انَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا

mainThumb

27-03-2010 04:16 PM

 بسم الله الرحمن الرحيم

انَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا

رياض الربابعة

الناسُ في صورة التمثال أكفاءُ أبوهم آدمٌ والأمّ حواءُ
فإنْ يكن منهمُ في أصله شرف يفاخرون به فالطين والماءُ
ما الفضل إلاَّ لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاءُ
وقدر كلّ امرئٍ ما كانَ يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداءُ

قد لا يكون لائقا أن أمدح المعلم أو أن أكيل له عبارات الثناء؛ لأن شأن المعلم عظيم ولا يحتاج دليلا لأثبات مدى ما قدمه ويقدمه للأجيال ؛ لا ننكر فضل المعلّم فلسنا من الجاحدين؛ فالمعلم فضله عام علينا جميعا؛ الأجداد والآباء والأحفاد ومن سيأتي من أجيال لاحقة؛ هو من يعلمنا أبجدية الحرف ويأخذ بأيدينا فيخرجنا من ظلمات الجهل الى نور العلم والحقيقة
.
لقد تربى جيلنا على فضيلة تلاشت اليوم أو تكاد؛ تلك الفضيلة هي احترام المعلم وتبجيله؛ من غير أن نلمح أي أثر لتبرم معلم أو امتعاظ طالب مما كان يجري آنئذ؛ فقد كان المعلم محترما لا من الطالب فحسب بل ومن الأهل والمجتمع برمته من غير أن يستجدي المعلم احترام أحد؛ فهذا واقع لم نسمع به من أحد بل عشناه ليتحول اليوم الى مجرد حكايات قديمة نتحدث بها أو نحّدثها لأبنائنا تحت عنوان

" كان يا ما كان ".
قال أمير الشعراء أحمد شوقي بيتا نحفظه جميعا

:
قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلّم أن يكون رسولا

فعارضه حافظ ابراهيم بقصيدة رائعة يقول فيها

:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي قم للمعلم وفّه التبجيلا

اقعد فديتك هل يكون مبجلاً من كان للنشء الصغار خليلا

ويكاد يقلقني الأّمير بقوله كاد المعلم أن يكون رسولا

لو جرّب التعليم شوقي ساعة لقضى الحياة شقاوة وخمولا

حسب المعلم غمَّة وكآبة مرآى الدفاتر بكرة وأصيلا

مئة على مئة إذا هي صلِّحت وجد العمى نحو العيون سبيلا

ولو أنّ في التصليح نفعاً يرتجى وأبيك لم أكُ بالعيون بخيلا

لكنْ أصلّح غلطةً نحويةً مثلاً واتخذ الكتاب دليلا

مستشهداً بالغرّ من آياته أو بالحديث مفصلاً تفصيلا

وأغوص في الشعر القديم فأنتقي ما ليس ملتبساً ولا مبذولا

وأكاد أبعث سيبويه من البلى وذويه من أهل القرون الأُولى

فَأَرَى

( حِمَارَاً ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه رَفَعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولا
لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتهُ انَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا

في الماضي كنا نصطف في بداية الدوام الدراسي؛ يقوم المعلمون بالتفتيش على أظافرنا ومحارمنا القماشية وعلى نظافتنا وطول شعرنا؛ واليوم نسمع أن الأمور تحولت الى نقد للمعلمين أنفسهم وأنهم

- ربما - يحتاجون الى من يقوم بالتفتيش عليهم : على أظافرهم وذقونهم وغير ذلك مما يشوّه صورة المعلم في انقلاب الصورة وتحوّل الحال الى الضد .
لست أدري ما سبب تسارع الأحداث في مدارسنا لتصل الى هذا الحد؟ ففي الماضي لم تكن للمعلمين نقابة مثلما هو حالهم اليوم؛ وفي الماضي لم تكن رواتب المعلمين أفضل مما هي عليه اليوم مقارنة مع نظرائهم ومع مستوى الحياة ؛ اذن فما سبب أو أسباب كل ما نرى ونسمع من أحداث؟

أعتقد أن سلسلة أجراءات تكبيل أيادي المعلمين بالقوانين والأنظمة هي السبب الأكبر في كل ما يجري؛ فالمعلم مطالب بكل شيء من غير أن يسمح له بنظرة قاسية لطالب لا يريد من المدرسة الا أن تكون له مهربا وملاذا عن عيون الأهل؛ وواجب المعلم أن يستوعب مثل هذا دون أن ينبس ببنت شفته لأنه في دائرة الأتهام

.
علينا جميعا أن نعترف أن هيبة المعلم لم يعد لها وجود عند الطالب؛ وبأن الكرت الأصفر أو غيره من الألوان لن تعيد للمعلم هيبته ولن تعيد لأعيننا صورته المشرقه؛ اذ لا بد من أعادة ترتيب الأوراق دون ظلم أو أجحاف بالمعلم أو الطالب أو العملية التربوية

.
أخشى ما نخشاه أن يصل الطالب الى وضع لا يكترث فيه بالدراسة والتعلم يقابله بنفس الوقت عدم أكتراث المعلم بالطالب والتدريس لتصل العملية التربوية الى مرحلة الموت السريري

.
نعم نحتاج الى أن نسارع الى أنقاذ مدارسنا بمعلميها وطلابها لئلا نخسر كل شيء لا قدّر الله



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد