صحيفة السوسنة الأردنية

هناك بعيدا........... بعيدا عن كل مكان من الامكنة التي عرفناها او نعرفها الان, بعيدا عن كل زمن من الازمنة التي مرت او تمر الان, بعدا عن كل فلسفة عشناها او نعيشها . هناك بعيدا..... وبعيدا....... وبعيدا...... هناك حيث تحلق الاحلام لتعانق كل المثاليات وكل فلسفات الاخلاق لتحلق الذات وتمارس ما شاءت من انسانيات لم يعرفها واقعنا قط. هناك ... حيث واقع يرفض الظلم ...... يرفض الفردية ....... يرفض الانتهازية........ يرفض الاستبداد.... يرفض بكل قوة يمكن ان يمارسها الإنسان من اجل الإنسان, بكل قوة تمنع من ان يكون عالمه احجار شطرنج يحركها اللاعبين العابثين. هناك ..... في عالم الباطن .. حيث تتزاحم الافكار ........ وتتبعثر .

هناك ..... الأخلاق....الانسانيات....الثورات على الظلم ..... هناك حيث كل شيء مما نريده أن يكون واقعا نعيشه ونحياه. نعم قد ينجح قلة من أبناء جلدتنا في أن يخرجوا عالمهم الباطن ليكون واقعا فيكون الواقع الذي أرادوه والحياة التي أرادوها نعم قد ينجحون في تحويل البعيد إلى قريب.

أما الآخرون وما أكثرهم يعيشون عالما داخليا مليئا بالأفكار الحرة مليئا بالانسانيات ولكنهم يعيشون نفس المكان والزمان و الفلسفة الظالمة ..... فلسفة صنعها البعض مقوماتها قتل الذات الإنسانية .

وبين هنا وهناك ........... تتبعثر كل الكلمات........ وتنقسم الذات. وبين فلسفات الواقع الانساني وجدليات العقل البشري تبقى كثير من المفاهيم -الموروثة في ترسيخ مفهوم استقلالية الذات وابعاد هذا الاستقلال والمساحة المتاحة لكل فرد من الحرية للخروج من أزمته الداخلية لتكون واقعا عمليا يرقى فيه الانسان بذاته بعيدا عن كل الهواجس والخوف الذي اكتسبه من ثدي الثقافة الموروثة من الشعور بالخلل وعدم القدرة على ان يكون كما يجب ان يكون- في تداخل وصراع نتيجة التكوين النفسي مع وجود التباين في استقلال الذات.

نعم ان يعيش الانسان فاقدا لذاته هي جريمة الانسان الكبرى في حق نفسه وان كانت كثير من الجرائم ترتكب في حقه من الاخرين.