معلمون أمام القضاء

mainThumb

11-04-2010 06:56 AM

 لا أدري إن كان هناك مواد خاصة تضبط التعامل بين الطالب والمعلم في القانون ولا أقصد قانون التربية الذي فصّل العقوبات التي قد تقع على الطالب أو على المعلم، وكلها تتعلق في التعليم للطالب والوظيفة للمعلم وهي ليست عقوبات كعقوبات القانون العام الذي يطبق على المجرمين، وأرى أنه من غير المعقول أن يطبق القانون العام على المعلم الذي قد يقع منه خطأ أو يتعرض لحادثة أثناء قيامه بعمله في غرفة الصف أو في المدرسة.

يجاهد مهنيون كثير في كف يد القضاء عنهم في حال أدائهم لعملهم، كالصحفيين الذين حاربوا ما يسمى بجرائم الرأي، إذ أنهم يتعرضون لهذا الوصف جراء ممارستهم لأعمالهم التي تفرض عليهم القيام بمثل هذه الأفعال التي يريد القانون أن لا يقوموا بها. فلماذا إذا تعلق الأمر بالمعلم صار جريمة والمعلم مجرما، لأنه قد يصدر منه تصرف أثناء تعامله مع عشرات أو مئات الطلبة ويحدث منهم آلاف الأفعال لكسر النظام، وعدم تمكين المعلم من أداء عمله، بل قد يعتدون عليه بكل صور الاعتداء اللفظية والمادية والنفسية مما لا يتحملها آباؤهم.

وعندما يخرج المعلم عن طوره ويرتكب حادثة ما بحق طالب قد يكون مدفوعا لها دفعا جراء الضغط النفسي وضغط العمل القاسي، أو تكون ردة فعل منه سريعة على اعتداء أحد الطلبة، يعامل معاملة مجرم أضمر الشر وترصد الضحية وقام بجريمته.


المعلم لم يتعرض للطالب في الشارع وضربه، وليس بينه وبين الطالب عداء، وليس هناك ندية في الموضوع أصلا، ولا يَعتَبِر المعلم قيامه بأي فعل تأديبي للطالب انتقاما أو اعتداء على طفل بريء، بل محاولة لتعديل سلوك لم يفلح بتعديله بوسائل تربوية، وقد تكون هذه القسوة أحيانا منتهى الرحمة بالطالب لكي يبعده عن طريق انحراف أو يبني له مستقبلا زاهرا، وحتى ولي أمره إذا لم يفلح في تعديل سلوكه يلجأ للقسوة بأي أشكالها، أما إذا لم يرد الطالب ووليه تعديل سلوكه ويريد من المعلم القيام بعمله دون الاصطدام به وهو يضع العراقيل في طريق العملية التربوية بأي شكل، ويحاول ثني المعلم عن التدريس الذي هو عمله، دون أن يتعرض لتأنيب جسدي أو لفظي أو نفسي، وإذا حصل ذلك فوزارة التربية هي التي تحاسب المعلم لا القضاء.


فهل يجوز أن يبقى القضاة في المحاكم ينظرون إلى المعلم على أنه معتد مع أن قصد الإيذاء غير موجود، وخاصة في القضايا التي لا يوجد فيها إيذاء واضح أو يكون الإيذاء مفتعل من أجل محاسبة المعلم على إسداء النصيحة للطالب ووليه، وهل يجوز إلقاء المعلم في أتون مشتعل من الاستفزاز والتوتر مع فشل كل وسائل الضبط الحديثة، التي تستند إلى نظريات تربوية قد لا تلائم بعض الأوساط مع تخلي البيت عن دوره ومنع المدرسة من أداء دورها، وانفلات الطالب الذي تعلق بكل شيء يراه حوله من مشتتات ونسي التعليم.


وكيف يُطلب من معلم إحداث تغيير ايجابي في سلوك المتعلم مع وجود حرية مطلقة غير مضبوطة يدعمها القانون وتجد دعوات داخلية وخارجية تغذي التمرد على الالتزام والنظام، ومعلم مكبل بنفس القانون الذي منح الحرية للطالب، مع أن التعليم يلزمه الالتزام والنظام والخضوع من قبل المتعلم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد