بين اتجاهين

mainThumb

02-04-2012 11:44 PM

  الأردن؛ المزار والمحج والملاذ للهاربات بأعراضهن وكرامتهن من المسلمات العفيفات اللواتي نفذن بأصالتهن من بطش المتجبرين والطّغاة. وللباحثين عن زاوية يلتجئون إليها مع عيالهم آمنين مطمئنين، ولمن ضاقت بهم سبل العيش الكريم في بلادهم، وللفارين بأرواحهم من الفتن إلى مراكب النجاة.

هذا هو بعض الأردن كما نراه في عيوننا بعد أن تخاطفته وتناوشته أياد من أبنائه؛ هؤلاء أفقروه واغتصبوه ونهبوه، وبعض من أؤلئك، بدعوى الصّلاح والإصلاح، يوقدون الجمر في الرّماد. وبين هؤلاء وأؤلئك فريق ثالث بريء من هؤلاء، وله تحفّظ كبيرعلى ما يصدر بين فينة وأخرى عن أؤلئك. دعونا من اللصوص لحظة واحدة فقط، نستجمع فيها أدواتنا وحرابنا المشروعة للقضاء عليهم في أروقة القضاء. دعونا نتفق أولا على أنّ المواطن أسمى من الأحزاب والجماعات والجبهات والتيارات والحراكات؛ فلكل مما ذكر أهدافه المرئية والمخفية وهي ليست ذات إجماع، في حين أنّ المواطنة والوطن لا يختلف عليهما اثنان.

وأنّ هذا المواطن الذي يتباكى عليه المزايدون سيمسحون الأرض به إن تسلموا أو استلموا زمام الأمور إذا عارض فكرهم أو رؤاهم، وسيستباح دمه أو كرامته، والمبررات والمسوغات معدة سلفا. ودعونا، مهما اختلفنا في الإجراءات والأساليب، من التّطاول على رموز ارتضيناها( كفريق بين اتجاهين) رغبة لا رهبة، ارتضيناها حبا لا نفاقا؛ رموز تتمثل في نظام الحكم الهاشمي، والمحافظة على هيبة الدولة بأنظمتها وجهاتها الأمنية كافة؛ فالعبث بالأمن هو اللبنة الأولى في تفكيك الدولة وانهيارها؛ إنّه وتد في ظهرها ومسمار مسنون في نعشها.

فمع وجود الفساد المستشري منذ عشرات السنين بنينا وطنا يفخر بإنجازاته في كافة المجالات الحياتية على مستوى الوطن العربي على الأقل. ولكن مع استشراء الفوضى والاستقواء على الدولة كنظام سننقض الغزل الذي نسجناه على مدار سنين خلت. فتخيلوا كيف سيكون الأردن إذا خلا من هذا وذاك؛ الفساد والفتن. إنّ الحراك الأردني مدرسة في العزيمة والإصرار، ولكنه ليس مدرسة في التّعنت والتّصدي للجهات الأمنية سواء أكانوا من نشامى الأمن العام أم فرسان الحق الذين أُشبعوا تهجما واستفزازا في المسيرات والاعتصامات المتكررة والتي حاد بعضها عن الدرب القويم لينحرف بهتافاته وشعاراته التي تجاوزت فيما بات يعرف بالخطوط الحمراء؛ وإن هي إلا خطوط ناصعة البياض والصفاء فلا تلوثوها. الفريق الثالث هذا، عدوّ لكل فاسد ومرتش، وفي الوقت نفسه عدوّ لكلّ من يوقد الشرّ والفتنة والتهجم على النظام الملكي الهاشمي والجهات الأمنية.

هذا الفريق يقول لأصحاب القرار في الحكومة والتشريع في مجلس النواب: كفاكم، ثم كفاكم قرارات تتخذونها بين فينة وأخرى لا توصف إلا بالرعونة وقصر النظر؛ فكل قرار من هذه القرارات الفجّة يزيد من أعداد الذين سيكونون عرضة ولقمة سائغة للمتاجرين والمغامرين والمتصيدين لمآسي ومشكلات الآخرين. إنّ مثل هذه القرارات تؤجج الشارع، وتدفع برجل الأمن العام أن يصطدم بأخيه وابن عمه وجاره؛ فحراك الطفيلة بدأ بمطلب لو تصرف المسؤولون تجاهه برويّة وبعد نظر لما تطور إلى ماهو عليه الآن بعد أن مهدتم الطريق للمتصيدين باستغلال هذا الحراك في بقعة عزيزة علينا.

يا أصحاب القرار، آن الأون أن تعرفوا أن الأردن ليس عمان الغربية فقط ولا دير غبار؛ قراراتكم وممارساتكم وسرسرة البعض منكم هي السبب المباشر لنثر غباركم وقرفكم في دروب الطفيلة وغير الطفيلة. فلو نظرتم إلى الأردن كوطن وليس كمزرعة، لكانت في كلّ بقعة طاهرة فيه مشروع تنموي أو أكثر يعمل فيه شبابنا وفلذات أكبادنا، يحتضنهم قبل أن يسارع الشارع باحتضانهم؛ الشارع الذي لا يتسم إلا بالانفعال والتسرع والفوضى والاصطدام في ظل هذه الظروف. أيها المسؤولون وأصحاب القرار، عودوا إلى رشدكم إن كان. أيها الأخوة الأردنيون في الحراك وغيره، اكتبوا التاريخ قبل أن نصبح جميعا في التاريخ. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد