الصحافة الإلكترونية بين المصلحة الوطنية والمنفعة الشخصية

mainThumb

28-09-2010 07:00 AM

 
لا يختلف اثنان في أن الصحافة الإلكترونية قد ساهمت وبشكل كبير في تقديم نقلة نوعية للإعلام الأردني, تمثلت بالشفافية والجرأة والصراحة وسرعة نقل المعلومة, وأضافت طابعا جديدا من نكهة خاصة وبمذاق مختلف في الحرية و تقديم الحقائق والمعلومات المتعلقة بسياسات الحكومات ( الوجه الآخر) والتي لم يعتادها المواطن الأردني في الإعلام الرسمي المجمّل دوما لهذه السياسات.



كما أن بروز هذه الصحافة والإقبال المتزايد للمواطنين على اختلاف توجهاتهم في متابعتها, قد ساهم وبشكل كبير على أن تكون أداة رقابية على كل مسؤول مهما علا أو قل مركزه الوظيفي, فباتت هذه الصحافة الرقيب الذي يُحسب له حساب, والسيف المسلط على رقاب من تسوّل لهم أنفسهم العبث بمقدرات الوطن والمواطنين, وقد قامت فعليا بالكشف عن قضايا فساد وتجاوزات وهدر للمال العام سواء كانت هذه القضايا كبيرة أو صغيرة, والأمثلة على ذلك كثيرة, كما أنها ساهمت في تحريك الرأي العام اتجاه الأزمات التي حدثت في ظل هذه الحكومة أو الحكومات السابقة, ولا شك أيضا في أن لها دورا كبيرا في تصفية مجلس النواب السابق أكثر المجالس النيابية ضعفا.



ما أريد قوله : إن الصحافة الإلكترونية قد حققت إنجازات كبيرة تُحسب لها, وتصب في مصلحة الوطن والمواطن بدون شك, وباتت عين المواطن وقلبه النابض ومرآة المجتمع الصادقة بخيره وشره, وهذه الانجازات والايجابيات كثيرة ويصعب حصرها في هذا المقال البسيط , ويكفي أن أقول: بأنها أزعجت كثيرا الحكومة وقضّت مضاجع المسؤولين الذين قرروا حجبها عن الدوائر الحكومية والمؤسسات طمعا بإسكات أصوات الحق الصارخة والصاخبة, ومحاولة يائسة بمنع وصول الحقيقة إلى المواطنين.



لكن ومن مبدأ الموضوعية ونقد الذات, ومع تزايد أعداد هذه المواقع التي تجاوز عددها المائة تقريبا( حسب علمي ) بدأت بعض هذه المواقع (وهي قليلة وبحمد الله) ولأسباب غير معروفة بالانحراف عن الخط الوطني الذي ترفع شعاره, وباتت تنهج سياسة لا تمثل المصلحة الوطنية, وإنما تمثل منفعة شخصية, وأجندة خاصة (ولن أقول خارجية) أصبحت وبدون شك تضر بالوحدة الوطنية ونسيجه الاجتماعي ولا تخدم إلا من يتربص بنا الدوائر.



فبعيدا عن الأخبار التافهة التي لا تغني ولا تسمن من جوع, وبعيدا عن الإسقاطات الأخلاقية والصور الفاضحة التي يجذب بها الموقع زواره, وبعيدا عن القصص الجنسية المهيجة, بعيدا عن كل ذلك؛ فهذه المثيرات التي تسعى هذه المواقع من خلالها لاستقطاب مريديها, قد تجد المبررات المختلفة من القائمين على الموقع لنشرها من باب التنوع..؟ كما أنها ( رغم التحفظ ) تهون عن الزلات الأخطر لتلك المواقع والتي تمثلت في أمرين:



الأول: وهو أمر نفعي وخاص بالدرجة الأولى بعيدا عن المصلحة الوطنية, والنزاهة الصحفية؛ ويتمثل في تحقيق مصالح شخصية من خلال المكاسب التي يحققها القائمون على الموقع من بعض الشخصيات والمسؤولين, ويتم ذلك من خلال تلميع وإبراز هذا المسؤول أو ذاك على أنه الفحل المخلص للوطن من كل أزماته المزمنة, أو من خلال حجب أو سحب أي خبر أو مقال يتعرض لفساده ويفضح انتهاكاته بحق الوطن والمواطنين, هذا من جانب, ومن جانب آخر ما يتعلق بالابتزاز الذي يمارسه الموقع ضد شخصية ما, إما لأسباب خاصة, أو نتيجة لتصفية حسابات بين المسؤولين قرر الموقع من خلال المنفعة الشخصية وليست المصلحة العامة الميل لأحدهما على الآخر بهدف اغتيال هذه الشخصية ليس إلا.



أما الثاني: وهو الأكثر خطورة والذي يمثل بدون أدنى شك أجندة خارجية تستهدف الأردن ووحدته الوطنية, ونسيجه الاجتماعي, وسواء كان ذلك بعلم هذا الموقع وسياسة قد انتهجها, أو كان جهلا منه لغاية جذب القراء والمعجبين وزيادة في الشهرة ولو على حساب الوطن ومصالحه العليا, فلا يقل الأمر في كلتا الحالتين عن كونها مصيبة أعظم..!! حيث تعمدت هذه المواقع على نشر المقالات المثيرة للفتن وبشكل مستمر, بل وأكثر من ذلك جعلت منبرها ساحة صراع وتأجيج لمشاعر القراء من كلا الجانبين بتعليقاتهم التي يتم نشرها بكل صراحة, من شتم وتحقير وفتح ملفات مؤلمة تم تجاوزها ونسيانها, ونبش القبور وتأجيج مشاعر الكراهية ودق طبول الفتنة, الأمر الذي لا يخدم إلا العدو المتربص بنا جميعا, والذي لم تفرق رصاصاته وقنابله بيننا بالمطلق, والساعي إلى إنهاء القضية الفلسطينية على حسابنا, وحساب الشعب الفلسطيني المهجّر قسرا,



 ففي هذا الظرف الدقيق والحساس, والمرحلة الأخطر التي تمر بها المنطقة من مخططات ومؤامرات تسير ومن كل الاتجاهات على قدم وساق دون أي اعتبار لأحد, فلا يمكن أن تكون تلك المواقع إلا ضمن هذا المشروع التآمري إن لم تكف عن ذلك فورا وتثبت العكس, كما لا يمكن أن تكون تلك الأقلام المأجورة إلا السم الذي ينفثه العدو بيننا ليفتت من خلالهم وحدتنا الوطنية, ويضعف قوتنا, ويشتت لا قدر الله شملنا, وتتحقق بذلك أهدافهم الخبيثة, التي تعجز ترسانتهم العسكرية عن تحقيقها. فتبا وقبحا لكل من يمشي في ركب هذا العدو, وعلى تلك المواقع( على قلتها ) أن تبتعد عن هذا الدور المشبوه, وأن تبحث عن سلعة مفيدة تروج من خلالها نفسها, وأن لا تساهم بهذا النهج غير المتزن في تدمير الانجازات الكبيرة التي حققتها المواقع الإلكترونية الهادفة, وتعطي المسوغ والمبرر للحكومة بالانقضاض عليها وتقيدها.


rawwad2010@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد