حي الطفايله .. الولاء يتعرض لأزمة !!

mainThumb

08-01-2012 12:21 AM

لم تكن " المواجهة " التي جرت أمس امام الديوان الملكي بين رجال الأمن وابناء حي الطفايله في عمان وما نتج عنها من مصادمات وأعمال شغب مرحب بها من قبل اي مواطن من ابناء الحي ، ولم تكن التطورات التي حدثت إلا وليدة لحظات الإعتصام لم يخطط لها أو يُعد لها كما أشيع وقيل ، بل جاءت ردة فعل على سياسة التهميش والإقصاء وسياسة المماطلة التي مورست بحق ابناء الحي لأكثر من عام ، فمنذ عام تقريبا تحرك أبناء حي الطفايله للمطالبة بمساواتهم مع ابناء الوطن على مستوى الحصول على الوظائف من جهة ، وعلى " منح " حقوق جامعية توزعت على جميع أبناء الوطن في الارياف والبادية والمخيمات ، فيما حرم هذا التجمع الكبير من تلك المكاسب والحقوق ، ولازال على وضعه البيئي والاجتماعي والاقتصادي بنفس المستوى الذي كان عليه قبل 50 عاما رغم تضاعف عدد السكان الى ما يزيد على 35 الف نسمة يعيشون على أرض مساحتها لا تتعدى ال 1 كم2 .

 لم ُيسجل ابناء الحي من عمر تاريخ وجودهم في عمان ومنذ اواخر العشرينات من القرن الماضي أية مصادمات او تمرد أو خروج على الدولة الأردنية ، وبقي الأهالي ولا زالوا هاشميو الولاء واردنيو الانتماء ، ودفعوا مقابل ذلك الولاء والانتماء لوطنهم الثمن غاليا في كل الاحداث والمنعطفات التي واجهت البلاد وكانوا بمثابة جيش أخر لم يبخلوا بدمائهم على هذا الوطن ، ولم يعلنوا يوما ورغم ما اصابهم من تهميش وإقصاء خروجهم على النظام اذا ما تعلق الأمر بتهديد مصالحهم الشخصية والفئوية وولائهم لدول أخرى كما فعل البعض في ازمات الاردن مع بعض دول الجوار ! 

فبقي الحي وبإعتراف " العدو " قبل الصديق بقعة أرض أردنية خالية من الشوائب والولاءات والانتماءات الخارجية ، فلماذا يمارس بحقهم التهميش والاقصاء ! ولماذا لا يتم مساواتهم كغيرهم من ابناء الوطن وحتى من الغرباء أو الدخلاء في مجال الحصول على المكرمات و"المنح " والحقوق والوظائف المناسبة والاهتمام بواقع الحي البيئي والاجتماعي المهمش منذ العشرينات !!

 تبدلت المفاهيم وانقلبت ، فأصبح ُيذكر أن المنح الجامعية هي حق من حقوق الشباب وليست هبة أو مكرمة تمنح لأفراد وتحجب عن آخرين بقرار لا يعرفه صاحب الأمر ! وليست المناصب العليا حكرا على تحالفات تجار وسماسرة وفاسدون وبضع عائلات أردنية و " غير أردنية " ، ثبت للجميع دور بعضها فيما وصلت اليه حالة البلاد من ضعف وأزمات اقتصادية وانتشار مذهب الفساد والمحسوبية والشللية ، وما آلت اليه أحوال الناس الاجتماعية والاقتصادية ، وكأن البلاد خلت من غير تلك العائلات وتلك الزمر !

 أذكر أنه وقبل عام تقريبا كان لبعض شباب حي الطفايلة أكثر من لقاء جرى مع رئيس الديوان الملكي ، وُسلمت اليه مطالب الحي والصعوبات التي يواجهها الناس على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والوظيفية والتعليمية العليا ، وكانت الوعود لا غير هي سيد الموقف ، ورغم ما أكده الرجل أن جلالة الملك مهتم بمساعدة الناس وتحسين حياتهم وتلبية مطالبهم وخاصة في تلك المناطق المحرومة والمنسية والمهمشة وشبه القروية داخل عمان ، فأن العاملين في الديوان الملكي والحكومات المتعاقبة ، أوحتى من وجهاء المنطقة من نواب وأعيان ووزراء ومتنفذين وعلى مدار اكثر من 30 عاما كانوا كذلك غير مبالين أو مهتمين بشؤونه ومشاكله ، فتراكم الخلل ، واتسعت الهوة بين الناس وبين النظام نفسه ، فتعرض الولاء الذي يحمله الناس في قلوبهم الى هزة عنيفة عنوانها الميل للتحد والتمرد والخروج الى الشارع للمطالبة بحقوقهم بسبب سياسة التهميش والمماطلة التي تمارس بحقهم بعد أن أفشل العاملون في الديوان الملكي سواء اكان رئيس الديوان أو غيره ممن كان لهم الدور الاميز في إخفاء وحجب مطالبهم ووضعها في ماكينات القص والإتلاف المعروفة وعدم إيصالها بكل أمانة لصاحب الأمر .

 لم ُتفرحنا أحداث الأمس ، وعكست الأحداث في أنفسنا تأثيرا بالغا لم نرغب في حدوثه أو تكراره ، ولن يوقف الشباب تهديدات الدرك والأمن بمهاجمة الحي وإعتقال المطلوبين كما قيل على لسان أحد الضباط ، وحتى لو جرى ذلك ، فأن ذلك لن يثني الناس عن مواصلة التحرك السلمي والحضاري ، إذ لم تعد المسألة مرتبطة بعشرات المحرومين من الوظائف والمنح الجامعية فقط ، بل بحي بكامله يشعر ابناءُه بسياسة تهميش غير إنسانية تمارس بحقهم ، عكست نفسها بشكل بالغ جدا على مفاصل حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ، الأمر الذي قد يدفعهم لدعم ومساندة مطالب الشباب وتحمل مسئولية ما قد يجري ! . 

على المعنيين حكومة وديوان ولكل من يهمه الأمر ، قراءة ماجرى بتروي وإمعان ، والتحرك مباشرة ودون تأخير ، والاستماع لمطالب الشباب وتلبية ما يمكن تلبيته حتى لا تصبح المنطقة بمثابة وجع وألم في خاسرة النظام ، وخاصة ما قيل سواء أكان ذلك صحيحا او غير صحيح عن وجود جهة سياسية كانت وراء تلك الأحداث وخططت لها منذ فترة ، فقد استطاعت توظيف غضب الشباب وحراكهم المطلبي لدفعهم للإعتصام والخروج عن المألوف ضمن منهج سياسي يستهدف تحريك ابناء العشائر في مواجهة مع النظام ! فهل وصلت تلك الرسالة الى المعنيين ، أم أن الامر بنظرهم يُعد نزوة لبعض الشباب سرعان ما ينتهي ويزول !

 انا لا اعتقد بذلك ، فالمؤشرات تقول بأن القادم قد يكون أسوأ بكثير مما جرى بالأمس !


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد