إنهم يسرقون الفرح ( على آثار تفجيرات عمان 2005 )

mainThumb

09-11-2009 12:00 AM

المعلمة : رابعة مصطفى المومني / الكويت

زينوا الساحات .... وافرشوا الارض فلا وياسمينا ها هو العريس يلبس بذلته البيضاء ..... وها هي العروس تضع اللمسات الأخيرة على تسريحة شعرها ....إنها ليلة فرح .....ليلة تزف فيها طيور القلوب وتغرد البلابل وتتلاقى الأرواح .... هيا ...هيا .... نظرت الأم لابنتها بفرح مغلف بالدموع :

تعالي يا حبيبتي .... أخيرا كبرتِ وأصبحتِ شابة يزدهي الشباب بك .... كوني يا بنيتي الفتاة المطيعة ،،، المحبة لبيتها وزوجها ... إن قلبك الكبير يجب أن يكون كثوبك الأبيض .... ردت بدلال الصبايا : حاضر يا أيها القلب المعطر بأريج

الحب والحنان .... أيتها الروح المحلقة مع أرواحنا أنى سافرت ... أفي دنيا الواقع كانت أم .... في دنيا الخيال ؟؟؟!!!

اجتمع الاب مع ابنه وقبل وجنتيه وقال : هذا يوم فرحي سأراك عريسا وأنت زين الشباب ، اصبر على الأيام .... وكن نخلة تعطي ولا يستطيع أحد النيل منها ..... كن نجمة تضيء الطريق للآخرين ولكنها عالية لا تطالها الأيدي .

اجتمع الحضور : بدأت الزفة ... بدأ المنشدون بلباسهم الأبيض :

عريسنا زين الشباب .....زين الشباب عريسنا

كانا كطائرين حطا في قفص جميل ....بدأت زغاريد الأمهات وأصوات الأناشيد الحنونة وبدأ الغناء....

طب الفرح دارنا ..... يا مين يهنينــــا

والمبغضين أبعدوا ....عنا ولا جونـــــا

ويستمر الغناء والزجل .... عريسنا زين الشباب ..... زين الشباب عررر .....

ما هذا ؟؟؟؟ أصوات دمار ، خراب ....موت ..... أشلاء .... تلطخ الثوب الأبيض بالدماء ....

والناس.... أين الناس ؟؟؟؟؟!!!! أين الوالد الحاني ؟؟؟؟!!!! أين الأم العطوفة

؟؟؟؟!!!! أين عمي؟؟ أين خالي؟؟ أين صديقي؟؟ أين ضحكة الأطفال ؟؟؟؟

أين فرح الصبايا وأهازيج المساء ؟؟؟؟ أين ؟؟؟ أين ؟؟؟ أين ؟؟؟...

هل قتلت الطفولة ، واستُبيح الحنان على نصاب سكين الغدر ؟؟؟...... هل

ماتت الفرحة وانطفأ سراج الحب ؟؟؟؟؟ هل اتشحت الدنيا بالسواد ، وتلبدت

بها غيوم الضغينة والأحقاد ؟؟؟ !!!!..

نعم لقد ضاع الفرح .... وانتصر الحقد ..... نعم لقد ضاع الحنان بين براثن الموت ..... وانقرض الحب بين أنياب القتل ،وسفكت دماؤه على قارعة الطريق

.....نعم لقد صار القتل لعبة الأبطال .... وفرحة القساة .... يذبحون الافراح في

مذابح الأحقاد .... ويستبيحون محارم النفوس .....

تغيرت سمفونية الفرح ، وأهزوجة الحياة وبدأ المنشدون بلباسهم

الأسود : ...

طب الحزن دارنا ................يا مين يعزينـــــا

والمبغضين قربوا ............... عنا وهدونـــــــا

هذه هي قصة ذكرى أعوام مضت ، ذبحت فيه الأفراح ..... وقتلت فيه البراءة ....وأصبح الفرح حزينا .... وأصبح الحزن عريسا ...والمصيبة عروسا ...... واختنقت البسمة .............وغابت من ذاكرتنا أحداثالفرحة وطبعت فيها

الآلام ...... لا نتذكر في ذلك اليوم إلا لونين ......

الأحمر ...... و........الأسود ......

إنهم لم يسرقوا الفرح وحسب ......

بل لقد قتلوه وذبحوا معانيه العظيمة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد