قادة النظام السوري ليسوا مذعورين!

mainThumb

14-07-2012 02:18 PM

 يعرف المسؤولون السوريون أن الحسابات التي أجروها بعد اندلاع الثورة الشعبية على النظام الحاكم بلادهم منذ 42 سنة لم تكن دقيقة. فهي لم تنتهِ بعد أسابيع أو بعد اشهر كما كانوا يقولون. بل توسعت بحيث شملت معظم المحافظات السورية والمدن السورية الكبرى. كما انها تعسكرت، أي تحولت من سلمية الى مسلحة وإن مضطرة، بسبب قرار قادة النظام القضاء عليها تماماً بالقوة العسكرية. ويعرفون أيضاً أن الثورة المذكورة قد لا تنتهي في وقت قريب وخصوصاً بعدما استقطبت تأييد غالبية المجتمع الدولي ومعظم الدول العربية ودولاً اقليمية مهمة مثل تركيا، وبعدما بدأ مدّها بالسلاح والمال ووسائل الاتصال كي تنجح في مواجهة جيش الاسد. لكن ذلك كله على أهميته لا يثير هلع النظام أو على الاقل قادته استناداً الى عدد من الذين زاروا دمشق في الفترة الأخيرة.

وانما يحفزهم للمزيد من المواجهة والقتال، وذلك بغية الصمود في مواجهة العاصفة الشعبية التي هبّت عليهم منذ ستة عشر شهراً تقريباً، والعاصفة الاقليمية والأخرى الدولية التي يواجهون منذ ذلك الحين. وما يدفع هؤلاء القادة الى الموقف المشار اليه اعلاه هو استنادهم الى جغرافيا هي لهم اساساً والى ديموغرافيا تمثّلهم تماما، وقدرتهم، في رأيهم طبعاً، على توسيع هذه الجغرافيا بحيث تصبح قادرة على التواصل مع حلفائها الاقليميين، على قلّتهم، وفي مقدمهم الجمهورية الاسلامية في ايران. وما يدفعهم اليه ايضاً هو اطمئنانهم الى وقوف روسيا فلاديمير بوتين معهم، ومعرفتهم في الوقت نفسه أن مصالحها هي التي دفعتها الى تأييدهم، وان تأمينها هذه المصالح ليس بالأمر السهل وخصوصاً على المدى القريب وربما المتوسط. وهذا يعني انها ستبقى "مضطرة" الى تأييد الأسد ونظامه ريثما تُحلّ القضايا الخلافية بينها وبين اميركا على نحو يرضيها.

علماً أن تغييرها لموقفها المؤيد للأسد لن يدفعه الى التساهل او الى قبول تسويات على حسابه ومن يمثّل. ذلك ان ايران الاسلامية لن تتركه، ليس حباً به، بل لادراكها ان الغرب بزعامة اميركا لن يسير في اتجاه تسوية المشكلات معها على نحو يرضيها، الأمر الذي لا بد أن يدفعها الى جعل مساعدتها للأسد بلا حدود، وإن رأت أن نظامه صار متصدعاً أو حتى قريباً من الانهيار.

وهذا خيار مهم لا تستطيع الا أن تأخذه كي يستمر الغرب منشغلاً بالأزمة السورية وتشعّباتها العربية والاقليمية، وتالياً عاجزاً عن الاستعجال في قرار التصدي لها. والدعم البلا حدود يعني "تغذية" الفوضى في سوريا، والدفاع عن جغرافيا الأسد وديموغرافيته بكل الوسائل المتاحة، وتشغيل المجموعات المتطرّفة السنّية التي تعمل معها بالارهاب داخل سوريا وبالتحرش باسرائيل. ومن شأن ذلك وضع المنطقة كلها على فوهة بركان، ودفع قادة العالم الى العمل ربما على نحو شامل لحل كل أزماتها والمشكلات.

والموقف الايراني هذا، يقول زوار العاصمة السورية انفسهم، ربما يدفع المسؤولين الكبار في موسكو الى المزيد من التشدد مع اميركا وحلفائها، والى "إطالة" أمد التحالف مع نظام الاسد بل أمد تأمين الحماية الدولية له. ذلك أن روسيا تحتاج في معركتها المستمرة ضد مسلمي مناطقها القوقازية، وتحديداً الثائرين عليها منهم وغالبيتهم اسلامية الى مساعدة ايران الشيعية، وذلك انطلاقاً من كون هؤلاء بتطرفهم المذهبي خطراً على الدولتين.

هل تلتقي توقعات الاميركيين وخصوصاً في مجتمع مراكز الابحاث مع توقعات المسؤولين السوريين المشار اليهم اعلاه؟
 
الجواب عن ذلك، كما يقدمه بعض هؤلاء، يشير أولاً الى أن الأوضاع في سوريا تزداد سوءاً. ويشير ثانياً الى أن اعادة رسم لخريطة سوريا أي لجغرافيتها سيحصل انطلاقاً من خطوط اثنية ومذهبية. وهنا يبدو أن أكراد سوريا يتحاورون مع اكراد العراق المتمتعين بحكم ذاتي للاتحاد معاً. ويبدو أن تركيا لا تعارض ذلك اذا كان ينهي ثورة "حزب العمال الكردستاني" الانفصالي عليها. ويشير ثالثاً الى أنه ليس في وسع اميركا وحدها، أو مع حلفائها، القيام بأي شيء لتحسين الأوضاع المذكورة، البالغة التعقيد. ذلك أن التصدي مباشرة للأسد يعني التصدي دفعة واحدة لروسيا وايران وربما الصين.
 
وهذا امر لن يفعله رئيس رشح نفسه لولاية ثانية (أوباما). ويشير الجواب نفسه ربما الى ان "الحال" في مصر تثير الذعر، والى أن احداً لا يستطيع ان يفعل شيئاً لتحسينها. وجل ما يأمل فيه الأميركيون أن ينتهج "اخوان "مصر، اذا تسلموا السلطة ومارسوها، نهج اخوانهم في تركيا. واذا لم يحصل ذلك فان مصر قد تتورط في مشكلات مع اسرائيل وربما مع ايران في سوريا وبسببها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد