إنني من هذا الجيل الذي كانت إحدى بدايات صحوته , هي معاصرته لقصة انتخاب الرؤساء الأمريكيين , سواء أكانوا جمهوريين أو ديموقراطيين , منذ عهد جونسون ثم نكسون و فورد ثم كارتر ثم ريغان وبوش الأب ثم كلنتون إلى بوش الابن , وممارسا تهم السياسية والعسكرية تجاه بلادنا ومنطقتنا وقضايانا المصيرية وآلتي أهمها القضية الفلسطينية ,قضيتنا المركزية,فقد كان القاسم المشترك بينهم جميعا , هو دعمهم المطلق واللامحدود لإسرائيل , سياسيا وعسكريا واقتصاديا , بل ويتسابقون فيمن يسجل التاريخ له أنه كان أكثرهم خدمه لإسرائيل,
ولن ننسى ما قاله بوش الابن في بدايات حكمه , إن إسرائيل لن تجد رئيسا أمريكيا نصيرا لها ,يخدمها و يقدم لها ما سوف أقدمه أنا لها( وأظنه قد فعل ) , بعد أن اتهمه رئيس الوزراء الإسرائيلي اريك شارون بتملق العرب والفلسطينيين ,وعاتبة على ذلك بل أنبه وقّّرّعه ..... فنحن نتذكر انه لا يوجد اختلاف في سياسة الرؤساء الأمريكيين وأحزابهم , سوي الاختلاف على طريقه ذبحنا واغتصابنا واستغلال ثرواتنا , لكن التعامل مع الجمهوريين على قسوته , ربما يكون افضل لنا ,لأنه واضح ومباشر, ويعطينا الوجه الحقيقي الاستعماري للسياسات الأمريكية, بعكس السياسات الديموقراطية الناعمة المغلفة بقفازات من الحرير
ونتذكر أن الرئيس الديموقراطي جيمي كارتر كان قد احدث اكبر اختراق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي حين قام بتحييد مصر وعزلها عن آلامه العربية , في اتفاقية كامب ديفيد , وقدم بذلك اكبر خدمه لإسرائيل , ونتذكر عهد الرئيس الديموقراطي بل كلنتون , الذي اشرف على اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية , وآلتي سمحت لشمعون بيرس بأن يدخن النرجيلة في مقاهي الشميساني , ويعلن عن رغباته في الاختراق الاقتصادي للمنطقة العربية , حيث يقول ,أن السلام يوفر ذلك لإسرائيل اكثر من حالة العداء والحرب
وفي عهد كلنتون بدأت العولمه تظهر بوادرها الحقيقية, ونتذكر كيف أن مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك , اشترطت على الأردن الاستجابة لمطالب أمريكيا في حماية حقوق الملكية الفكرية بطريقه وقحة ومباشرة , وهددت بقطع المساعدات عنه .... فهل الرئيس الديموقراطي الجديد باراك حسين اوباما , سيشذ عن هذه القاعدة ؟؟؟ , أنا لا أعتقد ذلك , فقد كان أول قرار له بعد فوزه , هو تعيين صهيوني يحمل الجنسية الإسرائيلية في منصب كبير موظفي البيت الأبيض
بل إنه وقبل ذلك وعندما تأكد ترشيحه للرئاسة من قبل حزبه , كانت أولى أعماله هي تقديم قرابينه و أوراق اعتماده في إسرائيل , ولبس طاقية اليهود الشهيرة , وزار مركز ذكرى ما يسمى المحرقة اليهودية , ووضع ورقة أمنياته في حائط المبكي ( البراق ) , و أعلن عن أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل,وعن تأييده المطلق لحصار حماس وعدم التعامل معها ...... يقولون عن أوباما باعتباره الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية , انه مولود عام 1961 في ، هاواي، من أب كيني وأم أمريكية، وإنه اسود من أصول أفريقية , فهل هو اسود بالكامل؟ لا أعتقد ذلك , انه ملون ( هجين ) من أب اسود وأم بيضاء , وقيل عنه انه , ابيض في جلد اسود , أي انه عاش وتربى وتعلم في بيوت البيض ,
فهو يمثل فكرهم وثقافتهم وتراثهم , أي إنه لا يمثل تاريخ ونضال وثقافة الأفريقيين السود ,في أمريكيا الذين تم استعباد آباؤهم في الماضي , و كانوا يعاملون بقسوة وبتمييز واضح حتى الستينات من القرن الماضي ,كان ذلك يلاحظ في المدارس ووسائل النقل العامة , وفي كل شيء وربما إلى ألان .... على الرغم من ذلك انخدع به السود الأمريكيين وصوتوا له بكثافة ..
ويقولون عنه انه مسلم , وهذه المعلومة ليست حقيقية , وقد نفاها هو بنفسه جملة وتفصيلا , وإن كان أباة مسلما , فذلك لا يعني شيء , فهو أب لم يعيش ابنه في حضانته ولم يقوم على تربيته , ونحن نعلم أن المولود , يولد على الفطرة , وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه , أو يجعلانه مسلما , لذلك علينا أن لا ننخدع بهذه المعلومة ونبني عليها آمالا , على كل( ما زاد حنون في الإسلام خردلة )
وعلى الرغم من ذلك أيضا , انخدع به المسلمون الأمريكيون وصوتوا له بكثافة.. باراك أوباما , وهو الذي يطرح شعار( التغيير ) لن يغير شيئا بالنسبة لمنطقتنا ولا لقضايانا , وهو لا يستطيع أن يعبث في مصالح أمريكيا الاستراتيجية في المنطقة ,مثل حماية منابع النفط , وسوف يكون صديقا حميما لإسرائيل , ويقوم بكل السياسات آلتي تخدم مصالحها , والتغيير الذي يرغب به هو داخل أمريكيا نفسها ,ألا وهو الوضع الاقتصادي المتردي والذي كان السبب المباشر في هذا الفوز الكاسح له , أي أن الهم الداخلي الأمريكي سيكون هو الأهم في أولوياته ,
وتكون بقية القضايا العالمية الخارجية هامشية مثلما كانت كذلك أثناء الحملة الانتخابية .. على كل لا يمكن لنا إلا أن نبدي الإعجاب بالديموقراطية الأمريكية ,آلتي استطاعت هزيمة المحافظين الجدد , بسبب سياساتهم العنجهية الإجرامية , آلتي جلبت الدمار والخراب على العالم واكتوى بنارها وعاش ويلاتها وتأثر بها المواطن الأمريكي العادي , الذي اصبح مهددا في لقمه عيشه
فذهب إلى صناديق الاقتراع وقرر الخلاص من هذه الزمرة الحاكمة , آلتي ربما لن تستطيع العودة إلى الحكم مرة أخرى أبدا .... ربما تكون أمريكيا قد سعت بهذه النتيجة إلى تخفيف حالة التوتر في العالم وتجميل صورتها, بعد أن جللها عهد بوش بالسواد والقبح , ونأمل أن يفي باراك اوباما بعهوده وينسحب من العراق دون أن يبقي على أية قواعد عسكرية فيه وفي المنطقة , وأن يجد حلا عادلا للقضية الفلسطينية , يرضى عنه الشعب الفلسطيني , عندها سنحبه ونعلن عن ندمنا , على كل ما قلناه بحقه .