الطريق الليبرالي الى الاصولية المتطرفة

mainThumb

09-05-2012 11:53 AM

يعتبر عام 1970 محطة فاصلة في التاريخ العربي ويصح القول إن هذه المحطة اهم كثيرا من محطة العدوان الصهيوني على العرب عام 1967 ولنا ان نقول ايضا:- العرب ما قبل وفاة قائد الامة جمال عبدالناصر, والعرب ما بعد هذه الوفاة.

وقد اسست هذه المحطة لكل الانقلابات السياسية التالية من كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة, الى العدوان على العراق واحتلاله الى ما نعيشه هذه الايام.

ابتداء من عام 1970 الذي ترافق مع وفاة عبدالناصر, لجأت القوى الحاكمة, القديمة والجديدة, الى الاستعانة بأوساط اسلامية معروفة لمواجهة التيارات القومية الناصرية واليسارية الثورية, وكان السادات (الذي اخرج مصر من تاريخها ودورها القومي العربي الفاعل, ووضعها في المعسكر الامريكي- الصهيوني احد مهندسي هذا التحول الرجعي, الذي تفاقم اكثر مع (الجهاد الامريكي) في افغانستان ضد (الخطر الشيوعي) وكما هو الحال اليوم من تحالفات غريبة بين الليبراليين والاصوليين, فقد ترافق التحول الرجعي المذكور بعد عام 1970 مع التراجع الرسمي في مصر وغيرها عن القطاع العام ودعم الدولة للقطاعات الاجتماعية لصالح السوق والمافيات والحيتان.

وبدلا من ان يؤدي تحطيم الطبقة الوسطى وتوسيع خط الفقر, الى انتعاش اليسار الثوري, انتعشت التيارات الاصولية المتطرفة التي راحت تقضم القوى الحاكمة نفسها التي اطلقتها فيما يشبه (حالة فرانكشتاين الذي قتل صاحبه) وكان السادات اول ضحاياها, ومثله الجزائر, بعد ان قام الشاذلي بن جديد بخطوات مماثلة دفعت الجزائر الى مواجهات عسكرية داخلية.

وقد ساهم الانهيار السوفييتي 1990 ثم حصار العراق ثم حصار سورية في تغذية الجماعات الليبرالية في كل مكان بما في ذلك دمشق نفسها التي اطلقت العنان لهذه الجماعات ضد القطاع العام ومراسيم الاصلاح الزراعي التي بدأها عبدالناصر خلال الوحدة المصرية- السورية واكملها البعث بعد اذار 1963 مما يفسر نجاح الجماعات الاصولية في اختراق الارياف الفلاحية وتحويل الاحتقانات الطبقية المدنية المشروعة الى احتقانات طائفية مسلحة...

ومما يبعث على الاستهجان حقا, ان تقوم اكثر المعارضات العربية تطرفا والتباسا بالدعوة لانهاء القطاع العام (الشمولي) لصالح الاقتصاد الحر المفتوح الذي ادى الى الاحتجاجات العارمة في كل مكان, بل وان تقوم جماهير هذه المعارضة (الفقيرة) بتبني هذه الدعوة التي تنسجم مع المصالح الامريكية والرأسمالية من جهة ومع خطاب الاسلام الامريكي الذي يفرغ الحراك من مضمونه الطبقي لصالح خطاب طائفي- من جهة ثانية.

mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد