من ينقذ إذاعتنا الحبيبة ؟

mainThumb

30-05-2012 09:52 PM

 عندما نأوي إلى الفراش بعد انقضاء يوم حافل بالعمل والمتاعب والتحديات، وقبل أن تتخدر رؤوسنا بنشوة النوم، كثير منا من يبدأ برسم حلم ليوم الغد، ولأننا نتصف بالمهارة في رسم الأحلام، حتماً نُخرج لوحة تفيض بالانتصار وتعبق بعزيمة فولاذية وبالفعل نستيقظ نتراقص فرحاً، نرتدي حلة جديدة نجعل مساماتها ترشح برائحة العطور، ثم ندلف إلى السيارة فرحين، وقبل أن نربط حزام الأمان تدغدغ اللهفة أصابعنا لتشغيل مفتاح المذياع، على أمل أن نغمس آذاننا بدفقة فيروزية، أو تداهمنا أغنية جميلة تعيد تأثيث ذاكرتنا ونفسيتنا من جديد، أو لعله يقرع أسماعنا خبر يملأنا فرحا وسرورا.

 
 في خضم ذلك كله تداهمنا نشرة أخبار الصباح بصوت أحد المذيعين يتثاءب النشرة - كالعادة طبعا –  بكل برودة أعصاب دون الالتفات إلى عدد ضحاياه من المستمعين نتيجة ارتكابه لمجزرة لغوية ونحوية ... بطريقة بشعة ثم يبدأ بعدها (بمناغشة) من يقف على الصوت أو الإضاءة في الأستوديو كأن شيئاً لم يكن.
 
 وبعد أن ينجح في بث أغنية جميلة يقوم فورا باغتيال صوت المطربة وذلك عن طريق الدندنة بصوت مرتفع ظنا منه بأنه العندليب الذي تتمايل لعذوبة صوته رؤوس الجبال، ناهيك عن قهقهته الماراثونية التي تقصفنا بحالة هُجاسية نضطر معها للضحك بقوة من شدة الحنق، دون أن نعرف لماذا انطلقت وكيف انطلقت ومتى ستنتهي، مما يجعلنا نضرع إلى الله أن يرحمنا ويرحمه لينتهي الموقف بسلام دون أن نفقده أو يفقدنا من شدة مرارة الضحك المبكي، متناسيا بانه على الهواء مباشرة وليس في غرفة نومه. 
 
بعد ذلك يغرق في الحديث فجأة عن فضائل جدته أو جده ... ويجري على ألسنتهم الحكمة وإذا ما قاطعه أحد المتصلين لعرض شكوى أو مظلمة يبدأ بفتل عضلات نفوذه في الدولة، وعندما تأخذه العزة بالاثم يتحول جلالة الملك – بقدرة قادر -  إلى صديق شخصي له.
 
واذا ارتكب بعض المتصلين هفوة صغيرة تبدأ حفلة الصفع على الهواء مباشرة وذلك بعد أن تتورم أوداجه وعروقه ليتنافخ بوطنية لا يشاطره فيها أحد، وبعد أن ينتهي من دروسه الوطنية الصاخبة يعاوده الهدوء من جديد فيمطر المستمعين بزخة نكات وخفة دم تنسرب في مسامعنا كالطحالب.
 
 عندها نصاب بالإرتباك والإحباط وفجأة تعترينا نوبة من الغضب قد تودي بنا ذات يوم إلى إلقاء المذياع من نافذة السيارة فالسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل نضب البلد من الكفاءات والشخصيات المؤهلة القادرة على المحافظة على رونق إذاعتنا الحبيبة؟ 
 
نحن بالفعل بحاجة ماسة إلى وضع معايير محددة وثابتة في توظيف المذيعين والمذيعات يتمتعون بقدر كبير من الثقافة والمهنية وسرعة البديهة وحسن التخلص لتقديم الأفضل بحلة لغوية تحافظ على هويتنا ولغتنا العربية الأنيقة فهل من مجيب ؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد