لغتنا هوية عروبتنا

mainThumb

20-02-2009 12:00 AM

لغة إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا بردا على الأكباد لا شك أنّ الحديث عن اللغة العربية ذو شجن خاص فهو الحديث عن الإبداع والفن والجمال، في لغة البيان والسحر، حيث قال عليه الصلاة والسلام : (إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة) ، فالبيان العربي كان وما زال وسيظل يأخذ بالألباب ويستثير الوجدان، ويبعث في النفس كوامن الإعجاب ويدعوها إلى التذوق والتأمل، ولقد حملت اللغة العربية عبر تاريخها الطويل تراثا خالدا من الإنتاج العقلي والوجداني ولا ننسى أنها اللغة التي كرمها المولى جل وعلا بأن انتقاها من دون لغات الكون لتكون لغة كتابه العزيز.

لقد تعرضت اللغة العربية لكثير من محاولات الوأد والتهميش والدعوة إلى نبذها والتخلي عنها بحجة واهية مفادها أنها تعجز عن استيعاب الكثير من مصطلحات العلوم والآداب.. وأنها باتت - كما يزعم الزاعمون- لا تستطيع أن تولد مصطلحات علمية جديدة.. ولا تستطيع ابتداع علوما معرفية جديدة وان تفتح آفاقا أكثر من ذاتها وبذاتها .. وعدم إمكانيتها كذلك على ترجمة العلوم التطبيقية وتدريسها باللغة العربية.

ولا أجد في هذا المقام أبلغ ردا على هذه الاتهامات مما قاله الشاعر حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية حين يقول: رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي وناديت قومي فاحتسبت حياتي رموني بعقم في الشباب وليتني عقمت فلم أجزع لقول عداتي ولدت ولما لم أجد لعرائسي رجالا وأكفاء وأدت بنـاتـي وسعت كتابي الله لفظا وغاية وما ضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني ومنكم وإن عز الدواء أساتي فلا تكلوني للزمان فإنني أخاف عليكم أن تحين وفاتي تتعرض اللغة العربية للتآكل في أكثر من موقع بدءا بمناهج تدريس اللغة العربية العقيمة غير المتطورة في المؤسسات التعليمية التي تفرز أجيالا لا تعير اي اهتمام للغة العربية ومرورا بطبقة المثقفين العرب الذين على ما يبدو أنهم أيضا في حالة اغتراب مع قواعد هذه اللغة ونحوها وصرفها .. ووقوفا مع العاملين في حقل الإعلام الفضائي والإذاعي الذين ينتهكون حرمات قواعد اللغة العربية في مراسلاتهم ونشراتهم وبرامجهم .

واللغة العربية من اللغات السامية القديمة الحية التي سايرت روح كل عصر ، والدليل ان القارئ العربي يستطيع ان يفهم اليوم ما كتب باللغة العربية منذ ألف وخمسمائة سنة، في حين لا يستطيع القارئ الإنجليزي مثلا فهم اللغة التي كان يكتب بها شكسبير منذ حوالي 400 سنة فقط. لغتنا اللغة العربية وماذا نراها نحن الآن؟ فقد ضعفت لأنها لم تجد لها نصيرا ولكن والله لن تضعف ولن تسيطر عليها اللغات الأخرى ما دام هناك سند لها ألا وهو القرآن.

لا أستطيع ان أصف الشعور الذي ينتابني عندما يتردد في خاطري الحال التي أوصلنا لغتنا إليها ، اللغة التي جمعتنا نحن العرب منذ آلاف السنين ، أهو شعور بالحسرة أم الحزن؟ ولكن مازال هناك الأمل في إنقاذها وكم أتمنى أن يتحرك الوعي لدينا جميعا فنقف متكاتفين، وما أجمل أن ننطلق من فهمنا بأن لغتنا هي هوية عروبتنا التي لا نرضى عنها بديلا ونجد الطرق والحلول المناسبة التي تحول دون فقدان هذه الهوية.

وأختم كلامي بقصيدة أعددتها بمناسبة يوم اللغة العربية إن جن قيس بليلى واغتدى شغفا بحبها فإنني أتوق عشقا بالتي سلبت قلبي لأكثر عشقا منه حبيبتي هي ما أعشق وما عشت الحياة ولن أرضى بآخرى ولو علت شانه حبيبتي لغة القرآن ابتهجي وهل تخافين أو تخشين نسيانا؟ فأنت النبع الذي يفيض علي لا مثيل له بأي نطق :جعلك الله قرآن مخلدا ابدى الآباد جوهره ودره فوق ما في الكون أثمانا والله يحميك من كيد العدا أبدا ومن أذى من يرى في الأرض شيطانا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد