العمل التطوعي .. عائد التنمية المجتمعية

mainThumb

28-11-2010 01:05 PM

شعرت بسعادة غامرة حينما طلب مني في احد مساقات دراستي الجامعية  القيام بالتطوع في إحدى المؤسسات التي تقدم خدمات تنموية للمجتمع المحلي ،قرات الكثير عن العمل التطوعي في الاردن لكن لم اتصور يوما من الايام ان اكون احد العاملين في هذا القطاع ولو لفترة وجيزة ، وبما انها لم تكن التجربة الاولى لي في العمل التطوعي اذ انني  تطوعت كثيرا  في عدد من المؤسسات والجمعيات الخيرية في اليمن اصبحت اؤمن بان تجربتي هذه المرة سيكون لها طابع خاص لانها لم تكن وليدة اللحظة  فذلك المشهد الذي شاهدته منذ ان كنت في التاسعة من عمري وماجرى فيه لزميلي محمود الذي فقد ابويه في حادث مروري وماتلاه من وضع مأساوي لذلك اليتيم وما غاب عنه من الدعم المادي هو ماظل عالقا في ذاكرتي  لاقرر ان تكون التجربة في مشروع لجنة كفالة الايتام بجمعية الفاروق الخيرية باربد بداية فصل جديد في حكايات حزينة  تعيشها تلك الاسر اليتيمة .



في الصباح الباكر توجهت الى  حيث مقر اللجنة بالجمعية في مخيم اربد للاجئين الفلسطنيين وقد اخبرني مسبقا منسق اللجنة بان مشروعا قد ان الاوان للبدء في تفاصيله وتهيئة الظروف لانطلاقه ،هرعت مباشرة الى حيث يتواجد فريق المشروع وما هي الا لحظات حتى انضممت اليهم والتف الجميع بعضهم بعضا لتشكيل مجموعات يجب عليها التوجه الى محلات بيع الملابس وبعض الاسر عالية ومتوسطة الدخل لتجميع ملابس شتوية يتم توزيعها لاحقا على اسر الايتام المسجلة باللجنة, توجهت مباشرة مع زميلي الاخر في المجموعة الخاصة بنا الى سوق المخيم وهناك دار النقاش والتفاوض والتعريف بجهود التنمية التي قد يكون تاجر الالبسة  احد اربابها من خلال دعمه لمثل هذا المشروع فهو سيرسم الابتسامة لعدد كبير من الأسر اليتيمة ويمسح الدموع التي  طالما انهمرت من اعينها لشدة البرد  وقرص الشتاء كنا نستند في تقديمنا لطلب الدعم  الى تقارير الزيارات الميدانية التي قامت اللجنة لتلك الاسر والصور المعبرة التي تظهر خلو بعض المنازل من وسائل التدفئة وجلوس كبار السن امام بعض اعواد الحطب  طلبا للدفء ،كل الاستنادات جعلت من اغلبية التجار وكذلك الاسر الغنية تتبرع بكميات كبيرة من الملابس الشتوية مما سرع خطانا نحو الرجوع الى نقطة البداية وذلك لتجهيز الملابس في طرود وجعلها جاهزة للتوزيع .



الف ومائتي اسرة يتمية اصبحت قريبة مني وانا اقوم بتوزيع ما جمعته من ملابس مع مجموعات المشروع السنوي للجنة على بعض تلك الاسر فحالات كثيرة مررت عليها اثناء الاطلاع على كشوفات وسجلات اللجنة التي قامت في مرحلة سابقة بتسجيلها لكن شيئا ملفتا للنظر قد طرا على عملية الاطلاع فبعض الاسر كانت اكثر احتياجا من غيرها خصوصا انها تفتقر لكثير من مقومات الحياة والعيش الكريم بادرت بالسؤال عما اذا كان هناك امتياز لهذه الاسر ؟! فجات الاجابة سريعة من قبل المختصة الاجتماعية للجنة توكد من خلالها وجود  دعم مالي وعيني تقدمه الجمعية – وفق إمكانياتها -  ل 200 أسرة من الايتام بحيث يكون اعلى سقف لدخل الفرد في الاسرة 40 دينارا وتكون قيمة الكفالة من 25 الى 60 دينارا بحسب عدد افراد الاسرة ووضعها الاقتصادي .



ولكون التعليم اداة فاعلة في تعزيز الوضع الاقتصادي للاسرة من خلال مخرجاته المختلفة فقد كان لابناء الاسر اليتمية نصيب وافر من جهود الجمعية ولجنة الكفالات اذ تقوم حاليا بتدريس 100 طفل يتيم من الصف الاول الى الصف السادس الابتدائي في مدرسة الفاروق التابعة للجمعية والتكفل  بالرسوم  الدراسية ومستلزمات ومتطلبات الدراسة كما تساهم بمعالجة وتقديم الخدمة الصحية للاسر اليمتية المسجلة في لجنة الكفالات من خلال مركزين صحيين انشاتهما مؤخرا  وكان الهدف من اقامتهما خدمة اسر الايتام وكذلك علاج  الاسر الاخرى الفقيرة بملغ رمزي بسيط .



جميع الجهود والمشاريع التي قدمتها الجمعية التي انشئت في عام 1991م ولجنة كفالة الايتام التابعة لها تعد بداية الصعود لسلم خدمة المجتمع التي ترتقي من خلاله مع غيرها من منظمات اخرى  لتتنافس تارة وتتحد تارة اخرى في تقديم الخدمات المختلفة لافراده.



وما مسك الختام الذي حظيت به مشاركتي لهذه اللجنة الا شاهدا على  وجود الاتحاد في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة المعاقين جسديا حيث جسد المهرجان الذي اقامته جمعية الفاروق ومنظمة ميرسي كور نظرة ثاقبة لمحاولة دمج هذه الفئة الاجتماعية تدريجيا مع غيرها من فئات المحتمع  ،فلوحة امل ارتسمت امام نظري لمائة طفل شاركوا في هذا المهرجان جمعتهم روابط الاخاء وتخللت حفلهم  ابتسامة رضى عن بداية تحقق  حلمهم المنشود ، فهولاء هم أطفال الأسر اليتيمة يخالطهم اطفال ذوي احتياجات خاصة ويشاركهم اطفال من اسر ذات عيش كريم تلك هي التنمية الحقيقة التي تساهم في غرس جذور التكافل وتمحو الفوارق الطبقي الاجتماعي من على الشعوب العربية خاصة والدولية عامة ، ويبقى العمل التطوعي أحد المؤشرات التي تناولها   د. زيد الرماني   في مقال له "للحكم على مدى تقدم الشعوب والمجتمعات وظاهرة مهمة للدلالة على حيوية الناس وإيجابيتهم" .

* طالب يمني في جامعة اليرموك .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد