بيوت بلا أمهات

mainThumb

19-08-2010 07:39 AM

 
أب وأطفال صغار يتحلقّّون حوله في يوم رمضاني ؛ منهم من جاهد نفسه على التغلّب على رغباته في الطعام والشراب والخروج فائزا؛ يضع أمامه تفاحة وكيس شبس وقطعة حلوى؛ يحملّق فيه طويلا ويكاد يمد يده الى التفاحة أو كيس الشبس فتثنيه عن ذلك أخته وتذكّره بأنه صائم؛ وطفل أصغر منه صام الى الظهيرة ولم يعد يقوى على مواصلة المشوار فأنهك جسده الغض جوع وعطش أجبرانه على أن يتوقف مكرها عن مواصلة الصيام؛ وأب يقف حينا ليطل من النافذة ويجلس حينا آخر؛ تبدو عليه ملامح القلق والأضطراب فتسأله طفلته الصغرى وقد طوّقت عنقه بيديها الغضتين: أين أمي يا أبي؟؟



سؤال يدوي في أرجاء المكان فينضم بقية الصغار لسؤال أبيهم نفس السؤال؛ والأب يتلكأ في الجواب فهو مثلهم لا يعرف سببا لتأخر الأم هذا اليوم رغم أنه أول أيام هذا الشهر الفضيل.



يكاد الصغار ينسون حرقة الجوع في أحشائهم ومرارة العطش التي رسمت شقوقا فوق شفاههم وهم يرقبون وصول أمهم ؛ يحاول الأب تهدئة خواطرهم بأنها مجرد دقائق بسيطة وتصل الأم؛ لكنه في قرارة نفسه لم يكن متأكدا من صدقه بما أخبر به أولاده. يخرج الأب الى غرفة أخرى ويتناول هاتفه؛ يتحدث مع أنسبائه فيرد عليه أخوها الأكبر ويجيب بأنها ليست عندهم وانها لم تأت اليهم هذا اليوم .



يحوقل الزوج مرة واثنتين؛ وتتصارع في رأسه كل الأفكار السيئة؛ فها هو المؤذن يبدأ في أذان المغرب؛ يعود الى أطفاله الصغار ويلمح في عيونهم نفس السؤال؛ يا لله ما بالهم وما الذي يمكنني فعله؟ لم يتقدم أحد منهم الى الطعام رغم ما لحق بهم من الجوع والعطش؛ فيبدأ الصغير بالبكاء يتبعه بقية الأبناء؛ وكلهم ينادي أمه التي لم تأت رغم انقضاء ساعات النهار.



ماذا يفعل الأب بفلذات أكباده وكيف يخفف عنهم أو يقنعهم بتناول الأفطار؛ تناول كأس ماء وحمد الله ودعاه بأن يلطف به وبزوجته وأولاده. قال لأبنته الكبرى التي لم تتجاوز عامها العشر: أسمعي يا ابنتي سأذهب لأحضر أمك ؛ لن أمكث طويلا؛ حاولي أن تقنعي أخوانك بالأكل؛ لن أغيب كثيرا.



طار بسيارته الى أهل زوجته فالشوارع ما زالت خالية من السيارات في هذا الوقت؛ سألوه ما الأمر فقال بأن زوجته لم تعد لغاية الآن؛ بكت أمها وأبوها قائلين بأن أمرا كبيرا هو السبب وافترضا معا أنها تعرضت لحادث سير ولا بد أن يذهبوا الى مستشفيات المدينة أولا. حاول الأب ذو الثمانين عاما أن يرافق ابنه الكبير وصهره في مشوارهم؛ لكنهم أقنعوه بشتى الوسائل أنهم سيقومون باللازم وبأنهم سيتصلون معه أولا بأول.



طفقوا يبحثون في سجلات الطواريء في كل مستشفيات المدينة لكنهم لم يعثروا على شيء؛ زادت المخاوف وتضاعف القلق أضعافا مضاعفة؛ فالأحتمال الأكبر بتعرضها لحادث سير صار خارج الحسابات؛ والأحتمالات القادمة مرعبة ومخيفة.



الزوج وأخو الزوجة ينظران في وجوه بعضهما البعض في وجوم وهلع؛ ما الذي يمكن أن يكون وماذا يفعلان في هذا الوقت المتأخر من الليل؛ وكيف سيعودان أدراجهما دون جواب؟



لا بد مما ليس منه بد قال الزوج فأجابه أخو الزوجه : وماذا تعني ؟ قال : لا بد من الذهاب الى الشرطة فلعلهم يعرفون شيئا.


الضابط المناوب يسألهما عن درجة القرابة بهذه المرأة فيخبرانه؛ ماذا تقول؟؟؟


نعم هي الآن في السجن الفلاني بعد أن تم ضبطها في أحد بيوت الدعارة تمارس الرذيلة.


هذه قصة استوحيت تفاصيلها من خبر نشر على السوسنة قبل أيام لأم تم ضبطها في بيت دعارة وهي تمارس الرذيلة مع آخرين.



ما الذي يدفع مثل هذه الأم أن صحّت التسمية للتضحية بنفسها وبزوجها وأولادها؛ للتضحية بأبيها وأمها وأخوانها وسمعتهم؟ كيف للأم المتزوجة أن تمارس الرذيلة وهل الفقر سبب لمثل هذه الخالات وقد قالت العرب : " تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها ".



هل تفكر المرأة بتبعات فعل مشين كهذا وأنها دمرت كل شيئ: حياتها أولا وحياة أبنائها وأهلها. وكيف سيكون مصيرها بعد أن تخرج من السجن؟ أسئلة كثيرة وربما أجوبة قليلة لحالة فردية لا نستطيع تعميمها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد