فرسان القبة وثقافة الأحذية

mainThumb

19-06-2012 08:47 PM

 يحكى أن الزعيم الهندي " غاندي " وفي لحظة انهماكه المحموم في حث الخطى للحاق بالقطار الذي بدأ السير، سقطت منه إحدى فردتي حذائه على الأرض، وبعد فشل محاولته في التقاطها، سارع على الفور بخلع الفردة الثانية، ورماها بجوار الفردة الأولى، وعندما أعرب مرافقوه عن دهشتهم بسؤالهم له عن السبب؟! أجابهم: حباً مني في إفادةِ من يجدهما أن ينتفع بهما.

ويحكي أيضا أن " خورتشوف " السكرتير الأول للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي – سابقاً – قام في عام 1960م، وخلال الجلسة التحضيرية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، بالضرب بحذائه على منصة الأمم المتحدة، اعتراضاً على خطاب رئيس الوفد الفلبيني، الذي انتقد فيه الاستعمار السوفيتي في أوروبا الشرقية.
 
في السياق ذاته، لا زال العالم – بخاصة العربي – يتذكر حذاء الصحفي منتظر الزيدي، عندما قذف به نحو جورج بوش ( الإبن )، أثناء زيارته للعاصمة العراقية بغداد؛ مما ولّد احتفالات لدى المقهورين في أماكن شتى من العالم، ابتهاجاً برأس الطاغية وهو يتمايل يميناً وشمالاً، لتفادي صاروخاً عراقياً من نوع ( كندرة – أرض جو). 
 
لو أمعنا النظر بما سبق، لوجدنا أن لكل صاحب حذاء رسالة: فغاندي كانت رسالته إنسانية، وخرتشوف كانت سياسية، وأما الزيدي فرسالته كانت واضحة جداً، فهو لا حول له ولا قوة، بعد أن أضحت بلاده تحت الاحتلال الأمريكي مسلوبة الإرادة والمال والسلاح، وبالتالي تحول حذاؤه إلى سلاح في وجه المغتصب. إذن ثلاثتهم سطّر لوحة مشرقة في تاريخ وطنيته والأداة واحدة.
 
أما هناك ... هناك ... في مكان يدعى ( تحت القبة ) شاهدنا أن بعض (الفرسان ) قد امتطوا خيولا بلا سروج، لهم سيقان عارية، ولهم أحذية مجنحة بلا رسائل، تفوح منها رائحة الإفلاس، ورائحة الهزيمة. ( زواداتهم ) مليئة بالقمع وبالردة الحضارية، حروبهم دائماً على طريقة ( دون كيشوت ) يقاتلون طواحين الهواء، لا نسمع منهم سوى جعجعة بلا طحين.
 
ثقافة الحوار لديهم مائدة من موائد الشيطان، لا يقربها إلا الخائنون والآثمون والرجعيون، حولوا أحذيتهم إلى رماح وسيوف، فتحولوا من مُنتَخَبين إلى مُنتَعَلين بقدم الفجاجة واللجاجة، كما تحولوا إلى ( ظواهر صوتية ) وإلى ( فزاعات وطنية ) علماً بأن الوطن منهم براء. 
 
الأردن في الوقت الراهن، يحتاج إلى فرسان لهم أجندات وطنية ( قلب – عقلانية ) منبعها من الرأس والقلب، لا إلى فرسان يمتطون صهوات أجندات ( بَع – وطنية )، يفتلون عضلاتهم، ويتحسسون شواربهم، ويخلعون أحذيتهم؛ ليثبتوا لأنفسهم بأنهم رجال تحت القبة، وليثبتوا لأنفسهم أيضاً، بأن لهم أحذيةً ستطرز لهم صورة خالدة فوق القبة تسر الناخبين. ورحم الله شاعر العربية ( المتنبي ) عندما قال:
 
الرأيُ قبلَ شـجاعةَ الشــجعانِ هو أولٌ وهـي المحلُّ الثاني
فإذا همـــا اجتمعَا لنفــسٍ حرةٍ بلغت من العليــاءِ كلَ مكانِ
ولربمــا طعنَ الفتــى أقرانــهُ بالرأي قبل تطـاعنِ الأقرانِ
لولا العقولُ لكان أدنى ضيغمٍ أدنى إلى شرفٍ من الإنسانِ


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد