دعما للديمقررطية العربية : لماذا وكيف ؟

mainThumb

04-05-2012 07:19 PM

< الجزء الثاني>

.... يتنبأ تقريرفريق العمل المستقل!!رقم 54 الصادر عن مجلس العلاقات الخارجية (كما جاء  في الإشارة إلى مرجعيته في الجزء الأول الذي سبق نشره في السوسنة) بأن :-

 عملية الانتقال إلى الديمقراطية يمكن أن  تفضي إلى عدم الاستقرارعلى المدى القصير,إلا    إن فريق العمل يجد أن السياسات الموجهة للحفاظ على الوضع السلطوي الراهن في الشرق الأوسط تشكل  خطرا أكبرعلى المصالح الأميركية والأهداف السياسية الخارجية للولايات المتحدة ...

التناقض المتكرر والمألوف إعلاميا في الطروحات السياسية الأميركية لا يقتصرعلى معالجة مواقف سياسية لأحداث عابرة تأخذ مأخذها في هذا البلد أو ذاك من بلدان العالم ,على لسان  ناطق إعلامي ,أو بواسطة تصريح لمسؤول كبير بصيغة هلامية , وعبارات مموهة بمصطلحات شائعة التداول, وإنما يمتد هذا التناقض ليطال آراء رؤساء الإدارة الأميركية وفهمهم لمواقف    من سبقهم من القيادات, كما نستدل على ذلك من آراء الرئيس جورج بوش الإبن الذي ساق  بسياساته تجاه المنطقة بشكل مباشر,أميركا إلى حروب مدفوعة باجتهادات مجموعة                 المحافظين الجدد وتحليلاتهم التقليدية والمتشنجة الذين لم تميزرؤيتهم لأحوال العالم   وأوضاعه بين استعمال القوة لتحقيق المصالح الأميركية والإبقاء على حالة التفرد الأحادية     للقوة العسكرية الأميركية بتحريك الاتجاهات السياسية والعقائدية في مختلف دول العالم , وبين توقع قدرة رد الفعل المسلحة لمقاومي أبناء هذه الدول وأحرارها ,ودوافعم القومية – الوطنية على مجابهة  النمط الإمبريالي البالي في إخضاع الآخرين بالتهديد بالقوة , مهما تعاظمت أسلحتها ووسائلها,فتورطت أميركا في معضلات من صنع يدها وارتدت عواقبها على ضعيفي البصيرة من مخططي سياساتها المستندة إلى التخويف والترهيب والقتل والتدمير.

فقد وقع الرئيس (السابق) جورج بوش الإبن في تناقض صريح بالمفاهيم العامة ودلالاتها لمنظومات قيمية سمت على مرالدهوربتفكير الإنسان إلى مستويات ارتقت معها دوافعه وذلك  بما أبداه من آراءعلنية حول العلاقة بين الحرية في أميركا وبين الحرية في دول أخرى ,حيث    يقول دون مواربة وبقدر كبير من الاستعلاء والأنانية  :-

 فقد دفعتنا الأحداث وكذلك إحساسنا العام إلى التوصل إلى نتيجة واحدة هي إن بقاء الحرية في بلادنا يتطلب قهر الحريات في دول أخرى, وكان أنْ عنّ لي يوما إن والدي لم يكن محقا ولا حكيما في احتضانه الطغاة وتوطيد علاقاته بهم على طريقته الخاصة في التضحية بقيم الحرية من أجل الحفاظ على استقرار تلك الدول.غير أنه أصبح لزاما عليّ اليوم الاعتراف بأن أبي كان في غاية الحكمة والفطنة في سياسته تلك !!!

ولم تقف نباهة جورج الإبن الذي اعترف بفطنة أبيه في كل ما يخالف (القيم الأميركية في الأرشيف الدستوري, وفي ارشيف الخطابات السياسية الداخلية المعنية بمخاطبة الأميركيين)  والقيم الإنسانية,وثقافاتها الحضارية والتنويرية في أبسط مبادئها وأكثر تعاليمها بداهة, في   الاعتقاد بأن التضحية بقيم الحرية تؤدي إلى الاستقرار!! بل في وضع معادلة فائقة الغرابة بسذاجتها من ناحية,وفظاعة نتائجها الكامنة في معناها الحقوقي والقيمي من ناحية أخرى,  وضيق الأفق السياسي من ناحية ثالثة إذ أضاف بقوله :

                      إن أفضل الطـرق وأقـصرها لبسط الأمن والسلام و
                      الاستقرارفي العالم ,هي في توسيع شبكة الطغاة فيه.

ولكن ثبت بالدليل التاريخي بإن فقدان الحرية في أي مجتمع لا يستقيم مع الاستقرار, وإنْ  استطاع الطغاة أو بعضهم بسط الأمن بوسائل قمعية , وعقوبات مرعبة , ليس أقلها محاربة المعارضين أو المعترضين بلقمة عيشهم  وذلك بمنع توظيفهم وسد سبل العمل الشريف  أمامهم , وهي حرب صامتة قساوتها تكفي للدلالة على ما قد يتمكن الطغاة من قدرة على إلحاق الأذى بالمعارضين . وقد يحل الأمن في مراحل تتفاوت فيها فترات السلام من بلد لآخرتحت تأثيرعوامل داخلية ,  وأخرى خارجية تجد فيها القوى الوطنية التحررية فرصها في المطالبة الملحة بالحرية واستعدادها لتقديم التضحيات لتحقيق غاياتها المشروعة.

ولكن الرئيس بوش نفسه,صاحب تلك الفلسفة المفلسه في واقعها العملي في ربط العلاقة بين الطغيان وبين السلام والاستقرار,كررالدعوة إلى التغيير السياسي (وليس تغيير الساسة ) في العالم العربي ,حيث شدد الرئيس بوش في اجتماعه في البيت الأبيض في فبراير 2004    للرئيس زين العابدين بن علي, الذي يحكم (كان يحكم) تونس بقبضة من حديد (حسب تعبير التقرير)على ضرورة التغيير السياسي .ويضيف التقرير: وبعد بضعة أشهر,في اجتماع عُقد في مزرعته في كرافورد بولاية تكساس,يُقال إن الرئيس تكلم بصراحة إلى الرئيس المصري  السابق حسني مبارك عن دعم واشنطن للديمقراطية في مصر.!!!!

فهل  ترافق ذلك الطرح المباشر بين رئيسي مصر وتونس السابقين (زين العابدين بن علي,وحسني مبارك)   وبين الرئيس الأميركي مع تقيد الإدارات الأميركية التلقائية العلنية     منها والسرية في دعم جهود ثواركل من تونس ومصر, وتوجيه مطالبهم المتدرجة من المناداة بالحرية ,إلى المناداة بإسقاط النظام ,وإمدادهم  بالمواقف العلنية والتحريضية, والتصريحات الرسمية الكفيلة بإنجاح مساعيهم المنضبطة بإيقاع وإدارة المايسترو الأميركي ؟؟.......  (..إلى الجزء الثالث).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد