البنوك الأردنية بين نمو المؤشرات وهشاشة المجتمع
الائتمان البنكي، من حيث المنطق الاقتصادي، يفترض أن يعمل كرافعة للنشاط الإنتاجي وتحسين مستوى معيشة المواطنين. لكن الأرقام في الأردن تشير إلى أن إجمالي تسهيلات الأفراد في 2024 بلغ 14.035 مليار دينار، منها للذكور 11.32 مليار دينار، وللإناث 2.7 مليار دينار، ما يجعل نسبة قروض الإناث حوالي 19.2% فقط من إجمالي القروض، وهو ما يعكس محدودية وصول التمويل إلى الأفراد مقارنة بحجم القطاع ككل، ويشي بأن الائتمان ليس دائمًا أداة تمكين فعّالة للمواطن العادي.
رغم أن نسبة الديون المتعثرة في القطاع البنكي تبلغ 5.6%، وهي ضمن “المستويات الآمنة” حسب المعايير الدولية، إلا أن هذا الرقم لا يقلل من العبء المالي على الفئات التي تعتمد على الائتمان لسد احتياجاتها الأساسية، ما يجعل التمويل البنكي عامل ضغط طويل الأمد أكثر منه مصدرًا للفرص. كما أن التفاوت الاجتماعي في الوصول للتمويل يظهر بوضوح في ودائع الأفراد: من إجمالي 30.7 مليار دينار ودائع، تمثل للذكور 21.9 مليار دينار، وللإناث 8.8 مليار دينار، أي أن نسبة ودائع الإناث تصل إلى 28.7%، ما يعكس قيودًا أوسع على الوصول العادل للتمويل.
منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، شهد الأردن ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات البطالة نتيجة تفاعل عوامل داخلية وخارجية؛ من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إلى الصدمات الإقليمية، وصولًا إلى محدودية فرص الاستثمار المحلي. في هذا السياق، لعب القطاع البنكي دورًا مركزيًا لكنه محدودًا: فبينما حقق القطاع مؤشرات قوية من حيث الاستقرار والربحية، لم يترجم هذا النمو إلى رافعة حقيقية لتوسيع فرص العمل. ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، التي تجاوزت في السنوات الأخيرة مستويات 6–7%، جعل من تكلفة التمويل عالية على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأحد الأسباب التي جعلت البنوك غير قادرة على تنشيط الاقتصاد بما يكفي لتقليل البطالة. بهذه الصورة، يظهر أن البنوك ليست السبب الوحيد للبطالة، لكنها ليست محركًا كافيًا للنمو التوظيفي أيضًا؛ فهي تحقق الربحية والاستقرار المؤسسي، بينما تبقى قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل محدودة مقارنة بقدرات القطاع.
في المقابل، تبقى مؤشرات الربحية البنكية قوية نسبيًا؛ إذ بلغ معدل العائد على حقوق المساهمين 9.1% في 2024، ما يشير إلى أن البنوك تواصل توليد عوائد مرتفعة، بينما لا يتوازى ذلك دائمًا مع تحسن مماثل في القدرة الشرائية للطبقة الوسطى أو توسع الأفراد في أنشطة إنتاجية مربحة.
على مستوى الاستقرار المؤسسي، فالموجودات المصرفية تمثل 184.4% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما بلغت نسبة كفاية رأس المال 18%، أعلى من المتطلبات العالمية، ما يعكس قدرة البنوك على تحمل الصدمات المالية بدرجة جيدة. كما أن القطاع يساهم بحوالي 8% من الناتج المحلي، ويُنجز تأثيرًا مضاعفًا على الاقتصاد، حيث يولد كل دينار يُنفق فيه نحو 1.5 دينار في النشاط الاقتصادي الوطني.
إضافة إلى ذلك، فإن البنوك تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ فقد قفز تمويل هذه الشركات من 1.98 مليار دينار عام 2016 إلى 3.18 مليار دينار عام 2022، ما يعكس توجهًا نحو تعزيز النشاط الإنتاجي. كما أظهر القطاع تركيزًا واضحًا على التحول الرقمي والشمول المالي، مع انطباعات إيجابية أو محايدة من الجمهور تصل إلى 96% فيما يتعلق بجودة الخدمات المصرفية الرقمية.
رغم هذه المؤشرات الرسمية الإيجابية، يبقى هناك سؤال جوهري: هل نمو القطاع المصرفي وتحسن مؤشرات الربحية والاستقرار والتركيز على التحول الرقمي تترجم إلى تحسن حقيقي في حياة الأفراد وقدرتهم على البناء الاقتصادي والاجتماعي؟ الفجوة في توزيع الائتمان، وعبء الديون على الأسر، والتفاوت في الوصول للتمويل بين الجنسين، تشير إلى أن البنوك تعمل في كثير من الأحيان كـ آليات للحفاظ على الاستقرار المؤسسي والربحية أكثر من كونها أدوات فعّالة لتمكين المواطن العادي.
من منظور فلسفي، الزمن في النظام المالي لا يعمل كجسر للاندماج الاجتماعي، بل كعامل يعمّق التفاوت الطبقي: كلما طال أمد الدين، زادت تكلفة الاستدانة على الأفراد، بينما يظل القطاع البنكي محافظًا على معدلات الربحية والاستقرار. وهنا يبرز التناقض: البنوك تُقرأ كقوة تقدمية في الاقتصاد الكلي، لكنها في العمق تُظهر هشاشة النظام الاجتماعي وإمكانات محدودته عندما يتعلق الأمر بتقاسم الفوائد الاقتصادية بشكل عادل.
إذا أردنا أن نحوّل هذا القطاع من عامل قيد اجتماعي إلى رافعة حقيقية للتنمية الشاملة، فالثقة في مؤشرات المؤسسية وحدها لا تكفي. المطلوب إعادة توجيه الائتمان نحو الأفراد والقطاعات الإنتاجية بصورة أكثر عدالة، وفتح آفاق تمويلية تراعي الفوارق الاجتماعية والجندرية، وتبني أدوات رفاهية مالية تتجاوز مجرد الربحية المؤسسية، لتستثمر في قدرة المجتمع على النمو والازدهار.
ولّعت .. خلافات شيرين وشقيقها إلى العلن مجدداً
ترامب يوقع قرارًا جديدًا يقيّد دخول مواطني دول عدة إلى الولايات المتحدة
مجلس الأمن يناقش القضية الفلسطينية
الأردن يطلق نظاما وطنيا لإعادة تدوير مواد التعبئة والتغليف
تأخير الدوام المدرسي في تربية البادية الجنوبية ليوم الأربعاء
"أوقاف معان" تطبق نظام الأذان الموحد في 240 مسجداً
إضاءة شجرة عيد الميلاد في كنيسة سيدة الجبل بعنجرة
برميل النفط الأميركي دون الـ55 دولارا لأول مرة منذ 2021
تعليمات صرف الدواء ونقله عن بُعد لسنة 2025 .. تفاصيل
إصدار نظام ترخيص مزودي خدمات الأصول الافتراضية
إصدار عملة تذكارية بمناسبة التأهل إلى كأس العالم 2026
البنوك الأردنية بين نمو المؤشرات وهشاشة المجتمع
مجلس الوزراء يحيل وينهي خدمات موظفين .. أسماء
التلهوني: تطوير خدمات الكاتب العدل إلكترونيا لتسهيل الإجراءات على المواطنين
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء
أخطر الكتب في التاريخ .. هل تجرؤ على قراءتها
وفاة مشهور التواصل السعودي أبو مرداع بحادث مروع
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
البدء بإنتاج أول سيارة كهربائية طائرة
ارتفاع جنوني في أسعار الذهب محلياً اليوم
وظائف شاغرة في وزارة الصناعة والتجارة .. تفاصيل
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
الخطاطبة رئيسًا لجمعية أطباء العيون
التربية تستغني عن 50 مدرسة مستأجرة
الزراعة: 451 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني 25
سعودية تُعلن نفسها أميرة المؤمنين وتدعو لمبايعتها
مجلس النواب يصوت على الموازنة .. الخميس
اليرموك: مبادرة من "كلية الشريعة" لتعزيز القيم في المدرسة النموذجية
انتهاء التقديم على البعثات والمنح والقروض الداخلية للعام الجامعي 2025-2026



