نقطتا ضعفٍ لتركيا وغياب خطةٍ سعودية

mainThumb

23-08-2012 12:54 PM

المتابعون اللبنانيون والعرب لا يعتقدون أن تركيا تستطيع القيام بدور عسكري مباشر لإسقاط نظام سوريا بعدما ثبت أن الثوار وحدهم عاجزون عن انهائه جراء قدرته العسكرية و"عصبيته" والدعم الايراني والروسي له. وهي توصلت الى اقتناع بعجزها هذا منذ اشهر، وتحديداً بعد آخر اجتماعين عقدهما مع الرئيس السوري على التوالي رئيس حكومتها ووزير خارجيته، وكان الفشل نتيجتهما. أما أسباب العجز فكثيرة ابرزها اثنان: الاول، المشكلة الكردية التي تعانيها تركيا، منذ اعلان حزب العمال الكردستاني الثورة على الحكومة المركزية.
 
وقد صعّدت سوريا الأسد هذه المشكلة عندما سمحت لأكرادها المحاذية منطقتهم لتركيا بممارسة نوع من الحكم الذاتي حال دون انضمامهم بقوة الى الثورة عليها، وهدّد في الوقت نفسه تركيا. وبذلك لم يعد في استطاعة حكومة اردوغان الا التراجع عن ترجمة التشدد الذي مارسته حيال نظام الأسد، وصار همّها حماية حدودها مع سوريا وصيانة حدودها مع العراق التي يهددها الحزب الكردي نفسه، ومنع تصاعد عملياته العسكرية داخل الأراضي التركية. أما السبب الثاني، فهو تخوّف حكومة اردوغان من اثارة الحرب الدائرة في سوريا والتي تطورت فتحولت من حرب على نظام مستبد من اجل اقامة نظام ديموقراطي، الى حرب مذهبية بين السنّة والعلويين، وتخوفهما من اثارة غضب ابناء الطائفة العلوية في تركيا التي يبلغ عدد أتباعها نحو 18 مليون نسمة أو أكثر، وذلك رغم ما يقوله حكام تركيا عن اختلافهم جذرياً عن علويي سوريا. فأساساً بدأ علويو تركيا يطالبون بحقوق ثقافية لهم بعدما انعقد لواء الحكم في بلادهم "لحزب العدالة والتنمية الاسلامي" وقد صعّدوا مطالبهم بعد تعاطف بدأوا يشعرون به حيال اخوانهم السوريين في المذهب. علماً ان أصول ما بين مليون ونصف أو مليوني علوي تركي هي سورية.
 
طبعاً لا يمكن هنا اغفال سببين مهمين، علماً أنهما صارا معروفين في العالم.
 
الاول، رغبة تركيا في ضوء اخضر دولي، او على الأقل اطلسي، مع مشاركة ميدانية في حال قررت التدخل العسكري المباشر، وهو غير متوافر حتى الآن. والثاني، رغبتها في رؤية دول عربية معينة مثلها تتجاوز اعطاء الغطاء لها كي تتحرك او تشترك معها في التحرك عسكرياً، ولا يعني تردد تركيا أو تراجعها ضعفاً بل تحوّطاً لأنها تثق بقوتها العسكرية وبتحالفاتها الدولية (مع أميركا) وبشراكتها العسكرية مع حلف شمال الاطلسي.
 
ماذا عن المملكة العربية السعودية وقدرتها على القيام بأكثر مما تقوم به لمساعدة الثوار السوريين في ظل امتناع اميركا عن تنفيذه (عمل عسكري...)؟ تجيب مرجعيات اسلامية اي اسلاموية لبنانية جدية أن المشكلة هي ان لا أحد في المنطقة يمتلك خطة مدروسة جداً لمساعدة ثوار سوريا في معركتهم المصيرية. ومن هؤلاء المملكة العربية السعودية. ذلك ان كل ما يهمها هو مواجهة ايران الاسلامية (والشيعية)، واخطار طموحاتها الامبراطورية التوسعية والمذهبية. لكنها لا تريد، أو ربما لا تستطيع، أن تواجهها مباشرة لأنها لا تمتلك القوة العسكرية الفعلية ولا الديموغرافيا الواسعة ولا المؤسسات رغم التشابه بين النظامين فيهما في كثير من المبدئيات والتفاصيل. ولذلك لجأت الى أميركا كي تواجه بدلاً منها. لكن اميركا دولة مؤسسات وحسابات ومصالح. ولأنها كذلك امتنعت حتى  اليوم عن التجاوب مع كل دعوة من هذا النوع. وهي لن تلبيها الا اذا شعرت ان مصالحها الحيوية والاستراتيجية ستتهدّد فعلاً جراء السكوت على استمرار نشاطات إيران التسليحية والتعبوية (اسلامياً) والنووية. وللسبب المذكور اعلاه يبدو، ودائماً استناداً الى المرجعيات الاسلامية نفسها، ان المملكة لا تزال تحاول خوض المواجهة مع ايران بغيرها. وهذا الغير يتألف حتى الآن من لبنان وسوريا (الغالبية الثائرة من شعبها) وربما دول عربية أخرى.
 
أما المتابعون اللبنانيون والعرب فيعطون اسباباً إضافية لعدم قدرة العربية السعودية على القيام بدور (عسكري) مباشر في سوريا نصرة لثوارها على نظام الأسد، منها الوضع الشيعي في المنطقة الشرقية والذي قد يتجه نحو عدم استقرار مبرمج جراء تورط المملكة مباشرة ضد الاسد. ومنها ايضا الخوف مستقبلاً من تصاعد طموحات الاسلاميين السعوديين السنة بل من توجههم نحو السلطة داخل المملكة كما خارجها، وخصوصاً اذا خرجوا منتصرين من معركتهم مع الاسد وغيره.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد