لماذا تريد السلطة تقنين المعلومة؟

mainThumb

17-02-2009 12:00 AM

  المعلومة في اليمن ، كيف يمكن تقنينها ، ولماذا يراد تقنين حق مشاع ، أو متاح، وكيف يمكن أن تؤدي حالة التقنين إن تمت أو وافقت عليها أغلبية حزب حاكم في برلمان متهالك ، لم يفد الشعب في شيء غير سن قوانين تزيد من فقره وجوعه ، وارتفاع قيمة لقمة عيشه ، وانسدادات حياته المخنوقة من كل الاتجاهات .
واستشراء الفساد، إلى جعل الصحفي في مأمن من القمع. ما هو دور نقابة الصحافيين اليمنيين وقبلها الأحزاب السياسية ، ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في إيقاف قانون سيدخل الوطن متاهة "اللايقين" حين تجد هداهد الكلمة والمعلومة ذاتها أمام قانون يمثل جدار عازلا أمام الحقيقة وضوءها ، والمعلومة ودورها في فضح ظلام الفساد ، والاستبداد ، وكيف يمكن ان تجد الشفافية طريقها في مكافحته وكشفه في ظل قانون صاغته أنامل المن القومي ، وتفننت في جعله أضيق من سم الخياط. إن المعلومة حين تقنن تتحول إلى إشاعة ، أو تصبح الحقيقة منقوصة ، أو تخفى ، ليظل الفساد محميا بقوانين أمنية تحجب الحقائق ، وتمارس ألاعيب الكيد الاشاعي الخطير بما يجعل الأمور ضباب لا يمكن أن يرى الناس من خلاله شيئا واضحا ، وإذا كان صراع الأمن السياسي والقومي قد أفضى إلى إخضاع الأول ودمجه في الثاني فإن هذا لا يعني انه بالإمكان أن يخضع الصحفي في حصوله على المعلومة لقوانين أمنية تستهدف طمس الحقائق وردم الهوة بين الحقيقة والمجتمع ، ليظل الفساد وجودا يتخلق بخفية ويتنامى بقوة ، في رحم قانون لم يكن سوى ساطور يذبح حرية الصحافة والرأي والتعبير ، وتداول ونشر المعلومة ، وإجهاز" مشرعن" لأنفاس الحقائق، في وطن أضحت فيه الحقيقة مطاردة وملغومة بالكثير من الزيف ، بفعل بواسل امن قومي لا يجيدون الاستبسال إلا ضد أروع وسائل التعبير والحرية ، والحقوق الدستورية .
إن العلاقة بين الصحفي والمخبر أضحت محكومة بجدلية صراع لا ينتهي ، وحين وجد المخبر الذي كرس وجوده لدفن الحقائق وإبقاءها مريجا من الزيف انه قد فشل لجأ إلى سن قانون يجعله محتكرا للحقيقة ، ومعاقبا على بثها في وسائل الإعلام دون أخذ الإذن منه ، ليعطي ذاته بعد ذلك حق القمع كقانون وافق عليه برلمان الشعب ..!!وهنا يقمع الشعب باسمه ، ويتحول إلى أضحية سهلة ، تترقبها أعين الأشاوس الشجعان حماة امن البلاد القومي ، ولا يدرك القومي انه بذلك يجعل أمن الوطن معرضا للخطر ، فكبت الحقائق واحتكار المعلومة ، ودس الشائعات ، يدخل البلاد قلب المتاهة ، فحين تصبح المعلومة محتكرة ، أو سلعة تباع في دكاكين الأمن 99% منها خاطئة و1% صح ، يتراكم الفساد ، وتبدأ أدواته تعمل على إنتاج أعقد المشاكل والأزمات ، وبذلك يحتار الناس بين الحقيقة وضدها ، ويصبح مكمن الفساد في مأمن من أن يرى أو يعاقب ، بل تحميه قوانين الأمن الصارمة التي تقف عائقا أمام حق الحصول على المعلومة وبثها ، ويعاقب الصحفي الذي لم يأتي بغير الحقيقة ، لأنه كشف كائنات الفساد ، ودل صانع القرار على مكمن الخلل في إدارته. إن لدي إحساسا كصحفي ومتابع ، أننا ربما سنعاني مرحلة عصيبة ، حال انعدام ممكنات تجاوزها ، لأن هذه المرحلة ستكون نتاج سلطة تم كشف أدوات عملها ، وتجميد ممكنات تبريراتها الفوضوية والقمعية ، والواجب أن يقف المدافعون عن حرية الصحافة والرأي والتعبير ، أمام هذه المرحلة ، وأن يكونوا على وعي تام بها ، بحيث يمتلكون أدوات تفكيكها ، وتجاوزها ، فمن لإيجابيات حرية الصحافة والرأي والتعبير أنها رغم ضيق متاحاتها أنها أعاقت أدوات السلطة الإرهابية واستخداماتها المختلة ، وأساليب عملها القمعي ، وأحرقت كروتها قبل أن تؤتي مفعولها ، وتم تعريتها قبل أن تصبح حالة يصعب التنبؤ بها وكيفية عملها، وأحزاب المشترك هي المعنية الأولى بذلك. فالسلطة ، ستصنع أدوات ربما جديدة ، تحاول من خلالها جعل القمع يبدو كما لو أنها بريئة منه..!! ، وهي قد تخلق أدوات أخرى ذات أساليب أخرى ، إنها من الخطورة بحيث أنها تستخدم الأزمات والأوضاع السيئة التي تنتجها في إنتاج أدواتها المختلة وتشرعن بعد ذلك لقمعها القادم . الإعلام يجب أن يكون حرا وحق المعلومة يجب أن يكون متاحا لا يحتاج إلى مرجعية قانونية وأمنية لنيله، وأن على أحزاب المشترك أن تدافع وبقوة ، على حرية الكلمة والصحافة والرأي وحملة الأقلام ، وان تعمل على توسيع هامشها ، وان التأكيد الدائم والمستمر على النضال بصيغته السلمية الرائعة ، وتفعيل دوره ، ضرورة ملحة في المرحلة القادمة ، لتجاوز أدوات التصفية وإرادة القمع تحت أساليب أخرى. *كاتب وصحافي يمني antwfe_25@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد