حزب الله الرابح في مشروع الانتخاب

mainThumb

10-08-2012 05:30 PM

قد يظن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان انه الرابح الاكبر في إقرار مشروع قانون انتخاب في مجلس الوزراء يوم الثلثاء الماضي يعتمد النسبية، ويقسّم لبنان ثلاث عشرة دائرة انتخابية، ويضيف اليها دائرة رابع عشر مخصصة لنواب الاغتراب. ويعود ظنه الى كونه مؤيداً للنسبية من زمان وأول من جهر بذلك. لكنه بعد مضي اقل من 24 ساعة على إقرار مشروع القانون، وبعد تصاعد الرفض له من فريق 14 آذار ومن "جبهة النضال الوطني"، حاول أمام بعض القريبين منه التنصل من الدافع الاول لرفض هؤلاء، اي تقسيم الدوائر، بالتأكيد ان جهده كله تركز على إقرار النسبية. لكن تنصّله الصحيح جزئياً (النسبية) فيه الكثير من التذاكي. ذلك انه يعرف تماماً، او يُفترض ان يعرف بعدما اطلع وبدقة على مشروع القانون موضوع البحث، انه يعزز فرص فريق 8 آذار في الانتخابات النيابية المقبلة جراء تمكين قائده والزعيم الأول للشيعة "حزب الله" وحلفائه المسيحيين بغالبيتهم من التسبب بخسارة 14 آذار بقيادة "تيار المستقبل" والسنّة عموماً وحلفائه المسيحيين. فضلاً عن انه يضعف "الوسطية" الدرزية الجنبلاطية. ولو كان سليمان حريصاً على التوازن في الانتخابات المقبلة بين الفريقين المتعاديين في لبنان او بين شعوبه، لكان تدخّل بقوة لتعديل تقسيم الدوائر بحيث يؤمن فرصاً متكافئة وعادلة لكل الافرقاء في البلاد. طبعاً قد نكون نُحمِّل رئيس الجمهورية ما هو فوق طاقته بهذا الكلام. فهو بشري في النهاية ومعرّض مثل كل البشر الى التأثر بأمور عدة.
 
من هو الرابح من إقرار مشروع قانون الانتخاب قبل ثلاثة ايام؟
 
انه "حزب الله". فهو الوحيد، وبعدما امتلك قيادة "شعبه" بمشاركة من حركة "امل"، القادر على الفوز بتمثيله كله رغم اعتراضات البعض من داخله. ولذلك قال انه مبدئياً مع لبنان دائرة واحدة، لكنه أكد انفتاحه على دوائر اخرى مفضلاً ان تكون وسطى او واسعة. اما رئيس مجلس الوزراء فقد يُخسِّره المشروع الزعيم الدرزي الابرز وليد جنبلاط أو على الاقل قد يخربط علاقتهما. كما انه سيُخسِّره تأييد السنّة أي "شعبه". وأما "التيار الوطني الحر" فقد اخرجه مشروع القانون من "لجنة بكركي" المسيحية التي شكلت للتفاهم على قانون انتخاب جديد، وقد يسيء الى علاقته بسيده البطريرك الراعي. كما يزيد من الغضب عليه في الاوساط المسيحية التي ليست معه، كما في الاوساط الاخرى التي بدأت تنظر في شك وخوف الى تحالفه "الشباطي" قبل سنوات الذي وضعه ضمن فريق محلي واقليمي. وهو تحالف يقلقها. ومن شأن مشروع القانون نفسه وضع الرئيس ميقاتي و"التيار الوطني الحر" في حضن "الحزب" على نحو تام. كما من شأنه وضع جنبلاط في موقف دقيق، إذ عليه ان يدرس موقفه بدقة وحساب عواقبه عليه. فهو عاد الى معارضة نظام الاسد وأيد الثائرين عليه بعدما "تفاهم" على ذلك في شكل ما مع "حزب الله". لكن معركة الانتخاب الآن ستكون مع "الحزب" عملياً، وستكون مع حلفائه اي مع نظام الاسد ومعه ايران. فهل يستمر هؤلاء في قبول تمايزه عنهم في الموضوع السوري؟
 

طبعاً يعتقد مؤيدو مشروع قانون الانتخاب ان الاعتراض عليه في غير محله لسببين. الاول، ان وحدة المسيحيين تُعطِّل فاعلية الناخبين الشيعة التسعة في الدوائر التي هم فيها اقلية مهمة جبيل - كسروان، وانها قد تسمح لهم بإيصال مرشحيْن شيعييْن على الاقل لهم وخصوصاً في بعبدا. والثاني، ان الفصل في هذا الموضوع سيكون في مجلس النواب. فلماذا الخوف ولا سيما في ظل وجود اكثرية مع معارضة جنبلاط وربما آخرون تستطيع ان تطيحه وتقضي عليه. لكن هذا الاعتقاد نظري وخصوصاً في السبب الأول له. فوحدة المسيحيين مستحيلة لأسباب كثيرة. أما تأكيد رفض مشروع القانون في مجلس النواب فلا قيمة له لأن "حزب الله" يريد تحقيق اهداف الآن فصَّلناها اعلاه، ولأنه يعرف ان لا انتخابات وقانون لها من دون مساهمته او موافقته تماماً مثل المعارضة، ولأن الانتخابات قد لا تحصل بسبب تطورات الوضع السوري وانعكاسها على الوضع اللبناني. علماً ان الإنصاف يقتضي الاشارة الى ان الوحيد الذي قد يتأذى من مشروع قانون "حزب الله" كما يسميه البعض هو حليفه وحليف حليفه نظام الاسد النائب سليمان فرنجية. ففي الكورة فاز اخصامه واخصام حلفائه المسيحيين في الانتخابات الشاملة ثم الفرعية. وفي البترون خسر حلفاؤه مرَّتين. وفي بشري فاز اخصامه. أما في معقله زغرتا، فإن أخصامه "ليسوا قلال" كما يقال. علماً ان النسبية هنا قد تمكّنه بسبب قوته الانتخابية الزغرتاوية من تحقيق توازن او تعادل ما. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد