تقويم المعوج بدل كسره

mainThumb

10-05-2009 12:00 AM

النسيج الاجتماعي وترابط العلاقات الاجتماعية والأسرية بشكلها القوي في المجتمع الأردني بكافة مكوناته يخلق أوضاعا اجتماعية تحتاج إلى المراجعة والتدقيق في الكثير من الأحيان.
فالمجتمع الأردني مترابط بشكل كبير لدرجة أن كل فرد فيه يعتبر نفسه مسئولا عن حماية المجتمع كله وبالتالي فانه يعطي لنفسه الحق في التدخل في كثير من الأمور التي لا تعنيه مما يعرضه للنقد وبالتالي الشعور بالمهانة لأن الآخرين لم يأخذوا برأيه على علاته واحتمالية صوابه أو خطأه.
فإن اشترى شخص سيارة ما على سبيل المثال فإنه سيجد القريب والبعيد ينتقد اختياره للنوع واللون والموديل والسعر ويدعي بأنه كان من الممكن أن يكون الاختيار أفضل لو استشار فلان من الناس. وان خطب شاب ما فتاة ما فستجد من يقول أنها قصيرة أو طويلة أو سمراء أو شقراء أو جميلة أو غيرها من الصفات وستجد من يدعي أن ابنة فلان كانت ستكون أفضل له لو أنه استشاره أو أخذ برأيه. وان تبرع احد الكتاب بكتابة كتاب ما عن منطقة من الأردن يبرز محاسنها فسوف ينتقده أبناء غيرها من المناطق ويتهمونه بالإقليمية والعنصرية و التحيز دون أن يتحرك احدهم للكتابة عن منطقته لإبراز محاسنها متناسيين أن كثرة الكتابة إثراء للكتاب وزيادة في المعرفة. وان تبرع نفس الكاتب للكتابة عن منطقة أخرى غير منطقته فسيجد من يتهمه بالتنطع لما لا يعرف وان عليه أن ينزوي إقليميا ولا يخرج من حيزه الجغرافي. ولو كتب نفس الكاتب عن الأردن بشكل عام لما اعفي من النقد أيضا وسوف يتهم بالنفاق وهز الذنب وغيرها من الصفات المحبطة التي تجعل الكثير من المبدعين يعزفون عن الكتابة وتجعل الفنانين المتميزين يخافون الفن نفسه، فكيف وأين يكون الحل؟
لماذا لا ننتقد من اجل التقويم وان نحاول تعديل المعوج بدل كسره؟ لماذا نجعل من أنفسنا رقيبا سيئا على تصرفات الآخرين ؟ لماذا ننصب أنفسنا أوصياء على غيرنا ونشعر بالمهانة إن قاموا بنفس الدور معنا؟ لماذا لا نوقد شمعة بدل أن نلعن الظلام ؟ دعونا نشعر بقليل من الاستقلالية وعلينا أن نشجع إبداعات كتابنا بدلا من إحباطهم وان نصفق عاليا لمن يبرز محاسننا ولو إقليميا وان نقتدي به ونبرز محاسن عاداتنا وتقاليدنا فلا يمكن أن يكون الناس جميعا سواء في عاداتهم وتقاليدهم وما لا يروقك قد يكون محبوبا ومقبولا عند غيرك وكذلك الأمر بالنسبة إلى عاداتك وتقاليدك ولكننا نبقى في النهاية أبناء نفس الوطن مهما تنوعت عاداته وتقاليده.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد