حول مؤتمر الدوحة لحوار الاديان ..

حول مؤتمر الدوحة لحوار الاديان  ..

01-11-2011 04:51 PM

 اقيم مؤخرا في دولة قطر المؤتمر التاسع للحوار الاديان الذي تتبناه الدوحة منذ سنوات , ان ما يثير الاعجاب في هذا الموضوع هو ان قطر دولة خليجية مسلمة تكاد تكون اصغر دول العالم  جعلت من عاصمتها العربية محطة للخوض بهذا الموضوع علما انه لا يوجد مواطنون يحملون الجنسية القطرية من غير المسلمين, وما يلفت الانتباه ايضا ان نطاق الحوار قد تعدى شكله التقليدي بين المسلمين والمسيحيين ( على الاقل كديانتين في دولنا العربية  ) لتخوض في الحوار مع اصحاب الديانة  اليهودية وهذا انفتاح حضاري عالي القيمة  خشيت منه العديد من الدول العربية التي تدعي الانفتاح , الا ان الدوحة  قامت باحتضان المؤتمر ليصبح لها الرصيد الوافر ليُنظر الى قطر كدولة مغامرة في موضوع عولمة الحوار و تسعى من خلال هذا الباب لتعميق التواصل الحضاري بين الشعوب , ناهيك على انها تسعى ايضا لاستحواذ حصصا كبيرة في الاقتصاد الاوروبي لا لانقاذ تلك الدول من ديونها وعجزها المالي وانما لامتلاك شركات خارجية وتوسعة نشاطها وهذا حق مشروع لها فلقطر فلسفة خاصة ومميزة تلعب من خلاله دورا مؤثرا في العالم.
   
واشير مفتخرا ايضا  ان الاردن من اوائل الدول العربية الذي شرع ابواب الحوار ولو كان بشكل مختلف مع دولة الفاتيكان وبطاركة القدس منذ تاسيس امارة شرق الاردن , والذي اصبح اليوم يُنظر اليه  كنموذجا عالميا في التعايش المسيحي الاسلامي .
  
  ان موضوع حوار الاديان لطالما بقي من الملفات الحساسة التي أُخرجت من الادراج في بداية القرن الحالي أبان احداث الحادي عشر من سبتمبر ليخرج هذا الموضوع من عباءة الخجل والتراخي في طرحه حيث استفادت دول كثيرة من ابقائه مغيب الطرح  لتتمكن من تشكيل  فجوات فكرية بين الحضارات والتي اصبحت تلك الدول اليوم تتسابق عليه  لتسعى  من خلاله الى توسيع دائرة التواصل والتلاقي بين الحضارات المختلفة.
  
  ربما اتى المؤتمر خلال هذا العام في وقت اشد حاجة اليه المنطقة العربية من اي وقت اخر للحوار والتفاهم حول قيم التعايش المشترك بين المسيحين والمسلمين وخاصة في الشقيقتين مصر والعراق اللتان تمران بازمات سياسية مزمنة لسنوات قادمة ستجعل من  النزعات الطائفية في مصر بين الديانتين حكايات يومية , و كذلك سترتفع ايضا اعداد العائلات المسيحية المهجرة من العراق نتيجة الضغوطات الواقعة عليها من اصحاب الفكر التكفيري الذين ضنوا ان مسيحيي الشرق الاوسط اتوا من خارج البلاد كدخلاء او اجانب ولم يعلموا ان تواجدهم كان منذ بداية ميلاد المسيح عليه السلام , علما ان كبار السياسين في تلك الدول صاروا يلقون اسباب الازمة الطائفية على فتنٍ خارجية مندسة  ليبعدوا عنهم نظرات العتب والاستجواب نتيجة ضعفهم في حماية رعاياهم .
   
 ان عالمنا العربي اليوم دخل مرحلة جديدة من التغيير دُعيت بالربيع العربي و كل هذه التغيرات حركها الشارع  وجعل منها حركة يقضة انتقلت من دولة الى اخرى متجاوزة الحدود لتدخل الثورات دوامة العولمة . لذلك مع كل هذه التغيرات التي تطراء لابد من ايجاد معايير اساسية للحوار المبني على قبول الاخر وافكاره والاستعداد لقبول معتقداته المختلفة تماما التي قد يعتبرها الاخر غير صحيحة بالنسبة لتعاليمه الدينية , لذلك نحن بحاجة الان الى اصحاب العقول الكبيرة والمنفتحة على منهجية الاختلاف بشتى انواعه والذين يحملون في نفوسهم العزم لخلق ارضية مشتركة من خلال استثمار التعاليم السامية المبنية على اسس التسامح والمحبة والتعايش السلمي لنعزز بها تماسك النسيج الاجتماعي .
   علينا ان نعي قيمة الوقت  الحالي لنستغله بحكمة العقلاء وفطنة الحكماء وان لا نُقّيم الامور بظاهرها  ولكن بتمعين النظر في بواطنها , فحراك الشارع العربي نحو التحرر من عبودية رواسب الاستعمار الاجنبي يتطلب منا وعيا كبيرا كي لا يفوتنا قطار الاصلاح الفكري, فلا يتحول ربيعنا الى خريفا تتساقط في كل الاوراق اليانعة.
  
 اننا وبكل فخر نُحيّ دولة قطر الشقيقة على هذه التجربة الرائعة والتي  ابرزت فلسفة الدولة وقيادتها الرشيدة في الانفتاح الحضاري على العالم . ونتمنى من دولنا العربية الشقيقة ودول العالم ان تحذي بخطوات هذا البلد الصغير الكبير بطموحه.


Terri_1981h@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

وفاة أبو بشت تهز مواقع التواصل في السعودية

قتيلان و11 مصابا باشتباكات بين القوات السورية وقسد في حلب

حسابات إسرائيلية تلجأ للذكاء الاصطناعي للتشكيك بمأساة فيضانات غزة

من هم أبطال مسلسل ليل النسخة المعربة من ابنة السفير

بسمة بوسيل تقاضي عرّافة زعمت تسببها بمرض تامر حسني

كأس أفريقيا .. زامبيا تخطف تعادلا من مالي بهدف قاتل

النفط يتجه لأطول سلسلة خسائر شهرية منذ 2023

الفيصلي يفوز على شباب الأردن ويتأهل لنصف نهائي كأس الاردن

اليابان تدرس إعادة تشغيل أكبر محطة نووية لتوليد الكهرباء في العالم

الأميرة دينا مرعد تزور مستشفى الجامعة وتطّلع على أوضاع أطفال غزة

اشتباكات عنيفة بين قوات قسد والجيش السوري شمالي حلب

الحكومة: لن نتهاون مطلقًا مع أي جهة أو شخص يروّج معلومات كاذبة

الجامعة الأردنية الرابعة عربيا والأولى محليا في تصنيف الجامعات العربية 2025

إصابة 3 فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين شمال القدس

منخفض جوي يؤثر على سواحل بلاد الشام .. تفاصيل