عمان - الدوحة .. الخروج عن المسكوت

mainThumb

26-10-2008 12:00 AM

شخصيا، لم أفكر يوما بالغربة أو الخروج من الأردن، لكن ظروفا ما لا داعي لذكرها هنا سواء على الصعيد الشخصي او على الصعيد المهني، دفعتني للغربة، وكانت المحطة، التي لم أخطط يوما أن أحط فيها، هي الدوحة، فحين قررت أن أتغرب عن الوطن، ساقتني الصدفة والظروف الى قطر لتكون، حتى اللحظة، محطتي المهنية والعائلية، ولم تكن الدوحة بغريبة عني، إذ في الماضي ليس بالبعيد دعيت الى منزل السفير القطري في عمان آنذاك الشيخ عبد الرحمن بن جاسم ال ثاني، وفي ذلك الوقت طلبت منه أن أزور الدوحة لأنني يوما لم أزر دولة خليجية، وحصلت على فيزا من السفارة القطرية في عمان وحضرت الى الدوحة، وهنا إلتقيت بعض الزملاء الصحفيين وأمضيت اسبوعا كاملا "أتفتل" في شوارع الدوحة و "مولاتها"، وفي ذلك الوقت لم تكن الدوحة كما هي عليه الآن، لكن بوادر العمران وتحول هذه المدينة الى "ورشة" عمل كانت واضحة للعيان، وعدت الى عمان حاملا ذكريات طيبة غير متوقع ان تحملني الرحال مرة أخرى الى الدوحة لأصبح فيها مقيما، لكن ذلك قد حصل، وأصبحت أعمل في صحيفة الوطن القطرية الى جانب عدد من الزملاء ومنهم أردنيون بطبيعة الحال، بل أنني قابلت زملاء لم ألتق بهم منذ سنوات وإكتشفت أنهم يعملون أيضا في صحف قطرية، وفي أول يوم إجازة لي بعد عمل سنة كاملة، تفاجأت في عمان بطرح الكثير من الأسئلة من قبل العديد من الزملاء الصحفيين، وحتى من قبل بعض الناس العاديين، وكل الأسئلة تحمل فحوى واحدا عن وضع الأردنيين في قطر، فإستغربت من كل ذاك الكم الهائل من الأسئلة، ولم أخلص إلا الى جواب واحد بأن، أزمة أو "عتابا" أو "إختلافا" في وجهة النظر، إذا ما كانت حقا موجودة بين عمان وقطر، فليس أنا من يجيب عليها أو أي شخص عادي بقدر ما تكون الإجابة الحقيقية عند أصحاب القرار.

لكن على الصعيد الإنساني للناس في قطر، فإن الأمور كانت بغير ما يتخيل الكثيرون، فأنا شخصيا لم ألمس يوما، لا سمح الله، مضايقة من أحد، ولم أشعر أن أحدا إستهدفني، بل على العكس، فإن شعور الأخوة من قبل كل من حولك لا سيما من الأشقاء القطريين كان هو عنوان التعامل سواء في العمل أو حتى في الشارع، فطابع العروبة الصادقة والأخوة الحقيقية هو أحد ميزات الشعب القطري لأنه في النهاية شعب عربي لا يختلف في نخوة رجاله عن نخوة رجال الأردن العروبيين الأحرار، وفي كل الأحوال، فأنت تعيش هنا في مجتمع عروبي لا يتوانى عن تقديم عروبيته على أي إعتبار آخر لأي شقيق.

وفي المحصلة أيضا، فإن الخطوط بين عمان والدوحة، وإن علقت يوما، لكنها لم تتعطل على أي حال، والسفير القطري طيب الذكر "مانع الهاجري" لم يغادر عمان، وكان دائما على تواصل بكل الفعاليات في الأردن لا سيما السياسية منها والإعلامية، والمياه بين عمان والدوحة عادت لتعود الى مجاريها الطبيعية خاصة بعد الزيارة الهامة التي قام بها رئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي ولقائه الهام مع أمير قطر سمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني، والإعلان عن تطلع جلالة الملك عبدالله الثاني الى زيارة الدوحة وترحيب صاحب السمو بهذه الزيارة، والملاحظ بأن زيارة اللوزي جاءت بعد يومين تقريبا من تعيينه كرئيس للديوان الملكي، ولعل في هذا إشارة مهمة بأن طي صفحة الخلاف أو الإختلاف، أو اي كانت تسميتها، مع قطر هي على رأس الأجندة الملكية في عمان، وفي هذا إشارة لا بد لكل لبيب أن يفهما، ولا بد لمن يحاولون الإصطياد في المياه "الصافية"، لأن المياه لم تكن متعكرة في أي يوم بين عمان والدوحة، لا بد لهؤلاء بأن يفهموا بأن قطر والأردن قررا الخروج عن المسكوت عنه الى حالة الكلام والتلاقي والتفاهم كما كان سابق عهدهما دوما.

NASHAT2000@HOTMAIL.COM



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد