عذاب هرّة

mainThumb

07-01-2009 12:00 AM

على مقربة من فلسفة الموت وزمن الموعد نلتقي يا هرّة الرئيس ، بيد أنّا نشفق عليك مسكنك القابض باستحياء على سيّدك الصامت بالمكر في زمن الخير والحديث عن الديمقراطية ،سيدك الخائن في زمن العدل والحريّة ،سيدك العاشق للحروب والانتقامات في زمن الهدوء والسكينة .

سيدك الهارب من سياط الأحذية في بلد ظنّ أنه قد نشر فيه تعاليم الحقوق الدنيويّة ونبذ فيه القال والقيل ،ومسح من التاريخ اسم العراق وعكّر ماء الفرات وشرّد الأطفال وقتل ما فيها من خيرات ،وهو الذي استباح حبر الأقلام ،وداس على المذاهب والكراريس وبعث الروح العنصريّة.

كلّ ما نتمناه أن لا يكون قد قتل فيك الرحمة ،وسلب منك الرأفة ،وقد تنفستي هواءه المعكر بالدم ،واستنشقتي غبار عفنه الملطخ بالجراح وسرقة الآمان من الشعوب العربيّة، إنّا نأمل ألا تكوني قد رحلتي وقد تعلّق بجسمك ضرب من سرقة روحيّة أو طمع لمال أو تفرقة عنصريّة ،أو تكوني قد رحلتي وفي أذنك شوائب من قصصه الخرافيّة عن إحقاق العدل و إقامة المساواة وعن تحقيق الحريّة وصنع الديمقراطيّة.

نحن جميعا نعلم أنّ حذاء المنتظر آلمك ،وبث فيك صحوة الكرامة،وأرجعك إلى ما خُلقت عليه من فطرة ،وفُجعت برئيسك المنتخب على أوراق من جلود الأطفال ،نحن جميعا نعلم أن الصدمة كانت قاسية كي تصحي على كابوس من الأحلام الواقعيّة وتكتشفي قصصه: قصة الإجرام وقصة التقتيل وقصة التعذيب وقصة الترحيل والتهجير .وقصة بل مجزرة غزّة ، نعم قد أصابتك دوامة الأحداث والأحلام الخرافية ،وعرفت كم كنت بالأمس أضحوكة في شرك الغباء وكم كنت ساذجة غبيّة.

نخشى ما نخشاه أن تكوني قد أكلتي من أكله أو شربتي من شربه ،حذار أن تكوني قد نمتي في فراشه أو تلحفتي بلحافه أو لامستي مخدته النتنة أو طارت ريشة منها وقد سقطت على شعرك فلوثته،أسألك بم?Zن أسأل أن لا تكوني قد دخلتي معه حمام السباحة ،ولا رششتي من عطره الوسخ ولا أكلتي من ماله الحرام أو تكوني قد تسكعت معه في شارع .

لا تقولي أنّ فمه المسكون بالقتل والكذب والغطرسة والكبر قد حاول تقبيلك ،لا تقولي أنّ يده الملفوفة بالرؤوس المذبوحة قد حاولت لمسك ،لا تقولي أنّ عيونه المشبعة بالتحريق وبالتشريد قد حاولت إقناعك أنها تحوّل العميان إلى مبصرين. نخشى ما نخشا أن تكوني قد فعلت فعلة من هؤلاء ،فإن كان هذا ما كان فأخشى ما أخشاه أنك إلى النار ستسحبين وعلى أعمالك ستحاسبين وعلى وزر معيشتك مع رئيسك ستصلخين .ليتك تبرأت منه قبل الرحيل ليتك سكبت الدمع دما وندمت على كلّ لحظة كان فيها مسكنه مسكنك ،ليتك ما رأيت البيت الأسود وما تعذّب قلبك بالوداع الأخير .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد