مع فتاة لطيمة

مع فتاة لطيمة

25-08-2010 07:29 AM

مع فتاة لطيمة استوقفتني عند إحدى الإشارات الضوئية، فتاة لم تتجاوز السبع من عمرها طالبة ما تيسر من مال أو طعام أو نحوه ...، ولقد امتلكني حياؤها رغم صغر سنها، وأسرني صوتها المبحوح الممشوج بالرجاء تارة وبالدمع تارة، فبادرتها بالسؤال عن والديها، فأجابت بأنهما قد ماتا وهي صغيرة، ولا يُعرف لها سوى أختها التي تكبرها سناً والتي كانت تحتضن أخاهما الصغير بحجرها في مشهد أتساءل به (أين ذهب الكل عنهم؟؟).



 وآثرت إلا أن أبث لها تلك الأبيات: للـهِ شـأنُ صغيـرةٍ تلقـاهـا أمسى يعـاف رقادَها جفنـاهـا طُرحت بقارعة الطريق فحسبُها تلكَ الطريقُ وقد غدت مأواهـا هذي اللطيمةُ في الحياة، فلا أبٌ يبقـى، ولا أمٌّ لكـي ترعاهـا إن يبقَ يبقَ الجوعُ قاسِمَ ظهرِها أو كانَ كانَ الحزن مِلء سماها أو تلـقَ منها وجهَهَا فانظرْ له عَفَرَ الغبارِ على الخدود مَحاها ويمجُّها كِيرُ الطـوى فاسمعْ له في بطنهـا قَرَراً يَجُـؤُّ حَشَاها حتى تسـاوى ليلُـها ونهارها وممـاتُها سيّـان أو محيـاها مَنْ للصغيرة والأسى لما يزل من ذا اليمين بدا، وذا يسراها؟



حتى ألمَّ بها السقـامُ صروفُـه بنحـولهـا وهزيلهـا وأساها وتلوّن الوجهُ الشَحُوب بصفرة كالعُصفُر امتزجـا به خَدَّاهـا أمٌّ لهـا لو تُرتجى جَعلتْ لهـا مـن دهرهـا أمّـاً لها وأباها كم مـن صغيرٍ مجتراحٍ فَـألُه في شِقوةٍ تأتي بهـا أُخراهـا! فتعثّرت بخطـاه بـارقةُ المنى وتعسّرت آمـالُه ... فَنَساهـا ياللحيـاة!! وكم حقير أمرها! حينـاً عرفتُ لم البلاءُ طحاها في أدمـعٍ حَـرّى بعينيْ طفلة ما لامست شَذْوَ الربيـع يداها شقراءُ يـانعةُ الطفـولة مبسماً في وجهِ بدرٍ، جَلَّ من سوّاهـا!



يا للبـراءة والحيـاة تنـوسها بمخـالبٍ تغتال من يرعـاها!! ويكونُ حُلْوُ الشهْدِ في أفواهنـا ولهـا القذى تشقـى به أحشاها أمُحـرَّم أُكُـلٌ بِفيـه لطيمـةٍ ومحللٌ في طيبـه لسـواهـا؟! ولقـد يُصَدُّ من الرجـا أبوابُه ويصدهـا مِلءَ الرجـاء حياها ويصدهـا مِن ذا قبيـحُ لسـانه ويصدها من تلك صَرْفُ رؤاها فتعـود أدراجَ المُخيَّب سعيُـه والدمـع تُذرفُ مـاءَه عيناهـا حتى دَنَت نحـوي، فَخِلتُ بأنني مَسعىً لِمن تسعى إلى مسعـاها وشكـتْ إلي شآنهـا في حـالة بِئستْ بهـا الحالُ التي تغشاها لم أدرِ ما طعـمُ الحياة إذا غدت كالغـول تقتـات الذي يحياها وتكون حيناً من حَظِيَّـة مُترَفٍ وتكـون حيناً شِقْوَ من يشقـاها تحتاج أعيننـا الرؤى ويصدها (نفسي أنا) هو ذاك ما يغشـاها


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد