وريقات عشق مقهورة
لم أبارح معقِلك بعد, وها هي سنوات الانتظار الخمس وثلاثون تمتد إلى أكثر مما تحتمله روحانا.
قبل اقتحام عالمك الآسر كقيد شيخ المعرة السرمدي, ترددت كثيرا ولمت نفسي على أمر بدا جللا, حاولت الكتابة فوق وريقات منزوعة من دفتر نسخ العربية المهمل الذي كثيرا ما تغولت عليه, أقصف من عمره ما راق لي تحت فرط الإهمال من معلم العربية, ذاك المتسيب المخادع, فلم يكن يتفقدنا ودفاترنا بين الحين والآخر كما يفعل معلم الرياضيات ومعلمو المواد الأخرى.
وريقات كتبت فيها ما مضمونه أنني أتقدم منك لعقد صفقة حب بيننا بعدما أدركت في لحظة انتشاء متحللة من كل قيد انك لي وحدي وربما أنني لك وحدك, لم اقتنع بتاتا بأن الخالق جل في علاه قد خلقني عبثا يوم خلقك أنت, فأنا لك مثلما أنت لي, كتبت بيد مرتجفة وقلب يطرق داخل صدري كأنه قرع طبل "أخنب" كالمزكوم, رديء الجلد متهدل من قلة الشد والتوضيب فلا يحلو صوته إلا بعد هرشه بباطن الكف للاحتكاك أو بتعريضه للهب البريموس, هكذا كنت أراهم يفعلون بجلد الطبلة الصلب المتجلد حين ينوون على "هزعة" الفرح والتطبيل ليلة الوداع.
سألت ذاتي: لِم كل هذا الخوف وأنت لم تبدأ بعد ؟ لِم كل هذا القلق والوجل وأنت لم تتورط في الإفصاح لها حتى اليوم ؟ أترهبك الصدمة من صدود تتوقعه لا قدر الله؟ أيخيفك رأيها بأمر ما تنوي عليه أو من شك في الإيجاب والقبول لمشروع العمر؟ أسئلة لا منهية انشطرت وراودت مخيلتي الجرداء إلا من طيفك وشذى عبيرك كلما مررتِ بمحاذاة الطريق الضيق من أمام بيت الخالة (أم صابر) التي لا تنفك تتلصص على الجميع, تلك الخالة التي ما كانت يوما تترك شاردة ولا واردة إلا وسعت سعي العسس وخساسة "الدولاني" (ناقل العلوم والسواليف إلى رجال السلطة) لجمع أدق التفاصيل وأتفهها, على أية حال أظن أني - فيما بعد - أي ذات يوم من عام بعيد خلا حدثتك بأني جزع منكوء منكوب من تلك الخالة التي لا تترك حشر انفها إلا حين يأتي زوجها أبو صابر من معسكره, لم يكن يخيفها ويقهر تنمرها على خلق الله إلا طلبك لاستعارة حاجة ما من حوائج بيتها أو لحظة مجيء أبي صابر نفسه, على كل الأحوال, أقول كتبت لكِ استميحكِ العذر في أن أبثك حبي وعشقي وهيامي بك, غير أني وقبل ذلك رجوتك أن تسامحيني على اقتحام عالم أبيك العم أبي محمد ذاك الرجل الحريص عليك المفعم بالرجولة والهيبة الطيب الحذر كحذر الذئب, كما استميح العذر من أبيك في أنني سأرتكب حماقة العشق لابنته, غالبني وكابدني فيك تلك الشهامة المتقمصة التي اجتاحتني غرا يحتاج إلى (فت المزيد من الخبز الهفيت) وأنا أظن في نفسي بأني أمارس عملا مرذولا في إبط صومعة أو معبد , ظننت أن حبي لك هو إثم ومجافاة لأخلاق كانوا يقرعوننا بها وهم يرددونها على مسامعنا لتمثلها عنوة فيقولون تخلق بأخلاق الفرسان, ذاك مما جعلني أمزق الأوراق واحرقها في كل مرة أحاول فيها الوصول إلى قلبك, كنت خلالها وبعد إجهاضي على معظم ما كتبت أعيش على تهاويم مفترضة قوامها ردة فعل جميلة متخيلة أتوسمها فيك إن تجاسرت بإرسال بعض ما خطه قلبي لك بيراعي الراجف الوجل, لطالما كنت خلالها أترنح بين ضفتين من عالمك الساحر الأخّاذ (لله در عالمك الافتراضي ما أجمله !!!), أترنح كأني سنبك صدئ أصمّ علقتُ في دبر خيط يتحرك كالبندول جيئة وذهابا في ساعة بيتنا المهشمة الخارجة عن صلاحية الخدمة بلا توقيت دقيق, كانت ساعة الكون الفلكية هي الساعة نفسها بالتمام والكمال بينما ساعة أهلي تأخير أو تقديم على الدوام, والعجيب الغريب أن بندولها يتحرك بلا كلل أو ملل بنفس الحركة بين واجهتي صندوق سفلي يقع أسفل قرص الساعة الخشبية. ظلت الأيام تطويني في ثناياك وتلفني بغلالة سميكة كأنها فسوخ ثقيل من البخور لتبقيني في أتون عالمك الخرافي بين شهوة ملذاته وانين آلامه وأوجاعه, أهيم مخمورا على وقع هذرك الأنثوي الظريف مع ابنة الجيران كما يصيبني الفرق والخوف من نأي خطاك حين تبتعدين عن أرجاء زقاقنا الضيق الملاصق لبعضه بعضا, أتحرق شوقا إلى لحظة تمرد وصعلكة لألقي على طريقك ورقتي الملهوفة التي تآكلت من فرط الصبر المجبول بالتردد والخوف والحذر.
عزيزتي: كانت ساعة الحسم يوم قطعتِ حلقة اللعب من أمامنا, كنا نفر من صبية نلهو بلعبة الخارطة, نخربش (نشخط) على الأرض بعض معالمها قبل الهروب وقبل عملية البحث المضني عن زمرة الخلان المنتشرين بين الأزقة والحارات وفق "خرابيط" الرسم الرملي الأصم, في تلك الأثناء مررتِ وأنت تتأبطين كيسا من ورق ناعم اصفر بيدك المصنفرة الأنيقة كمخلب العقاب يطوقه بحرص ساعدك نصف العاري الموشى بزغب العذرية الأشقر الملفوح قليلا من وهج الشمس, لا ادري ما الذي بداخل ذاك المظروف حتى وقع من يدك لينفجر على الأرض, حصل الذي حصل غير أن ما شدني إليك أكثر هو الرزانة والهدوء في ردة فعلك, وقفت متأملا في حالة التصرف الذي بدا منك بروية الكهل الحليم, في تلك اللحظة لم الحظ شططا منك ولا عصبية ولا ضجرا على أمر هوان السكر مبتغى والدتك صبيحة الجمعة نحو إفطار عائلي جماعي جميل ظل قيد الانتظار لما أرسلوك بصدده, تجمعنا وتحلقنا نحن حولك, كنا "سُربة" ولفيفا من فضوليين حمقى, هم الحمقى لكنني كنت أكثرهم إدراكا وأنبلهم مقصدا وأشدهم انجذابا إليك, فأنا لي حاجتي التي أعيها تماما وهم لا حاجة لهم إلا إشباع رغبة الفضول بشقوة الصبيان وبلاهتهم وغيابهم عن وعي اللحظة, صرنا جميعا نلملم بقايا السكر مع التراب وأنت كذا تفعلين, جمعنا وإياك ما لم يعد من السكر في شيء إلا اسمه فقط , لقد اختلط بالتراب والحصى والنمل وبعض الدقائق التي لم نرها بعيوننا المجردة.
كانت حادثة السكر تلك مبعث تحولي إلى شخص أكثر حماسا واندفاعا, فللقرب من الأشياء مذاق عذب لعله مذاق الجسارة والإقدام, كيف لا؟!! وهم يقولون لنا: وفاز باللذة الجسور, ربما ذاك المذاق تجاوز حده إلى متعة لا يدرك لذتها إلا من يعايشها, كان اقترابي منك على نحو فيه من التماهي والتستر والاختفاء مع زمرة الأقران "الزعران" ما جعلني أتلمس مدى العلاقة وطبيعتها بتسارع جرى على نحو دراماتيكي للتوّ, كأنه (والله وحده اعلم) قد تهاوى وتداعى بأمر فيه من إرادة الله وعنايته ما ساقه لي سبحانه لأترسم ولو بصيصا من نور وفسحة من أمل علي بعد ذلك أدرك حال ما ستؤول إليه الأمور. أخيرا, دفعتُ بوريقتي اليتيمة اللطيمة المقهورة الخالية من إهابها الناصع المصقول إذ لا حراشف بقيت فيها على الإطلاق بعد أن مضى عليها أيام وأسابيع في جيبي وقد أضحت كلفافة الحرز أو كتميمة تبز عيون الحاسدين, كتلك التي كان يصنعها لدهماء ربعي والسذج منهم شيخ الحجابين (الكريدي) في مادبا ونواحيها, سلمتك ورقتي الرثة, لكأنها برثاثة حالها غدت حصنا وتعويذة على صدر طفل همشري دائم الرطوبة والبلل من أعلاه إلى أسفله, فرغم بؤسها وشقائها إلا أنها استقرت في مكمن الضعف بين قلبينا حتى اللحظة مسبلة عينيها وجفنيها وهي إذ تغفو بأمان الله وحفظه فاطمئني وقري عينا.
tahashawabkeh@yahoo.com
اشتباكات عنيفة بين قوات قسد والجيش السوري شمالي حلب
الحكومة: لن نتهاون مطلقًا مع أي جهة أو شخص يروّج معلومات كاذبة
الجامعة الأردنية الرابعة عربيا والأولى محليا في تصنيف الجامعات العربية 2025
إصابة 3 فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين شمال القدس
منخفض جوي يؤثر على سواحل بلاد الشام .. تفاصيل
سماء الوطن العربي تترقب ذروة زخة شهب الدبيات فجر الثلاثاء 23 ديسمبر
توافق أردني مصري على تحسين التنسيق الفني والرقابي على المعابر
وزير التعليم العالي يبحث ونظيره السنغالي تعزيز التعاون
الاحتلال يرتكب 875 خرقا لاتفاق غزة
الصحة النيابية: سنناقش قرار تخفيض ضريبة السجائر الإلكترونية
ترحيل أردني وسوري من مصر لأسباب أمنية
الميداني الأردني جنوب غزة/8 يستقبل أكثر من ثلث سكان القطاع
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية


