صحيفة السوسنة الأردنية

إلى أبناء الشعوب العربية "شكرا " فقد آن الآوان كي تقرأوا علينا سورة الفاتحة ،وتدعوا الى الله أن يفرّج عنا الكرب تحت التراب ،ويوسّع علينا قبرنا مدّ البصر ،ويغسلنا الله بالماء والثلج والبرد ،ويبدلنا الله دارا خيرا من دارنا ووطنا خيرا من وطننا ،وأهلا ليسوا من العرب خيرا من أهلنا،وافتحوا بيتا للعزاء لكل الذين رحلوا منّا ولا شرط عليكم أن يحضره أحد منكم لتقديم العزاء؛فنحن عنكم غرباء. واسكبوا ما شئتم علينا وعليكم من النفط العربي المخزّن للتصدير ،أو اشربوه مرّة بعد الإفطار ومرّة بعد الغداء وأخرى بعد العشاء ..........

ومرّة حين تدعو الحاجة لمشروب المساء .وإذا لم تُقض حاجتكم فاكسروه بدم الأبرياء من أطفالنا .واسمعوا الموسيقى الأجنبية أو الغربية أو العربية فكلهم سواء ،وعلى عشاء فاخر تسامروا بقصتنا الاتية من قلب الخرافة.

واكتبوا الشعر في تعذيبنا، وتغنوا في قتلنا وموتنا ،والرصاص الذي اتّخذ من صدور الشيوخ مسكنا ومن رؤوس النساء ،واجعلوه على البحر المتقارب علّ آخر البحور تقرّبنا ممن كنّا نحسب أنهم أولياء .

وانسوا ما كتب الدرويش ونزار وشعراء المقاومة عن غزة. واحذفوا "غزة" من خارطة الوطن العربي وألحقوها بخارطة أهل الكهف و أصحاب الأخدود ،واعذرونا إن رمانا العدو بالبحر فبحركم يا سادة قد تبرأ من أهل غزة ،وقد غشاه الخوف أن يختلط بدم الشهداء،ويكفينا ما يأتينا من رصاص الأعداء ،فزادنا الآن قد قُطع عنا ،وماؤنا قد كساه الموت ببردة من برد وخوف وجوع .

شكرا للشعوب العربية لأنها الآن تتشاور في عدد القتلى وعدد المؤتمرات وموعدها ،وتحسب الأن نسبة القتلى لنسبة الرصاص ،ونسبة الأشجار وما اقتلع منها لنسبة ما تبقى منها ،ونسبة الأطفال لنسبة الشيوخ والأرامل وما هجّر من طيورها ،وترقب بحذر قدرتنا على المقاومة وقدرتنا على البقاء ، وتعدد نسبة المرضى لنسبة الشفاء وما وصل من الدواء .

شكرا للشعوب العربية على الدعاء بعد فوات الآوان ، ولسب الأعداء وشتم القدر فكفاهم ما سمعوا منكم وما لم يسمعوا عنكم ،قد أزعجتموهم بالتنديد والاستنكار ،وعذبتموهم بالشعارات الملقاة على يافطات من قماش حريريّ ،قد أدميتم قلوبهم بالحزن والتأسيّ علينا . ولكن عذرا ! !

ماذا ستقولون لصبيانكم إن وجدوا في كتب التاريخ وكتب التراجم مكانا اسمه" غزة " .وملحمة تاريخية أبطاها أهل غزة ،ماذا ستقولون لهم إن وقعت كلمة بالخطأ عن معركة غزة ،وحدّثهم الغرباء في الجامعات الغربية عن أطفال غزة ومجزرة غزة،أين ستذهبون بماء وجوهكم إن نسيتم أن تحذفوا من الكتب المغمّسة بالغبار عدد القتلى وعدد الجرحى في غزة .