بين النفط والدم حرية العراق

بين النفط والدم حرية العراق

28-12-2010 10:00 AM


أعدت أمريكا – شرطي العالم – خطة اجتياح العراق عبر حربين عالميتين ، في عام 1991م وعام 2003م ، تخللهما حرب أشد ضراوة وقسوة عبر التاريخ البشري ، بالحصار والتجويع والفقر ، حين افتقد أطفال العراق أبسط حقوقهم ، بعد أن شوهت أجسادهم عبر العديد من الأسلحة الأمريكية التي خرجت للتو حينذاك من مختبر التصنيع إلى مختبر التجريب في أرض العراق ، ونال العراقيون يعدها نصرا تمثل في برنامج النفط مقابل الغذاء ، وقد كان الغذاء في وفرة حتى في حرب الثماني سنين .


لكنه السياب :" وفي العراق جوعْ

وينثر الغلال فيه موسم الحصاد

لتشبع الغربانُ والجرادْ

..........................

ومنذ أن كنا صغارا كانت السماءْ

تغيم في الشتاءْ

ويهطل المطرْ

نجوعْ – وكل عام – حين يعشب الثرى

ما مر عام والعراق ليس فيه جوعْ "



ادّعت أمريكا أنها المصلح الذي جاء يقوّم ما فسد في أرض بابل – تماما كما جاء نابليون إلى مصر ليخلص أهلها من الظالمين ( المماليك ) - ، ورفعت راية الحرية ( المزعومة ) للعراقيين عبر أسراب الطائرات التي كانت تغطي سماء العراق ، وتلقي بقنابلها ذات الأطنان على كل مدرسة أو مسجد أو مستشفى أو ملعب ، و أرتال الدبابات التي عبرت صحراء العراق إلى بغداد ، متجاهلة أبسط قوانين أخلاق الحرب التي علّمها المسلمون غيرهم في ميادين القتال ، فروّعت آلة الحرب الشيوخ والنساء والأطفال في حرب لم تكن ضد جيش صدام حسين – كما قالت أمريكا – وإنما كانت ضد الشعب العراقي وحضارته العريقة الممتدة عميقا في التاريخ البشري .


ولسان حالهم يقول :" وأسمع القرى تئن ُ ، والمهاجرين ْ

يصارعون بالمجاديف وبالقلوع ْ

عواصف الخليج ، والرعود منشدين ْ:

" مطرْ ... مطرْ ... مطرْ ..." ............. أو نفط أو دماء .


لقد كنّا وقتها نسأل عن دماء العراقيين ، ونفط العراقيين ، لأنها معادلة وضحت للجميع ، فأين حرية العراقيين والدخان يعلو سماء دجلة والفرات ؟ والدم يروي تراب العراق ؟!


ثم نتذكر " أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟" أو أي حزن يبعث النفط ؟


وكيف تقصف جامعات العراق بالصواريخ والقنابل ؟ فهل في هذا حرية العراقيين ؟ وهل في إعدام صدام حسين نصر وحرية كان العراقيون ينتظرونها ؟


نحن لا نريد أن نضع شخص صدام حسين في معادلة تحمل قطبين : إيجابي وسلبي ، ولسنا بصدد ذكر حقبة من الزمن نتمنى أن يعود العراقيون إلى ذلك الحال – الأحسن مما هم عليه اليوم ، كما يقول المراقبون - .


إنما نريد ألّا نتصور أبناء العراق – من أكبر بلدان العالم إنتاجا وتصديرا للنفط – اليوم يقفون صفوفا – طوابير – من أجل الحصول على لترات من الكاز تقيهم برد الشتاء القارس .


أو يرددون :" أكاد أسمع العراق يذخر الرعود ... لم تترك الرياح من أثر "


ولا نريد أن نتصور مسلسلات الموت من العبوات المتفجرة والأحزمة الناسفة تكون ديدن الحال في العراق !


فهل هذه هي الحرية التي أرادتها أمريكا للعراق ؟ أم أن هذا هو لسرقة النفط العراقي وإن كان الثمن هو دماء العراقيين الأبرياء !


وهل آلاف المعاقين أو المشوهين أو الأرامل أو اليتامى ، ... أو من تخرج من " من سجن أبو غريب " هم الشاهد على حرية دفع ثمنها الكثير من الأرواح والدماء والأموال ولم تكن ؟ إذ لم يجن ِ العراقيون غير الويل والسواد ! فذهبت مليارات الدولارات دونما يأخذ العراقيون نصيبهم منها ، ولم تتحسن أحوالهم ، ولم تصرف في إعادة بناء التراب العراقي الذي اختلط بالإشعاعات النووية والكيميائية جراء القنابل التي سكنت داخل التراب ، وتحتاج إلى المليارات لتنقيتها لتعود الأرض زراعية كما ينبغي ، وقد بكى شجر النخيل الدال على الصمود والثبات والشموخ لأبناء الرشيد ، لما تعرض له من الجدع والقطع والحرق !



وبعد ُ : يظل السؤال قائما ، ماذا نال العراقيون بعد الحرب إلى اليوم ؟ وهل ساوى نفط العراق دماء العراق ؟ وما الحال الذي تغير ؟ قبل صدام وبعد الإطاحة به ؟



وهل كان إعدام صدام والتخلص منه يوم النصر والحرية لأبناء الرافدين ؟


إنّ أقل الناس إدراكا لا يخفى عليهم أن الحال قبل الإعدام لأفضل بمليون مرة من الحال اليوم ، وذلك في شواهد وقراءات رقمية للمشهد العراقي ، فربما في كل عهد صدام بما فيه الحرب العراقية الإيرانية لم يمت في العراق من مات جراء الغزو الأمريكي ، من أجل حرية العراقيين أو نفط العراقيين .



ولم يتشرّد من أهل العراق ( لاجئين ) كما اليوم يبحثون خارج أرضهم عن الأمن والاستقرار والأمان غير المتاح اليوم و المتاح أمس !



ومرة أخرى نحن لسنا مع أو ضد حقبة مضت ، بقدر ما نريد للعراق أن يعود أفضل مما كان ، وليس كما كان ، نريد أن تعود الحضارة إلى بلد دمّرته الحرب الأمريكية الحاقدة ، ونريد أن يعود أبناء العراق إلى العراق في أمن وأمان ، ونريد أن يعيش العراق بكل أطيافه حياة سعيدة وفيها الخير ، لينعم أطفال العراق وشبابه ونسائه وشيوخه ، ونريد أن نرى الصناعات العراقية في تملأ الأسواق ، ونريد للتمر العراقي أن يسافر في كل الدنيا ، كما أننا لا نريد إلا عراقا واحدا موحدا قويا ، إذ كلنا نحب العراق .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد