خلويات أبنائكم .. نعمة أم نقمة

mainThumb

14-11-2009 12:00 AM

فيصل تايه

من الضرورة الملحة التوقف جلياً لرصد ظاهـــرة عمّت وانتشـــرت بشكل يدفعنا إلى تشخيصها بكل جرأة وموضوعية .. كيف لا ؟ وهي تخص فئة عريضة من فئات مجتمعنا الأردني الفتي .. الذي نسعى إلى تربيته وتهيئته لحياة فضلى كريمة .. متفهمة لمضامين رسالة عمان المبنية على الفهم الواضح لمنطق الحياة المعاصرة .. ومبنيّة على الفضيلة والأخلاق الكريمة ..فمع ذلك المنطق المعصرن .. الذي اكسبنا مهارات القرن الواحد والعشرين بتبعاتها التقنية المتطورة .. انتشرت ظاهرة الأجهزة الخلوية وخاصة المتطورة منها .. والتي تحتاج إلى ذهنية عالية المستوى لفك رموزها وتعقيداتها .. وما يحيرنا أن أبنائنا _ جيل الديجتيل _ هم أصحاب تلك الذهنية التي استطاعت فك أسرارها وخفاياها ..فانتشرت بينهم بشكل واسع ..حتى لا يكاد يخلو جيب أحد هؤلاء الأبناء وبمختلف أعمارهم ومستوياتهم من وجودها.. فاقتنائها وامتلاكها بات ظاهرة شائعة بل وأصبحت وحسب منطقهم وفهمهم للأمور مفخرة وتبجحاً .. .. متناسين نحن كأولياء أمور خطورة ذلك على شخصياتهم.. فمن اللافت للنظر أن هذه الظاهرة المقلقة بدأت تجد طريقها إلى أبنائنا الذين هم على مقاعد الدراسة وبمختلف فئاتهم العمرية بشكل مقلق مريب فهل هي ضرورية ؟ وهل هي نعمة أم نقمة .

ولو تساءلنا .. عن تفشي تلك الظاهرة حاليا .. هل هي دليل صحة وعافية أم دليل ثقة كبيرة من الأهل؟ وما الذي تغير بين الأمس واليوم ؟ - الله يرحم أيامنا- عندما لم تكن هذه التقنية قد ظهرت وتفشت لدرجة أن الأهل يخافون على أبنائهم لنراها اليوم لدى الصغير قبل الكبير .... ‏فهل هذه الظاهرة وبكل تبعاتها ومن منظور تربوي تعتبر ظاهرة مقلقة .. باتت تلازم تفاصيل حياتنا اليومية .. وهل تأكدنا من أن أباء?Zنا وفي سنهم الحرج هذا يقرون أنهم لم يسيئوا استخدامها بعيداً عن الدور الرقابي للأهل.. وهل هذه الرقابة باتت من ضرورات يومياتنا .. ؟ أم أن بعض سلوكيات أبنائنا الغريبة والعجيبة تدفعنا للتقصي والبحث الفعلي عن مصدرها الصريح والمؤول .. وما يسببه لهم ذلك الشبح الخفي من بناء علاقات شخصية مبكرة جدا توقعهم في حبائل رفقاء السوء .. خاصة إذا أخذنا في الحسبان التقنية المتطورة وخدمة البلوتوث والوسائط المتعددة وغيرها من الخدمات الرقمية في هذا الزمن التقني المتسارع ..

دعونا نتساءل : هل ذلك يجلب خطراً كبيراً أثّر على ثقافة أبنائنا الذين نسعى إلى تربيتهم تربية متوازنة في عصر متطور متنامي .. ونتدارك أن تقنية الأجهزة الخلوية تنقله من عالمه البريء إلى عالم الكبار دون وعي .. فيعود ذلك عليه بالضرر النفسي و التربوي ويوقعه في مشكلات من المبكر جدا تناولها في مثل سنه .. وهل تحذيرنا هذا بمراقبة طريقة استخدام الابن للجهاز الخلوي بات ضرورة حتمية ملحة ؟.. أم هل فكرنا للحظات بمراقبة أبائنا وبناتنا مراقبة حثيثة تمكننا من كشف حقائق هذه التقنية المخفية ؟ ..

احذروا إخوتي وأخواتي فالخطر كبير .. فلا تتركوا إباؤكم وبناتكم فريسة سهلة للاستخدام الخاطئ لتلك الأجهزة دون رقابة في خلواتهم والتي ترتبط بزيادة احتمالية تعرضهم لمشكلات صحية واجتماعية.

إن ظاهرة وجود الهواتف الخلوية بين يدي أبائنا وبناتنا أصبح أمراً اعتيادياً .. فتجدهم يتحدثون بها أو يتبادلون الصور أو ما شابه .. وما يخلف ذلك من تبعات .. بدون حساب للوقت أو الزمن . فمن المسؤول عن تفشي هذه الظاهرة بالدرجة الأولى ؟ هل هم الأهل أم المدرسة.؟ أم ثقافة جديدة تربوا عليها ؟.. أم افتقار النظام التربوي إلى قوانين محدثة تحد من انتشارها ؟ ... وهل من الضرورة تتبع ما يتعلمونه من سلوكات غريبة وعجيبة بالمشاهدة .. ويقلدون ويحاكون ما يصنعه الكبار ..

ولا أخفيكم أعزائي وأنتم تعلمون تماماً .. أن بعض الآباء والأمهات على حد سواء يمنحون أبناءهم ثقة زائدة دون رقابة .. خاصة من تأثيرات المحيطين .. كما أنهم لا يتوانون لحظة في شراء الأجهزة الباهظة الثمن سواء بوعي أو بدون وعي ..بسبب أو بدون سبب .. بتأثير أو بدون تأثير .. ولكنهم لا يسألون بعد ذلك فيما استخدم هذا الجهاز .. وهل فعلا أن تلك الأجهزة بمصاريفها أثقلت كاهل الأسرة وأرهقت جيوبهم .. لا بل أحيانا تجد أن الجهاز الذي يحمله الابن يساوي أضعاف الجهاز الذي يحمله الأب .. بل أصبح ذلك ثقافة تنافسية للتباهي بين إقرانه من الرفقاء.. وحب التقليد.. فأول من بدأ بهذه الفكرة الأسر المقتدرة اقتصادياً أو ذوو الثقة المطلقة بأبنائهم، ومن ثم يبدأ التقليد من أسرة لأخرى..لدرجة أن أغلب الأبناء يشعرون بالدونية مقارنة بمن سيقوهم بحمل هذا الجهاز الذي هو أساساً لخدمة التواصل بين الناس

نعم !! لا يكاد يخلو جيب ابن أو ابنه من الجهاز الخلوي .. بالرغم من أنهم يمرون في أخطر مرحلة من مراحل تنشئتهم والتي لم تنضج فيها عواطفهم ولا أفكارهم ولا قدرتهم على تحمل المسؤولية .. إن وجود تلك الأجهزة بين أيدي الأبناء في هذه السن الحرجة هو نقمة وليس نعمة .. وخاصة أن أبناءنا وبناتنا ليسوا مهيئين في هذا العمر لحمله .. فالمراهق يريد أن يكتشف ويتعرف ويستقل في رأيه وسلوكه وأفكاره.. فهم معرضين للانحراف والانسياق وراء رغباتهم وسلوكيات أصدقائهم ورفاق السوء والتي لا تستطيع المراهنة عليهم بالفضيلة أم بالرذيلة .. وحتى لو تلقوا تربية فضيلة في أحضان أسرهم العفيفة الكريمة ..لكن تأثير المحيط الخارجي وتقليدهم له هو المحك الذي يجب أن ننتبه إليه جيدا

فنحن إذا أمام ظاهرة خطيرة تسوق أبنائنا فعليا إلى الانحراف السلوكي من حيث لا يدرون .. فعلى صعيد تحصيلهم الدراسي في مدارسهم .. نجد أن الكثير منهم يتطاولون على الأنظمة والتعليمات المدرسية بهروبهم من المدرسة وترك حصصهم لملاقاة الفتيات بعد الاتصال والمواعدة عن طريق تلك الأجهزة وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها فأصبحت ظاهرة ملموسة إن لم نقل موجودة فعلياً.. فالأجهزة الخلوية مدت جسور الانفراج في العلاقات العاطفية وسهولة التواصل وكثرة اللقاءات بعيدا عن الرقابة البيتية .. كما وأن الشاب أو الفتاة بإمكانهم إيهام الأهل بأنهم يدرسون في غرفهم .. ولكنهم يتحدثون في هاتفهم الخلوية بعيدا عن الرقابة.‏ إضافة إلى الاستخدام السيئ في إرسال الأغاني والصور والنكات خاصة أثناء الحصة الصفية دون انتباه المعلم وعبر البلوتوث وغيره ..ومعظم الأحيان قد تكون صوراً وألفاظا مسيئة جدا لقيمنا وأخلاقنا.‏

ان دور المدرسة في توعية الطلبة بمخاطر هذا الأجهزة إذا أسيء استخدامها أمر مهم جدا وذلك بتقديم نماذج حية للمشكلات التي قد تم ضبطها داخل المدرسة لكي يكون عبرة للآخرين إذ يجب على إدارة المدرسة اطلاع الأهل والتنسيق معهم باستمرار دائم .. وتنبيههم إلى ضرورة عدم وجود هذا الجهاز إلا في يد من يحتاج .. وفي الوقت الذي يحتاج فقط .. وليس للمباهاة والتفاخر به وبنوعه وسعره.‏

أن سماح الأهل للأبناء باقتناء الهواتف الخلوية .. لابد أن يقترن ببعض الضوابط والشروط التي يتوجب على الابن الالتزام بها وتتمثل وعلى سبيل المثال .. الطلب من الابن المساهمة في دفع ثمن بطاقة التعبئة من مصروفه الخاص.. ليعمق ذلك من شعوره بالمسؤولية.. ما يساعده على اكتساب توجهات إيجابية فيما يختص التعامل مع هذا الجهاز الإلكتروني ..

وضرورة توضيح مسألة أسباب اقتناء الجهاز الخلوي.. ليبدو الأمر ميزة خاصة منحت له .. كمكافأة على تحقيق إنجاز ما.. أي أنها لا تقع ضمن الأمور الاعتيادية التي يحظى بها الطفل لذا قد يحرم منه عند إساءة استخدامه.

كما يجدر بالآباء والأمهات مراقبة طريقة استخدام الابن للجهاز ، وتحديد فترة زمنية قصوى لغايات التحدث عبره البطاقات المدفوعة مسبقاً حيث يمكن التحقق من مدى التزام الابن بذلك عن طريق رصد عدد الدقائق المسجلة وفقاً لتلك البطاقات والحذر من تركه دون رقابة وتوعيته بالمخاطر السلبية لهذه الأجهزة على الصحة العامة .. وزيادة احتمالية تعرضه لمشكلات صحية واجتماعية جراء إطالة الحديث عبر الهاتف لفترة طويلة.. أو البقاء مستيقظاً لساعات متأخرة ما قد يتسبب بمعاناته من اضطرابات النوم أو قد يؤثر ذلك سلباً على تحصيله الدراسي والأكاديمي.

لقد بينت بعض الدراسات ... أن استخدام الأجهزة الخلوية لعشر سنوات أو أكثر يزيد من مخاطر الإصابة بأورام في الأذن والعصب السمعي بأربع مرات. كما بينت بعض الدراسات أيضاً أن تأثير الاستخدام الطويل للخلوي يكون على شكل اختلالات عصبية، وتتسبب بآلام في الرأس.. وضعف في التركيز.. وفقدان في الذاكرة واضطرابات في النوم.. كما أنه قد يسبب الصرع.

فأبناؤنا هم الأكثر عرضة لهذه الإصابات لأن أجهزتهم المناعية لا تزال في طور التشكل .. كما أن عظامهم رقيقة وبخاصة عظم الجمجمة، وبذلك فهم أقل مناعة لهذه الإشعاعات من البالغين.

ووفق دراسات علمية مؤكدة تبين أنه يتحتم على الآباء أن يمنعوا الهواتف الخلوية عن أبنائهم .. كوقاية لهم من الأذى المحتمل بسبب الأشعة المنبعثة منها .... فإذا ما استخدم الجهاز الخلوي فإن «80-70» في المئة من الطاقة المنتشرة تمتص عبر الرأس..فضررها واضح على الكبير فما بالكم بالأطفال الذين عظام الجمجمة لديهم تكون أكثر رقة.. كما أن دماغهم مازال في طور النمو.. مما يجعلهم أكثر حساسية للأشعة لأن أورام الدماغ تحتاج لأكثر من «40-30» عاماً كي تتطور، فإن الأبناء الذين يستخدمون تلك الأجهزة منذ عمر المراهقة فما فوق ستكون لديهم النتائج أسوأ ..

حمانا الله وحمى أبنائنا من الخلوي والخلويات



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد