(بدك تدفع الرهنية ولا تشربها هون؟؟؟؟)

mainThumb

05-06-2010 06:38 AM

 هذا سؤال قد تعرض له الأغلبية ممن أكملوا العقد الرابع من العمر وأكثر ليس على لسان شرطي من شرطة البيئة بل على لسان صاحب دكان صغير أمام المدرسة، فقد كان ذي الحظ الوافر من جيل العقد الرابع وصاعداً إذا حصل على مصروفه الصباحي للمدرسة يدسه في جيبه حتى انتهاء الدوام، ويتوجه بلهفة إلى صاحب الدكان ويتزاحم على طلب زجاجة كازوز، فيبادر صاحب الدكان بالسؤال: "بدك تدفع الرهنية ولا تشربها هون؟؟؟؟".




إذا كان ذو حظ وفير ويسمح له مصروفه بدفع الرهنية التي لا تتعدى ثمن زجاجة الكازوز، فيستطيع الابتعاد قليلاً عن باب الدكان مع الزجاجة، أما إذا كان يملك ثمنها فقط فأمامه خيارين: إما أن يقوم صاحب الدكان بفتحها وإفراغ ما بداخلها بكيس نايلون يقوم الشخص بعدها بنتشه بأسنانه والمص من الثقب الصغير في أسفل الكيس، أو الاصطفاف في الدور أمام الدكان التي عُلِق على حافة بابها خيط مصيص أخضر مدلى بآخره مفتاح كازوز حديد، يشربها ويؤكد لصاحب الدكان أنه أعادها للصندوق بعد الانتهاء حتى يثبت أمام الجميع نزاهته وأمانته.




لم أقم بسرد هذا المشهد حتى يتخيل القارئ نفسه في أحد المسلسلات التراثية بل لأصل معكم إلى حل لمشكلة الزجاجات الفارغة التي تٌلقى على جوانب الطرقات دون رهنية تُطلب أو صندوق فارغ تُعاد إليه، فقد شاهدت العديد من طلاب المدارس الذين قاموا بالرهان على تفتيت هذه الزجاجات إلى أصغر ما يمكن حتى يثبت الواحد منهم مهارته، وأشخاص قاموا بحمل أكياس فارغة في محاولةٍ لجمعها وإعادة بيعها أي الحصول على الرهنية بطريقة أخرى.




 لا أنسى أبداً مهما تقدم بي السن اليوم الذي سافرت به إلى إحدى الدول الخليجية وكنت آنذاك في الصف الخامس، عندما ذهبت في نزهةٍ إلى البحر وشاهدت ثلاجة قد وضعت على الشاطئ ما عليك إلا وضع النقود وكبس الزر حتى تسقط زجاجة الكازوز لتشربها وترميها، ثم يأتي عامل النظافة ويجمعها. نسيت البحر ونسيت أن أجمع الأصداف وانشغلت في التفكير بخطة أجمع بها الزجاجات الفارغة وأدسها بين ثيابي لأعيدها لصاحب الدكان ليعطيني النقود.




 حلمتُ للحظة أنني سأجمع ثروة طائلة من هذه الزجاجات، وأحلم الآن بحلم أكثر واقعية بأن يكون كل شخص منا جزءاً من الحل بدلاً من أن يكون جزءاً من المشكلة، فالعواقب الاقتصادية والتلوث البصري من هذه الزجاجات الفارغة لا يمكن أن تكون شرطة البيئة هي وحدها المسؤولة عن مكافحته، فلا يمكن أن يوضع شرطي على جانب كل طريق، بل يجب أن يكون كل شخص شرطي بيئة على نفسه، أو أن تعمل الشركات المصنعة للمواد المباعة في علب زجاجية بعروض خاصة، كأن يحصل الشخص المشتري على خصم خاص إذا أحضر بعض العلب الزجاجية الفارغة من هذا الصنف، وغيرها من الحلول التي قد تخفف من هذه الظاهرة ربما يكون أحد الأطفال ضحية لشظاياها المتطايرة أثناء اللعب بها.




قد تستحق هذه الظاهرة النظر إليها بجدية أكثر في وقتٍ قد كثر به الحديث عن البيئة، وخصص لها شرطة خاصة تسمى (شرطة البيئة) و (وزارة للبيئة)، ولهم منا كل الاحترام، وليت زمن الرهنية على الزجاجة والصندوق يعود حتى تختفي هذه الظاهرة الزجاجية.




أتمنى من كل شخص أن يغتنم (يوم البيئة العالمي) لإعادة تشكيل علاقته مع البيئة من حوله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد