" الممارسات والقناعات "

mainThumb

21-04-2010 04:22 AM

 

بسم الله الرحمن الرحيم


" الممارسات والقناعات "


لعل من أبرز ما نواجهه في حياتنا على المستوى الفردي هو هذا التباين الحاد بين ممارساتنا وقناعاتنا؛ ذلك أن قناعاتنا لا تتفق في كثير من الأحيان مع ممارساتنا أو بتعبير أدق مع ما نضطر الى ممارسته بصورة أو أخرى؛ وفي الجهة المقابلة قد نمارس أفعالا لسنا مقتنعين بها بأي شكل من الأشكال؛ ونسميها بمسميات شتى كالضرورات مثلا أو مجاراة الآخرين في المجتمع كهروب أو تهرب من المسؤولية.



في الدراسة يخفق هذا الأبن لأنه ليس مقتنعا بأن يكون في الفرع العلمي مثلا ولا تؤهله أمكانياته الذهنية أو العقلية لذلك؛ لكنه ونزولا عند رغبة الأهل يضطر للتوجه الى رغبة أهله دون أدنى قناعة بما يمارس.أبن آخر لعائلة أخرى توجهاته أدبية؛ لكن الأهل يريدونه مهندسا أو طبيبا لأن وقع هذه الكلمة على آذانهم أجمل بكثير من أية دراسة أخرى؛ فيضطر هذا الأبن الى التنازل مرغما عن كل طموحاته وآماله لأرضاء الأهل.



وفي الزواج قد يكون الأبن أو البنت أحيانا هم آخر من يسمع لهم الرأي في اختيار شريك الحياة؛ فزوجة الأبن لأعتبارات كثيرة بنظر الأهل يجب أن تكون موظفة دون النظر الى مواصفات أخرى يطلبها الأبن أكثر من المال أو الوظيفة؛ وعريس البنت المرغوب يجب أن يكون بمواصفات قياسية وشروط تعجيزية في المهر وطقوس الزواج ثم ما نلبث بعدها أن نتباكى من العنوسة وشرورها.




في مثل هذه الحالات الفشل هو النتيجة الأكثر توقعا؛ فالطالب ذو الأتجاهات الأدبية لن يفلح في التخصصات العلمية أو العكس؛ وأن نجح فسينعكس تخصصه المستقبلي على الآخرين.والزواج برغبات الأهل وشروطهم قد يتوج بالفشل والطلاق وسيلحق الأذى بالأبناء ممن لا ذنب لهم في كل ما يجري حولهم.

في الوظيفة والعمل قد لا تكون مقتنعا بمديرك لكنك تضطر الى أن تمدحه ليل نهار ليرضى منك ولكي تحصل منه على أبسط حقوقك الوظيفية كغيرك من الموظفين.



الدراسة والزواج أمور مفصلية يجب أن يختارها صاحبها بقناعاته هو ليتحمل كل التبعات والمسؤوليات في ذلك؛ والأهل مدعوون دائما لمزيد من حرية اختيار أبنائهم لما يرونه مناسبا؛ وواجبهم التوجيه والأرشاد دون الحاجة لفرض الرأي بالقوة؛ كما ويجب أيضا أن يدرك الأهل- ولا أعمم هنا – أن الأبن لم يعد صبيا صغيرا لا يقدر على التمييز والأدراك .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد