ديمقراطية بلاوعي: فوضى بأسم الحرية
كثيرًا ما يُروَّج في عالمنا العربي للديمقراطية باعتبارها الحل السحري لجميع مشكلاتنا السياسية والإجتماعية ، وكأن مجرد إقامة انتخابات دورية كفيل ببناء دولة حديثة قوية، غير أن هذا الفهم السطحي والمستورد للديمقراطية قد أوقعنا في مشكلات أعمق، وخَلق حكومات هشة، ومجالس تشريعية مشوشة، ومجتمعًا متنازعًا بين حرية غير مسؤولة، وقيم تنهاروتنحدر تحت وهم الحداثة.
الديمقراطية في جوهرها تختلف تمامًا عن مبدأ الشورى الذي هو من ثوابت الإسلام وأخلاقياته. فالشورى تقوم على التشاور مع أهل العقل والخبرة، الذين يخافون الله ويحرصون على مصلحة الأمة والوطن، لا على كسب أصوات الجاهلين أو إثارة العواطف والغرائزن في حين أن الديمقراطية الغربية تعتمد على الكمّ لا الكيف، فصوت الجاهل يُساوي صوت العالم، وصوت صاحب المصلحة المُتنفّع يساوي صوت الوطني الحر المخلص، ما يفتح الباب لوصول غير المؤهلين إلى مراكز صنع القرار، فقط لأنهم استطاعوا كسب أغلبية الأصوات، بأي وسيلة كانت.
هذه الديمقراطية المستوردة لا تتلاءم مع بيئتنا الثقافية والاجتماعية، لأننا لم نُؤسس بعد لثقافة ديمقراطية واعيه حره حقيقية، فمعظم الناس يصوّتون بدافع قبلي أو جهوي، ويغيب الوعي السياسي الناضج عن شريحة واسعة من المجتمع. كما تسود المحسوبيات والولاءات الضيقة، ويتفشى المال السياسي لشراء الأصوات والتأثير على نتائج الانتخابات، في ظل غياب قوانين صارمة أو رقابة فاعلة، هكذا تتحول الديمقراطية من وسيلة لبناء الدولة إلى أداة لهدمها من الداخل.
ولعل أبرز انعكاسات هذا الخلل تظهر في المجالس المنتخبة، وعلى رأسها مجلس النواب الأردني، الذي يعاني من تشوّه وغياب الانسجام، وكثرة المهاترات، وضياع الوقت في السجالات العقيمة التي لا تخدم المواطن ولا تعزز هيبة الدولة. بدل أن تكون هذه المجالس منابر للعقل والحكمة والتربيه الوطنيه والقيم الانسانيه للسياسيه الاخلاقيه، أصبحت منصات للانفعال وتظاهرات الولاء، والمصالح الضيقة، والعرض الإعلامي. وتتفكك هذه المجالس إلى كتل جهوية متصارعة، لا تملك مشروعًا وطنيًا مشتركًا، بل تسعى كل جهة إلى فرض رؤيتها بمنطق القوة لا الحجة، والولاء لا الكفاءة.
هذا الواقع يفرز حالة سياسية متوترة، تضرب هيبة الدولة، وتفقد المواطن ثقته بالمؤسسات المنتخبة، وتدفعه إلى العزوف عن المشاركة السياسية ومنادة البعض بحل المجلس، لأنه لم يرَى نتائج ملموسة تُحدث فرقًا في حياته. كما أن هذه الفوضى تضعف الرقابة البرلمانية على أداء الحكومة، فتُترك السلطة التنفيذية دون مُساءلة حقيقية، ما يُعمّق الفساد، ويُفرغ الديمقراطية من مضمونها.
وفي ظل هذا الانحدار في البنية السياسية، تظهر أزمة أخرى أكثر خطورة: الحرية غير المنضبطة. ففي الديمقراطية الغربية، الحرية مطلقة، لكنها محكومة بثقافة وقانون مستقر. أما في مجتمعاتنا، فحين تُمارَس الحرية دون ضوابط دينية أو أخلاقية، تصبح وسيلة لانهيار القيم، وانتشار قلة الحياء، والجهر بالمعاصي، وإثارة الفتن بين الناس. نرى البعض يهاجم الثوابت باسم حرية التعبير، أو يُسيء للأخلاق العامة باسم الانفتاح. بينما الإسلام لا يعارض الحرية، بل يضبطها بضوابط تحفظ للمجتمع تماسكه، وتمنع الضرر، وتربط الحقوق بالواجبات.
إن السؤال الذي يجب أن نطرحه بجدية اليوم: هل الديمقراطية – بصيغتها الغربية المستوردة – هي الخيار المناسب لمجتمعاتنا؟ أم أننا بحاجة إلى بناء نموذج خاص، مستمد من قيمنا، يقوم على الشورى الحقيقية، والحرية المسؤولة، والعدالة التي لا تساوي بين الفهيم والجاهل البليم، وبين الوطني والمصلحي؟
ما نحتاجه ليس استيراد أنظمة جاهزة لا تناسبنا، بل بناء وعي سياسي حقيقي، وتربية مجتمعية عميقة، وبناء مؤسسات وطنيّة شفافه نزيهة، تفرز القادرين على حمل أمانة الحكم والتشريع. فالديمقراطية ليست صندوقًا انتخابيًا فقط، بل منظومة ثقافية وقيمية، إن لم تكن متجذرة في الأرض التي تُزرع فيها، فإنها ستثمر فوضى لا بناء، وصراعًا لا استقرار فديمقراطية بلا وعي ولا بنية، حلقة مفرغة، ننتخب فيها الفوضى باسم الحرية، وننتج الضعف باسم الإصلاح.
شيرين عبد الوهاب متهمة بالتزوير
ريادة الأعمال .. مهارة الجيل الذهبي
أنشطة متنوعة في عدد من المحافظات
تهنئة لـــ محمد حرب بشير اللصاصمة
تهنئة لــــ للدكتور حسن المومني
حكومة غزة ترفض اتهام حماس بنهب المساعدات
إربد تحتفي بذهبها الأحمر في مهرجان الرمان .. صور وفيديو
تنظيم أمسية القدس في عيون الهاشميين بمعان
انطلاق الجلسات التحضيرية للقمة 13 لصانعي الألعاب الإلكترونية
رسمياً .. افتتاح المتحف المصري الكبير
تكريم طاقم دورية أنقذ أسرة من حريق مركبة
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن .. تفاصيل
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات .. فيديو
أسباب ظهور بقع حمراء على الجلد مع حكة
وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً .. أسماء
التربية: دوام المدارس المعدل الأحد .. والخاصة مستثناة
فوائد مذهلة للقرنفل .. من القلب إلى الهضم والمناعة
عقوبة مرور المركبة دون سداد رسوم الطرق البديلة
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات موظفين حكوميين .. أسماء
محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب .. صور
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية في وزارة التنمية .. أسماء
مأساة سوبو .. ظلم مُركّب في أميركا
أسرار الحصول على خبز هش وطري في المنزل
الكلية العربية للتكنولوجيا تنظم ورشة عن إدارة العمليات السياحية



