أمريكا والصين .. صراع العمالقة وفرص الأردن الصاعدة

mainThumb

21-05-2025 11:42 PM

تتصدر الولايات المتحدة والصين المشهد الاقتصادي العالمي باعتبارهما أكبر اقتصادين من حيث الناتج المحلي، حيث تحافظ الولايات المتحدة على الصدارة بناتج يتجاوز 27 تريليون دولار، بينما تواصل الصين تضييق الفجوة بناتج يبلغ نحو 18 تريليون دولار. وبرغم الفارق في الحجم الاسمي، فإن الصين تتفوق في بعض المقاييس مثل تعادل القوة الشرائية، ما يعكس تحولات تدريجية في موازين القوة، وفي عام 2025 تجاوز النمو الاقتصادي الصيني التوقعات بنسبة 5.4%، بينما تباطأ النمو الأمريكي في ظل تشدد السياسة النقدية.

من ناحية التضخم، نجحت أمريكا إلى حد كبير في كبح جماحه عند 2.3%، لكنها حافظت على أسعار فائدة مرتفعة نسبياً، مما أبطأ النشاط الاستثماري. أما الصين، فتواجه تضخماً شبه منعدم، بل يقترب من الانكماش، مما دفعها نحو سياسات نقدية تيسيرية تستهدف تحفيز الطلب المحلي، وهو ما يعكس اختلافات جوهرية في طبيعة التحديات التي يواجهها كل اقتصاد.

تشير بيانات سوق العمل إلى استقرار نسبي في الولايات المتحدة مع بطالة عند 4.2%، فيما لا تزال الصين تعاني من ارتفاع بطالة الشباب، رغم تراجع المعدل العام إلى 5.1%. هذه الفجوة في فرص العمل بين الأجيال تثير تساؤلات حول فعالية السياسات التعليمية والتدريبية في الصين ومدى مواءمتها لاحتياجات السوق.

في الجانب التجاري، تستمر الصين بتحقيق فوائض تجارية ضخمة، مستفيدة من قوتها التصديرية، بينما تعاني الولايات المتحدة من عجز مزمن في ميزانها التجاري، وعلى الرغم من بوادر تهدئة في الحرب التجارية بين البلدين، فإن التوترات لا تزال تؤثر على استقرار سلاسل التوريد وتدفع الدول نحو تنويع شركائها التجاريين.

الديون العامة تمثل تهديداً واضحاً لاقتصاد الولايات المتحدة، إذ تجاوزت 36 تريليون دولار، بينما تحاول الصين الحفاظ على التوازن المالي رغم الضغوط المتزايدة نتيجة أزمة القطاع العقاري وكلا البلدين يواجهان تحديات تتعلق بالاستدامة، لكن السياق الصيني أكثر ارتباطاً بتعقيدات داخلية في النظام المالي والمصرفي.

في مجال التكنولوجيا، تواصل الولايات المتحدة تفوقها في قطاعات الذكاء الاصطناعي والفضاء، مدعومة بقطاع خاص ديناميكي، في حين تسعى الصين إلى تقليص الفجوة من خلال دعم حكومي واسع النطاق للاستثمار في الابتكار والاقتصاد الرقمي، ومع تصاعد التنافس الجيو-اقتصادي، أصبحت التكنولوجيا ساحة مركزية لصراع النفوذ الدولي.

رغم هذه الديناميكية، يواجه كلا الاقتصادين تحديات طويلة الأجل، ففي أمريكا الانقسامات السياسية الداخلية وعبء الدين تهدد الاستقرار، وفي الصين تؤثر شيخوخة السكان وتباطؤ النمو السكاني على قاعدة الطلب المحلي، ومع ذلك، فمن المرجح أن تبقى الصين قادرة على تحقيق معدلات نمو أعلى نسبياً، إذا نجحت في تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة.

في ضوء هذه التحولات، يجد الأردن نفسه أمام فرصة استراتيجية لإعادة تموضعه الاقتصادي، فالصين في سعيها لتوسيع نفوذها التجاري عبر مبادرة الحزام والطريق، قد تنظر للأردن كبوابة إقليمية للأسواق العربية، مما يعزز فرص الشراكات في البنية التحتية والطاقة، وفي الوقت نفسه، تبقى الولايات المتحدة شريكاً اقتصادياً مهماً، خاصة في مجالات الاستثمار والتمويل والدعم التنموي، من مصلحة الأردن تنويع علاقاته الاقتصادية، وتحقيق توازن بين الشراكتين بما يخدم أهدافه التنموية، ويعزز مناعته الاقتصادية في وجه التحولات العالمية المتسارعة، ولكن نجاح الأردن في اقتناص هذه الفرص يعتمد على قدرته في تعزيز بيئة الأعمال، وتحديث البنية التحتية، والانفتاح على التكتلات الاقتصادية الجديدة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد