"الأسود" أوباما وحكاية تغيير أميركا

mainThumb

21-10-2008 12:00 AM

قبل أشهر من الآن، وتحديدا بعيد أن أعلن باراك "حسين" أوباما عن نيته الترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وبعد أن ثبت أن السيدة الأولى السابقة في البيت الأبيض هيلاري كلنتون أصبحت منافسه الوحيد عن الحزب الديمقراطي الأميركي في السباق الرئاسي، غامرت بالقول حينها بأن الجمهوريين سيبقون أسياد اللعبة السياسية في أميركا لسببين أولاهما أن أميركا لن تختار إمرأة بأي حال من الأحوال رئيسا للولايات المتحدة خاصة وهي، أي أميركا، تواجه حربا ضروسا على أكثر من جبهة في العالم وتحديدا في العراق وعلى حدود إيران، والآن في البلقان التي تلوح منها رياح حرب باردة جديدة بعد أن كشرت موسكو مجددا عن أنيابها في وجه الولايات المتحدة إثر نشر الأخيرة لصواريخ مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا، وإعلانها روسيا إستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا رغم الرفض الأميركي، بل والدولي، وهذا كله دفعني بالقول بأن أميركا تريد "رجلا" قويا في سدة الحكم حتى لو أراد الشارع الأميركي غير ذلك، فالمؤسسة الأميركية التي تعد الحاكم الحقيقي من وراء ستار، لن تقبل بغير "ذكر" في الحكم، وبكل الأحوال فقد صابت هذه النظرية قبل أن يصل السباق بين كلينتون وأوباما الى خط النهاية حيث إنسحبت الأولى بعد أن ثبت تفوق المرشح "الأسود" عليها.

أما السبب الآخر الذي دعاني الى الإندفاع الى حسم النتيجة مسبقا لصالح الجمهوريين فيكمن في أن أميركا لن تختار "أسودا" لحكمها لأنها حتى اللحظة لم تخرج من نفس العنصرية الذي سيطر عليها لسنوات خلت قبل أن يثور مارتن لوثر كينج ويفرض حقوق السود على الأرض الأميركية، ومع مرور الأيام الماضية، كان لون أوباما علامة فارقة في حملته الإنتخابية وفي حملة منافسه الجمهوري جون ماكين، وزادت الأمور على ذلك بعد أن حاول إداريو حملة ماكين، وإن في الخفاء، اللعب على أصول أوباما حيث تخطوا أصوله الإفريقية للحديث عن دينه وحاولوا جاهدين إثبات إسلامه لإلصاقه بـ "الإرهاب" الإسلامي الذي يدعون، وهي بلا شك الطريقة الأكثر تأثرا على الناخب الأميركي، المشبع بكراهية الإسلام، لإرهاق الرجل وحسم خسارته سلفا إذا ما تمكنوا من إثباتها، وفي حين حاولت حملة أوباما الرد على هذا الأمر، فقد كان الرد الأكثر "ذكاء"، طبقا للحسابات الأميركية، من قبل أوباما نفسه إذ قام بزيارة فورية الى إسرائيل و "بكى" عند حائط البراق، ووضع "دعاءه" في شقوق الحائط حتى يؤكد حقيقتين أولاهما أنه غير مسلم، وثانيهما أنه داعم لإسرائيل وأمنها بلا هوادة وأن لا أحد يزاود عليه حتى ممن يعرفون بالمحافظين الجدد في إدارة بوش، فيما يتعلق بإسرائيل والموقف من الإسلام على وجه الخصوص.

ما أحسبه أن رد أوباما هذا قد أتى أكله ولو على صعيد حزبه الديمقراطي بداية، وبدا هذا واضحا في مؤتمر الحزب الذي عقد للمرة الأولى على ستاد دنفر، فعدد الحضور، والدعم السياسي الحزبي للرجل بعد أن أعلن المرشح الأساسي للحزب للبيت الأبيض، أخل، لربما، بالمعادلة الأميركية، ومن جملة ما قاله أوباما في خطابه أنه رشح نفسه لأن أميركا يجب أن تتغير، وإذا ما كان يعني أوباما تغير سياسة أميركا لا سيما في العراق التي يعتبر أنها المسألة الاساسية التي رشح نفسه لأجلها، أو لربما التي رأى أنها فرصته الوحيدة للفوز بمنصب الرئيس وإعادة الديمقراطيين الى المكتب البيضاوي، فإن التغيير الأهم الذي لم يلتفت إليه أوباما في حين إلتفت إليه كل العالم، بأن التغير في جذور مفاهيم الشارع الأميركي هي الأهم، فأسود يحكم أميركا أهم من قصة تغير السياسة الأميركية لأن في هذا إنعكاس على كل العالم وليس على أميركا وحدها سواء على الصعيد السياسي أو الإقتصادي أو الثقافي أو حتى الديني.

لن نحسم الأمور منذ اللحظة لنقول أن التغير الأميركي قادم، وإن بتنا نشعر به، لكن الشك ما زال يراودنا، ولن نقطع الشك باليقين حتى نرى نتائج صناديق الإقتراع.

Nashat2000@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد