بن لادن آرهابيّ أم مجاهد ؟

mainThumb

18-05-2011 12:20 AM

سؤالٌ قديمٌ سألته نفسي منذ أن بدأ اسم بن لادن يتردد عبر الوسائل الإعلاميّة المرئيّة والمسموعة والمقروءة على حدٍ سواء , ينسب إليه كلّ تفجيرٍ , وتدميرٍ واغتيالٍ حتى قُرن اسمه ومصطلح الإرهاب معًا,وربما كان مقتل ابن لادن هو السبب الرئيس لإحياء هذا السؤال في نفسي , ثمّ مقالة كنت قد قرأتها منسوبة للكاتب عبد الحميد الأنصاري في الجريدة الكويتية ,فكرتها العامة أن ابن لادن أساء للإسلام .



         أ هو إرهابيّ حقًا وأساء للإسلام لمَا حوَل الجهاد إلى إرهاب أم هو مجاهد تاجر مع الله تجارة تنجيه من عذاب أليم ؟لا أخفي عليكم أنّي تارةً أراه مجاهدّا ,أفلا ترونه كما أراه , رجلاً هجر حياة العزّ والجاه , حياة القصور والحدائق الغنّاء, حياة الترف واللهو , حياة السّادة والشّيوخ والأمراء ,ليعيش عيش الفقراء , في الصحارى والقفار,في البراري حيث شظف العيش والخشونة والوحوش الضّارية إنسيّة وحيوانيّة , وانعزال عن العالم لسنوات فلا هاتف ولا شبكة اتصالات (انترنت) ,ولبس خشن الثياب بعد الحرير والهفوف,وأكل كسيرةٍ بعد الكبسة والمندي والمضغوط,وعسل السّدر بعد الأكل حلاوة,أفلا يكون مثل هذا الرجل مجاهدًا,بدأ محاربة الروس لتحرير دولةٍ مسلمة ,ثمّ محاربة الأمريكان بعد أن أدرك مخططاتهم الخبيثة الاستعمارية للأوطان الإسلاميّة ...



        ثمّ أعود لأقول ولا أظنّه قولي وحدي بأنه إرهابي ولاشك,وأبني حكمي على ما أسمع وأقرأ ,فمن يفجر مجمعًا تجاريّا ليس فيه إلاّ الأبرياء من النساء والأطفال إرهابي ,ومن يقتل عروسين في أجمل ليلة من ليالي العمر ليلة زفافهما ويحيل الابتسامات إلى دموع من دم فهو لاشكّ إرهابيّ ,ومن يتبنّى سلسلة تفجيرات في العراق والسعوديّة وباكستان راح ضحيتها المئات من الأبرياء الذين لا حول لهم ولاقوّة فهو لابدّ إرهابيّ..



         ثمّ أقرأ في بعض المقالات أنّ بن لادن إرهابيّ وأساء للإسلام , وفي بعضها الآخر بن لادن من صنع أمريكيا ,وفي أخرى بن لادن عميل لأمريكيا..



        هب أننا وصلنا إلى حقيقة أنّ بن لادن إرهابي ,واعتقدنا جازمين بها لما صنعت يداه ,فقياسًا فإنَّ أمريكيا هي أستاذةٌ في الإرهاب بامتياز ,وآثار فأسها ما زالت محفورة إلى الآن ولا أظنُّها ستختفي بفعل عوامل التعرية أو غيرها؛ فانظروها في فيتنام .. قتلت شرّدت , أحرقت ,مثَّلت.. أمَا اليابان فما زالت تعاني من آثار العدوان الأمريكي الغاشم ,والقنبلة التي امتد أثرها السلبي زمانّا ومكانًا تلك الضربة التي تخالط الخيال والتي صارت كالأسطورة ترويها الجدّات والأمهات للأحفاد والأبناء, ولمَ نبتعد ونذهب إلى فيتنام واليابان وآثار الإرهاب الأمريكي نعانيه ونقاسيه في العراق ؟ فأطفال العراق قتِّلوا زُمرًا  ,برصاص وصواريخ الأمريكان , ومن لم يمت منهم بالرصاص الأمريكي مات بحليب مسموم صنعته أمريكيا... أمّا من بقي منهم على قيد الحياة فلا أظنّه إلاّ ويتمنّى الموت في اليوم ألف مرّة للخلاص من الحياة المرّة القاسيّة التي صنعتها له أمريكيا .



         أمّا الشقيقة ليبيا التي ما عادت ليبيا بفضل الأطلسي فأطفالها يتساقطون الواحد تلو الآخر برصاص أمريكيا وحلفائها , والحجّة تحرير ليبيا وتخليصها من السّفّاح القذّافي , يعالجون القتل بالقتل ربما من باب (وداوها بالتي كانت هي الدّاء ) ثم ّيقولون تحرير..يتفننون ويتلذّذون في تعذيب البشر ويقولون : حقوق إنسان ,يسجنون ويعذبون و(أبو غريب وغوانتناما) شاهدان قائمان حفرا في حجر صلد ,ويوجهون التحذير تلو التحذير لكل حكومة تحاول فضّ مظاهرة أو اعتصام ضرره على الشعب نفسه أكثر من نفعه ,بدعوى الحرّيّة , ويستعبدون الناس وينصبون تمثالا للحريّة..



          وإذا ما وصلنا إلى الحبيبة غزّة هاشم , غزّة العزّ والصمود , رأينا فيها القتل , والتعذيب والتشريد بلا حدود ,أطفالٌ في عمر الزهور يُقتَّلون بلا رحمة ولا هوادة ,حتّى وصل العدد إلى ما ينوف على ألف وثلاثمئة  طفل  في أقلِّ من عشرة سنوات والقاتل الصهاينة والداعم أمريكيا ,وتخفي أمريكيا الحدث ولا سيرة لربيبتها إسرائيل وجرائمها البشعة اللاإنسانيّة وهنا تُغيّب كلّ القوانين الداعمة لحقوق الطفل ..ناهيك عن أولئك الذين قتلوا , وشردّوا خلال ستّة عقود خلت ..

 فمن هو الإرهابيّ بحقّ ربّ السماء ؟!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد