مصر أمّ الدنيا .. نريدها تبقى
منذ أن كنا صغارا على مقاعد الدراسة كنّا نغني : بلاد العرب أوطاني ، وكنّا نرسم بأحلامنا يوما نكون فيه نحن العرب قوة عظيمة ، نستطيع بوحدتنا وتعاضدنا وتكاملنا أن نعيد ما استلب من أرض العرب ، ولم تكن أحلامنا تقف عند حدّ اقتلاع اليهود من فلسطين ، وإعادتها لحظن أمها العرب ، ولم تقف أحلامنا عند حدّ الصلاة في أولى القبلتين ومعراج الرسول ص ، ولم تكن هذه الأحلام تقف بنا عند حدّ إعادة الجولان المطل على الأقصى وأهله ، ولا إعادة مزارع شبعا للبنان ؛ بل لقد كانت أحلامنا تطير في السماء لتصل إلى بلاد المغرب العربي ، في حلم كبير نرتجي فيه طرد الاسبان من سبتة ومليلة ، ومن ثم جبل طارق ؛ لعلنا نعرف من هو طارق بين زياد ، بل كانت الأحلام أكبر في إعادة إرث أجدادنا ، في جزيرة بكينا على ضياعها قبل قرون ممتدة في التاريخ .
وكانت مصر أم الحضارات – ونريدها تبقى – نبراس أمل ؛ لأنها في مواجهة مع عدو شرس ، كما هو وطني
الأردن ، في نفس المواجهة ، ونمجد لليوم اقتحام خطّ بارليف ، وما فعله الجيش المصري في ميادين الشرف والفداء والكفاح ، تماما كما نمجد استبسال الجيش العربي المصطفوي فيما سطّره في ساحة الكرامة ، من بطولات الرجال العظماء ، حين قهروا أسطورة جيش لا يقهر ، إذ قهر الجيش الإسرائيلي وولى مهزوما مخذولا صغيرا .
وبعد : ما الذي يحدث في أرض الكنانة ؟ ما الذي نراه بأعيننا فيسقط دما بدل الدموع ؟ لقد بكينا كثيرا يوم سقطت بغداد ، ورأينا كيف تحوّل المتاجرون بأوطانهم يبيعون الوطن بأرخص ثمن ؟ وهم يسرقون وينهبون ، ويعبثون بحضارته وتاريخه ، فإذا بالعراق مسرح لشرذمة من اللصوص والمنتفعين دخلوا إلى تاريخ بابل وحضارة الرافدين ، فسرقوا المتاحف والتاريخ على السواء ، وباعوا سجلات العراقة والمجد بثمن بخس ، وذهبت آثار العراق إلى الأعداء يعرضونها في أسواقهم إشعارا بالمهانة لمن باع ، حتى توارد إلينا قول الشاعر :
وطن يباع ويشترى وتصيح فليحيا الوطن
لو كنت تبغي خيره لبذلت من دمك الثمن
وذهبت أيام العراق ، وها هي سنوات العراق لم تذهب ، حتى نرى في مصر الحبيبة تلك المشاهد عينها ، التخريب والحرق والتدمير ، والسلب والنهب ، والقتل والتهجير ، والتخويف والترهيب ، وأجزم كما كل الأوفياء لأوطانهم أن هذه ليست هي الديمقراطية ؟ وليست الديمقراطية أن تسمح لراكب القطار أن يسوق القطار حتى تكون النتيجة حتما هي حادث ، إنما الديمقراطية هي المسؤولية والأمانة ، والحفاظ على الوطن وممتلكاته ومرافقه ، ومظاهر حضارته .
كما أجزم أن هذه ليست هي الثورة للتغيير والرقي ، فمن يريد الإصلاح يتقي الله في أهدافه ووسائله وتحقيقه ، حتى لا ينطبق قول الشاعر :
دعوت على عمر فمات فسرني فعاشرت زيدا بكيت على عمر
ولا أظن أن الذي يسرق متجرا ثم يضرم النار به بمصلح ، ولا أظن أن الذي يسرق كرسيا لا يسمن ولا يغني من جوع بمصلح ، ولا أظن أيضا أن الذي يسرق إطار سيارة يركض خلفه أو يحمله على ظهره بمصلح ، ولا الذي يسرق أحذية يرفعها على رأسه بمصلح ، إذ كيف نطالب خير الوطن وإصلاحه ، ونحن من نهدم جدران البناء ؟ ونحرق عنفوان الرقي ؟ كما أجزم أن هؤلاء ليسوا هم المصريين الذين اقتحموا نار العدو في حرب رمضان ، ولقّنوا جيش الدفاع اليهودي درسا لن ينساه ، لا ، ليست هي مصر التي نريد ، هي التي نراها اليوم !
لا نريد أن يعبث المخربون والمجرمون وأرباب السوابق بتاريخ مصر وحضارتها ، لا نريد أن يسرق ثلث آثار العالم الموجودة اليوم في متاحف أم الدنيا مصر ، ولا نريد أن نبكي متحفا آخر من متاحف تاريخ أمتنا ، ولا نريد أن نشاهد آثار حضارتنا تباع بسوق نخاسة هناك أو أبعد ؟
لقد بكينا حين اقتحم المتحف المصري ، وحطمت بعض آثاره ، ورفعنا الأكف إلى السماء : يا رب احفظ مصر التي خلّد القرآن ذكرها ، ونحن في حرقتنا على مصر الحبيبة لا نتجاهل مطالب الجماهير في الإصلاح والسير قدما إلى الأفضل ، ولا نريد تمجيد ولا ذمّ نظامها السياسي ، بقدر ما نريد مصر الوطن والحضارة والتاريخ ، فنريد لمصر أم الدنيا أن تسلم .
وسلا مصر هل سلا القلب عنها أو أسى جرحه الزمان المؤسي
وبالتأكيد لا نريد أن نرى حربا بين الأحباب والأقرباء والجيران ، ولا مواجهة مع رجال الأمن وإخوانهم من الشباب والرجال ، إنّ رجال الأمن هم الذين يسهرون لننام ، ويتعبون لنرتاح ويطاردون اللصوص وتجار المخدرات لتكون الحياة آمنة مستقرة .
إننا نريد أن يرى كل أصحاب العواطف ، والشعارات الرّنانة والدوية ما معنى غياب الأمن ؟ ما معنى ضياع الأمن ؟ ما معنى الفوضى ؟ وأن الذي يدفع ثمن غياب الأمن هو المواطن والوطن !
ونظل نطرح السؤال بعد السؤال : لمصحلة مَنْ هذه الخسائر التي تقدّر بالمليارات في البورصة المصرية ؟ ولمصلحة مَنْ حرق سيارات الأمن والإسعاف والمنشآت العامة ؟ ولمصلحة مَنْ إخراج السجناء المجرمين وتجار المخدرات ؟ ولمصلحة مَنْ تعطيل الحياة بكافة جوانبها في دولة كمصر ؟ ولمصلحة مَنْ ترويع المواطنين في بيوتهم ، والاعتداء عليهم ليلا نهارا ؟ ولمصلحة مَنْ عمليات السطو والنهب والحرق والدمار ؟ واستخدام سيارات الأمن والدفاع المدني والإسعاف ، للسرقة والقتل من قبل المجرمين بعد الاستلاء عليها ؟
ثم : هل هذه هي الديمقراطية التي ننشدها وننادي بها ؟ إنني أتابع منذ زمن بعيد كيف يتظاهر الأمريكان في واشنطن وشيكاغو ونيويورك وغيرها دونما أجد تحطيم إنارة في شارع من شوارعها ، أو رمي رجل أمن بقشة لا أقول بالحجارة والرصاص ؟! ونحن من علّم هؤلاء معنى الشورى والديمقراطية !
فمتى يكون لدينا ذلك الوعي السياسي والديمقراطي لنحسن التعامل مع كل شيء في أوطاننا ؟ ومتى يكون لدينا تقدير أبعاد ما يحدث في أوطاننا وآثره علينا وعلى الأجيال التي ننشد المستقبل لها ؟ وإننا بحاجة إلى الانتماء لأوطننا فنحافظ عليها .
وعشت ِ يا مصر يا أمّ الدنيا ، وعاش المصريون الشرفاء الحريصون على وطنهم ، وعاشت :
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان
اشتباكات عنيفة بين قوات قسد والجيش السوري شمالي حلب
الحكومة: لن نتهاون مطلقًا مع أي جهة أو شخص يروّج معلومات كاذبة
الجامعة الأردنية الرابعة عربيا والأولى محليا في تصنيف الجامعات العربية 2025
إصابة 3 فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين شمال القدس
منخفض جوي يؤثر على سواحل بلاد الشام .. تفاصيل
سماء الوطن العربي تترقب ذروة زخة شهب الدبيات فجر الثلاثاء 23 ديسمبر
توافق أردني مصري على تحسين التنسيق الفني والرقابي على المعابر
وزير التعليم العالي يبحث ونظيره السنغالي تعزيز التعاون
الاحتلال يرتكب 875 خرقا لاتفاق غزة
الصحة النيابية: سنناقش قرار تخفيض ضريبة السجائر الإلكترونية
ترحيل أردني وسوري من مصر لأسباب أمنية
الميداني الأردني جنوب غزة/8 يستقبل أكثر من ثلث سكان القطاع
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية




