الاصلاح الحقيقي بحاجة إلى حوار وطني

mainThumb

28-04-2012 02:01 PM

 فجر رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة مفاجأة من العيار الثقيل وذلك بتقديمه استقالته على نحو يقال بأن فيه مخالفة للأعراف التقليدية لاستقالة الحكومات وبغض النظر عن مدى ملائمة تلك الاستقالة للأعراف من عدمها فإن ما يهم المواطن الأردني هو ما سيأتي في قادم الأيام

 
فالمواطن بدأ يلمس أن مافيا الفساد أخذت تتغول مستعينة ببعض تجار الأوطان لتحقيق مأربهم في إيقاف عجلة الاصلاح وهذا بطبيعة الحال يتناقض مع رغبة العرش الملكي بالاصلاح إذ كيف تستقيم المناداة بالاصلاح وفي نفس الوقت تتم تبرئة أرباب الفساد واحد تلو الأخر دون أي محاكمة 
 
ومن المؤسف بأن مجلس النواب الحالي أصبح يشكل حجر عثرة أمام محاربة الفساد حيث أخذ على عاتقه تقديم الحماية والبراءة لكثير من أرباب الفساد وهو في الواقع يغرد خارج طموح الشعب الأردني حيث أنه بذلك يقدم أسوء صورة يمكن أن يقدمها أي مجلس نيابي لشعبه مما قد يجعل الكثير من أبناء الوطن يفقدون الثقة بالسلطة التشريعية الممثلة بالنواب بحيث قد يحجم الكثير منهم عن القيام بأي عملية اقتراع مستقبلية في ظل قانون انتخابي غير متفق عليه وفي ظل امكانية التزوير والتي قد تجلب نواباً جلّ اهتمامهم خدمة مصالحهم الشخصية الضيقة وتقديم الخدمات لبعض المتنفذين على حساب الوطن 
 
إن الاصلاح الحقيقي يبدأ بتعديل جميع القوانين التي تحول دون محاكمة الفاسدين فلا حصانة لفاسد على أن يتم بالتزامن مع ذلك البدء بحوار وطني شامل تقوم به الحكومة القادمة مع الأحزاب السياسية وكافة أطياف المجتمع الأردني للوصول إلى قانون انتخابي يضمن إجراء انتخابات شفافة ونزيهة تفرز مجلساً نيابياً يمثل الشعب الأردني تمثيلاً صادقاً ويعبر عن أماله وطموحاته 
 
ومن المؤكد أنه ليس هناك ما يمنع من تشكيل حكومة انتقالية ذات أجندة اصلاحية في هذه الفترة بحيث يكون من أهم أولويات الحكومة تنفيذ الانتخابات التشريعية بعد الوصول إلى قانون للانتخاب متفق عليه مع سائر القوى السياسية في الشارع الأردني ومن هنا فإن على الحكومة القادمة أن تعيد النظر في قانون الانتخابات المقدم من الحكومة المستقيلة كونه لم ينل قبول الكثير من القوى السياسية وأن تطرحه على طاولة الحوار الوطني أما إن أصرت الحكومة الجديدة على ذات القانون وأحجمت عن طرحه للحوار فإن هذا سيكون من أعظم الدلائل على أن الحكومة هي أبعد ما تكون عن الحكومة الاصلاحية  
 
إن المواطن الأردني البسيط هو من يدفع ضريبة الفساد وتزوير الانتخابات التشريعية ويلمس ذلك في قوته ومعاشه وسائر جوانب حياته اليومية ومن هنا فإن معيار نجاح الحكومات من فشلها هو بمقدار سعيها لتحسين الحياة اليومية للمواطن الأردني وتوفير الحياة الكريمة له ومما لا شك فيه بأن محاربة الفساد تصب في هذا الجانب والمواطن لا يريد شعارات بل يريد أفعالاً من الحكومة تعكس الرغبة الجادة في الاصلاح   
 
وبالتأكيد أنه ليس من الذكاء أو الحنكة أن تبحر في بحر متلاطم الأمواج بسفينة فيها مجموعة من الثقوب والعيوب بل لا بد من وقفة ليتم اصلاح العيوب كذلك لا بد للحكومة القادمة من وقفة تاريخية أمام الشعب الأردني من أجل سن القوانين والتشريعات الاصلاحية الحقيقية لكي تتمكن سفينة الوطن من النجاة ...


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد