذرعا بحاجة الحكومة الماسة إلى الدماء الجديدة المعطاءة الخلاقة المبدعة والتي يمثلها هو طبعاً.

لا ادري حقيقة الأسباب التي تجعل عددا كبيرا من أبناء المجتمع الأردني الآن, يفكر في أن يصبح وزيرا, وانه يمتلك القدرة والخبرة ليكون وزير المرحلة القادمة الأنسب, وانه الذي يحمل الكثير من هموم وتطلعات الوطن والمواطن والقادر على حملها وحلها.

سالت احد أصدقائي ما الذي يجعلك تتوقع أن تكون وزيرا فقال: تعرف باني احمل مؤهلا علميا عاليا(دكتوراه, مهندس, ماجستير,,الخ) فقلت له: نعم ثم ماذا فقال: إن المنطقة الجغرافية التي أمثلها لم يكن منها وزيرا في التشكيلة الحالية, فقلت: نعم ثم ماذا, فقال: الوزراء( الحاليين والسابقين ) ليسوا بأفضل مني, وسمى لي بعض الوزراء, وقال أنت تعرف الوزير فلان كيف أصبح وزيرا والوزير فلان كيف أصبح وزيرا ,,الخ, وهم ليسوا بأحسن مني, قلت: ثم ماذا, فقال: إن لي علاقة بفلان وعلان (وزراء ونواب ومسئولين) وهم يدعمونني, ويتوسطون لي قلت: ثم ماذا فقال: وماذا تريد أكثر من ذلك, فصمت كثيرا ولم أرد عليه بل قلت له إن شاء الله تصبح وزيرا, فانا أعرفك معرفة شخصية على الأقل, إن لم تتنكر لهذه المعرفة لاحقا وضحكنا معا. إن من الجميل والمهم أن يكون الإنسان طموحا وان يكون الإنسان مبادرا ومتحمسا, وان من المهم أيضا أن يكون الإنسان منطقيا وعاقلا في طموحه, وان يعرف نفسه وإمكاناته جيداً. إن منصب الوزير أو غيره من المناصب العليا في الدولة يجب أن لا يوسد لغير أهله, يجب أن لا يسند إلا بالحق لمن هم أحق وأقمن به من غيرهم. إن المناصب العليا بالدولة يجب أن لا تخضع لاعتبارات الجغرافية والتاريخ, فالأردن صغيرا بمساحته الجغرافية ولا يتسع لكل هذه الأقاليم وكل هذه التقسيمات, وكبيرا بتاريخه وتاريخ قيادته ورجاله ويتسع لكل هذه الأقاليم والتقسيمات وقادراً على احتوائها ودمجها معاً.

أرجو أن يقرأ صديقي أعلاه المستوزر وكل من هو على شاكلته كل ما كتبت عنه, وأرجو أن لا يصبح وزيرا في أي يوم من الأيام إذا كانت هذه هي فقط مؤهلاته وهذه هي وسائله. . أرجو أن لا يفهم أني من أنصار أن يبقى ابن الوزير وزيرا وهكذا, ولكني أدعو إلى الطموح المنطقي وليس الطموح القائم على هذه الوسائل العقيمة. كما أرجو أن يبقى التعديل أو التغيير الحكومي ارفع وأسمى من كل هذه المعطيات والمؤهلات حتى لا يرتفع عدد الطامحين الجامحين وحتى لا يسوم الحكومة والوزارة كل المفلسين في أردننا الحبيب.

abdallahazzam@yahoo.com