مقترح اقتصادي اجتماعي إصلاحي أمام الحكومة ..

mainThumb

07-09-2010 09:51 PM

  يعدّ النظام الاقتصادي الإسلامي، باعتباره منبثقاً من القرآن وقائماً على شريعة الله، من الأنظمة المتكاملة التي تسعى ضمن غايتها القصوى لخدمة الإنسان وسعادته وتوفير سُبُل الكفاية الاجتماعية والاقتصادية لأفراد المجتمع، عبر توليد موارد مالية للدولة ضمن أسس واضحة وشفافة ومشروعة، وبالتالي تحقيق منعة الدولة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.



في شهر نيسان من عام 1986، عُقدت في القاهرة ندوة دولية على جانب كبير من الأهمية ناقشت موضوع "موارد الدولة المالية في المجتمع الحديث من وجهة النظر الإسلامية"، ولأهمية التوصيات التي خرجت بها الندوة، ونظراً للظروف والمشكلات الاقتصادية القاسية التي تتعرض لها دولنا العربية وتتعرض لها المملكة على وجه الخصوص، رأيت التذكير بأهم تلك التوصيات والحلول، وبخاصة ما يتعلق منها بالزكاة، ودورها في التنمية، وكونها فريضة شرعية ونظاماً اجتماعياً تكافلياً متيناً، وأداة فعالة لتحقيق التنمية، ناهيك عن دورها في تزكية الفرد المسلم وصقل نفس معطاءة في داخله.



فأكدت الندوة في توصياتها على ضرورة التزام جميع المسلمين بتطبيق نظام الزكاة، ودعت الحكومات العربية والإسلامية إلى النظر بجدية لتنظيم تطبيق فريضة الزكاة ودراسة التجارب الرائدة لبعض الدول الإسلامية في هذا المجال تمهيداً لتعميمها وضرورة اعتبار الزكاة محورا لنظام ضريبي يُسترشد بفلسفتها.. كما دعت الندوة إلى فرض ضريبة "تكافل اجتماعي" على غير المسلمين في المجتمع، وذلك من باب تحقيق العدالة الاجتماعية باعتبار كل أبناء المجتمع أو الدولة الواحدة إخوة في الدين أو شركاء في المواطنة والإنسانية، كما أوصت الندوة- وهذه نضعها أمام وزارة المالية- بخصم قيمة الزكاة المدفوعة وضريبة التكافل الاجتماعي من مقدار الضرائب المستحقة على المكلفين من أبناء المجتمع باعتبار أن مصارف الزكاة تسدّ جزءاً من حاجات الإنفاق العام..



ولعل من التوصيات المهمة التي خرجت بها تلك الندوة، ونسوقها هنا في ظل تنامي عجز الموازنة، الدعوة إلى ترشيد النظم الضريبية، وتوجيهها لتوفير مناخات ملائمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حسب المفهوم الإسلامي بما يمنع الإسراف ويحارب تفشي ثقافة الاستهلاك على نمط النماذج الاستهلاكية المستوردة ويحقق أكبر قدر من العدالة والتكافل الاجتماعي.. إضافة، وهو مهم أيضاً، ونضع هذه التوصية تحديداً أمام وزارة تطوير القطاع العام إلى الدعوة لرفع كفاءة القطاع العام كمال مملوك لعامة الناس في المجتمع، وتحقيق الاستغلال الأمثل للأملاك العامة وإدخالها في حيز الدائرة الانتاجية..



أفكار وتوصيات مهمة خرجت بها الندوة قبل أربعة وعشرين عاماً، وما تزال المشكلة الاقتصادية الاجتماعية تعصف بمجتمعاتنا العربية، لا بل أصبحت تهدد استقرار هذه المجتمعات، في ظل الأزمات المالية المتلاحقة.. وفي اعتقادي بأننا في الأردن جديرون بدراسة هذه التوصيات، والعمل على تطبيقها، ولم أشر سوى للتوصيات الممكنة التطبيق في دولة مثل الأردن، ومجتمع كمجتمعنا، وبخاصة ما يتعلق بوضع تشريع للتطبيق الإلزامي للزكاة على المسلمين وضريبة التكافل الاجتماعي على غيرهم من أبناء المجتمع،



 وسوف نجد بعد مرور بضع سنوات على التطبيق أن مشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة بدأت تتلاشى، وأن الأوضاع الاجتماعية للطبقة الفقيرة والمعوزة في المجتمع بدأت بالتحسّن، وأن جيوب الفقر بدأت تتقلص بشكل ملموس، وأن الطبقة الوسطى بدأت تسترد عافيتها، وأن المجتمع بدأ يقطع خطوات مهمة على طريق التنمية المستدامة، وأن نظماً اجتماعية واقتصادية كثيرة من أهمها نظم التقاعد والضمان والمعونة الوطنية والتشغيل بدأت تسير على السكة الصحيحة وفي مسار واضح..



نأمل أن نستفيد في الأردن من هذه التوصيات، ونقدمها لأصحاب القرار المالي ومخططي سياساتنا الاقتصادية والاجتماعية، وللمجلس الاقتصادي والاجتماعي لدراستها فوراً والوقوف على ما يمكن تنفيذه منها، وهو قابل وممكن ومنطقي ونافع للناس والمجتمع والدولة..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد