الساحة السياسيَّة والفراغ

mainThumb

06-05-2012 11:06 AM

يبدو أن الساحة السياسية في الأردن تعاني من فراغ سياسي كبير لم تستطع القوى السياسية التقليدية ملؤه, ولم تستطع أن تنتقل الى طموحات الشباب والأجيال الجديدة, ولم تستطع التواصل مع هذه الجمهرة الكبيرة من قطاعات المجتمع المتشكلة على حافة الضياع والارتباك.

هذه الشريحة الواسعة من الجيل التي تشكل ما يزيد على 60% من المجتمع تشعر بالإهمال والتهميش والضياع, فلا الحكومات المتعاقبة استطاعت تفهم هذا الواقع فضلاً عن القدرة على التفاعل معه ومعالجة اختلاله, ولا القوى السياسية على اختلاف مشاربها واتجاهاتها ومرجعياتها استطاعت التواصل مع الأغلبية الساحقة من هذه الشريحة, فضلاً عن استيعابها, وتشغيلها ومعالجة البطالة الواسعة المنتشرة في أوساطها, واقصد بالبطالة هنا ليس البطالة عن العمل وإنما البطالة السياسية.

ويجب أن نتفق على منطلق حاسم, بأن أي قوة سياسية, تخلو من الحضور الواسع والمكثف لمجتمع الشباب, فقد حكمت على نفسها بأنها تنتسب الى الماضي, وإنها في تراجع, وإنها تسير نحو الضعف والأفول والمسألة مسألة وقت فقط.

الحضور الفاعل للشباب, ليس بمحاولة الضحك على هذه الشريحة من خلال تمثيلها المتكلف والمصطنع, ولا من خلال الشعارات العاطفية التي تخاطب الوجدان, ولا من خلال الوعظ السطحي, وتكرار عنوان المشكلة بطريقة مملة, تخلو من الفهم العميق لحقيقة الأزمة, وتخلو من الأسلوب المنهجي السليم باجتراح الأطر الواسعة القادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من العقل النشط والهمة الوثابة وإطلاق العنان للحركة الإبداعية الشبابية في الانجاز والمشاركة وتحقيق النجاح, وامتلاك أدوات الفرز والتقويم.

نقطة البداية لا تتمثل بجلب الشباب الى أطر مرسومة سلفاً, لها قيودها وعاداتها وأعرافها المستقرة التي لا تقبل التغيير إلاّ بالكسر والمكاسرة والمعالجات النزقة التي تستنزف الجهد والفكر وتقتل العاطفة وتحطم الأمل.

إن القوى السياسية التقليدية التي اعتاد رجالها التكيف مع الواقع المريض, والعمل من خلال معادلات الاستبداد والفساد خلال نصف قرن من الزمان, لن تكون قادرة على الانعتاق من هذا الواقع ولن تستطيع التمرد على المعادلة الخطأ بين عشية وضحاها, ولا يتحقق بمجرد الرغبة والاطلاع على الحقيقة المرة.

الحل يكمن في تلمس الطريقة الموضوعية والمنهج العلمي في التفكير والبحث, القادر على توجيه العقل الشبابي الجمعي الى ابتكار الأطر الجديدة القادرة على معالجة الأوضاع, وليس بفرض الحلول الجاهزة عليها والأطر المعدة سلفاً.

ليس الذي أقول تهجماً على احد أو مجموعة أو حزب, وليس تقليلا من جهد احد وجهاده, وليس تهكماً على التراث والتقاليد, وإنما ما يجب أن نعرفه أن كل اجتهاد توصل إليه العقل في الماضي السحيق أو القريب, هو محل تقويم وإعادة نظر, ولا يصل الى مرتبة القداسة التي لا تقبل النقاش والحوار.

والشيء الآخر أيضاً أن أهل كل زمان أكثر معرفة بزمانهم, وهم مؤهلون للاجتهاد بما يصلح زمنهم, واجتهاد السابقين محترم ومقدر ولكنه أكثر صلاحاً لزمنهم هم, ورحم الله عمر عندما قال اعدوا أبناءكم لزمان غير زمانكم.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد