كثُر الهرَج

كثُر الهرَج

14-04-2011 03:30 AM

أحيانا كثيرة أتمنّى لو أنّي لم أُخلق في هذا الزمان الصعيب ,أو أنّي خُلقت إذا كان لا بدّ ومتُّ قبل أن أرى وأسمع وأقرأُ ما يندى له الجبين , ويشيب منه الصبيُّ ويقشعرّ منه بدن الجنين ؛ فتبكي عليَّ أمي الحنون قليلاً ,ويحزن لبعض الوقت والدي الحبيب .


     قد يقول قائلٌ :إنَك بالغت , بربكم هل يكون مبالغًا من يقول مثل هذا الكلام وهو يشاهد ويسمع ويقرأ يوميًا  وعلى مدار العام أخبارًا تبعث في النفس الهمَّ والغمّ والاكتئاب ,(شابٌ يقتل عجوزًا في عقدها التاسع )؛ ربّما لظنّه أنّها تملك بعض الدريهمات  ,( وآخر يقتل زوج أبيه) وألعن من هذا ذاك الذي قتل والده وأخفى جثته,و(طالب جامعيّ يردي زميله قتيلا إثر خلاف على كرسيٍّ كما سمعنا )(أستاذٌ جامعيٌّ يطلق النار على رئيسة قسمه لتنسيبها بفصله من العمل)و(نقاش بين بائعين متجولين في إحدى المحافظات يتحول إلى شجار بين عائلتين يروح ضحيته شابّان ) الخبر نفسه قرأته مرّةً أخرى فظننته مكررًا لأكتشف بعد قراءة التفاصيل أنّ القتلى غير القتلى والمحافظة غير المحافظة)فأسأل نفسي هل انتقلت حمّى الشجارات الجماعية , والقتل غير المبرر عبر الرياح كما تنتقل حبوب اللقاح .



      ما سقته من أمثلة هو على سبيل المثال لا الحصر , فجرائم القتل صارت يومية,فلا يكاد ينقضي يومٌ من أيّامنا السريعة المضي إلا وتسمع أو تقرأ عن جريمة أو اثنتين أو ...حتى طالت هذه الجرائم الفئة التي نعدّها مثقفة واعية نعول عليها في بناء الوطن والنهوض به, أساتذة الجامعات وطلاّبها ..



        الحقُّ والحقَّ أقول : إنّي كنتُ سأعدل عن إكمال كتابة هذا الموضوع بل محو الفكرة من أساسها من عقلي ؛لولا ذاك الخبر الذي قرأتُه اليوم الأربعاء 13/4/2011 في كلّ الصحف الأردنية , الخبر الذي هزَّ أركاني وأرعد فرائسي وأوقف شعر رأسي , وجفّف الريق في حلقي حتى دمعتي حُبست في مقلتي واستعصت ,(أبٌٌ يقتل ابنته التي لم تتجاوز عامها الرّابع بل ويزيد بفصل رأسها عن جسدها )أقسم أنّ الوأد أيّها الوغدُ أرحم وأهون ,وحجّه المجرم أنّه رأى فيها شيطانًا ,أنت الشيطان بعينه ,لو كنت تعبد الرحمن وتقرأُ القرآن  ,وتسير على نهج خير إنسان لما ركبك الشيطان أيُّها الشيطان ,أيّ فعلةٍ فعلت؟ وأي جريمة حمقاء ارتكبت ؟,من سيسامحك ؟

أين أنت من  أطفال العالم .

      ليس من سببِّ يعطيك الحقّ بقتل ابنك أو أمك أو أبيك ,وليس من سبب يعطيك الحقّ بقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق (ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحقّ ) وفي النهاية أقول إذا عُرف السبب بطُل العجب ,أحداث هذه الأيّام بكلّ ما فيها من مظاهرات وقتل , وعنف ,وسطو , واختلاس , وسرقات وفساد  , وعقوق ؛إنّما هي نذير بقرب السّاعة ,فلا أظنّها إلاّ وباتت قاب قوسين أو أدنى  .وها هو رسولنا الكريم يخبرنا بما سيحلّ بنا قبل عصرنا بستة عشر قرنّا ,لله درّك يا إمام الأنبياء ,وكأنك والله تعيش معنا حين قلت : (يتقارب الزّمان , وينقصُ العلم ,ويُلقى الشُّح ,وتظهر الفتن , ويكثر الهَرَج ) قالوا : يا رسول الله أيّما هو ؟ (الهرج ) قال : ( القتل القتل ) ويقول بأبي وأمي هو : (والذي نفسي بيده ليأتينّ على الناس زمان لا يدري القاتلُ في أيِّ شيءِ قَتَل , ولا يدري المقتول في أيّ شيءِ قُتِل )عليك يا سيّدي يا رسول الله أفضل صلاة وأتمّ تسليم .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد