الأهداف السعودية صعبة التحقيق؟

mainThumb

28-08-2012 02:23 AM

  قبل الجواب عن سؤال: كيف تحقق المملكة العربية اهدافها الاقليمية الاربعة وهي التخلص من نظام الاسد ومن هيمنة "حزب الله" على لبنان، ومن تهديد ايران الاسلامية الشيعية لها، واستعادة العراق منها الى عروبته السنّية، قبل ذلك لا بد من تقديم وصف حال الاهداف المذكورة اعلاه، ذلك انه يشكّل قطعاً عنصراً مهماً من عناصر الجواب المطلوب.

فبالنسبة الى النظام السوري تقول المصادر الديبلوماسية العربية اياها، انه لا يزال يتمتع بعناصر قوة اربعة تجعله قادراً على الاستمرار في المواجهة الدموية وإن عاجزاً عن الانتصار فيها. العنصر الاول هو استمرار تشرذم الثائرين عليه واخفاقهم في إقامة بنية واحدة سياسية وعسكرية وأمنية قادرة على إدارة المواجهة معه بكفاءة، وقادرة في الوقت نفسه على إزالة تردد مؤيدي ثورتهم من الدول الكبرى في تقديم ما يحتاجون اليه من سلاح وتدريب ومال، وعلى التدخل العسكري إذا استوجبت مصالحها ذلك. والعنصر الثاني هو ثبات الجيش السوري وتحديداً عناصره "المنتمية" الى النظام في مواجهة الثوار. والسبب الرئيسي لذلك هو سيطرتهم على معظم امكانات الجيش وانفرادهم بقيادة وحداته. وقد أدّى ذلك الى انشقاق زهاء 50 في المئة من ابناء الغالبية الثائرة والى تعطيل الباقين في صفوفه لأسباب معروفة. هذا فضلاً عن وجود ميليشيات بعشرات الآلاف حسنة التدريب سورياً وايرانياً تقاتل الى جانب الجيش النظامي.
 
والعنصر الثالث هو الدعم غير المحدود الذي توفره روسيا بوتين لنظام الاسد، رغم ان تقييمها الفعلي لشخصه وكفاءته وسلوكه خلال الأزمة التي تعصف به وببلاده وشعبه، كما للحلقة المحيطة به، ليس ايجابياً. والدافع الى الدعم المذكور مصالح روسيا في المنطقة، ودورها في العالم، وخوفها على إستقرارها الداخلي من الدعوات الاسلامية الاصولية السنية ذات المنشأ "الاخواني" و"الوهابي" و"القاعدة" و"الطالباني". اما العنصر الرابع والاخير فهو استمرار استعداد ايران الاسلامية لدعم بشار الاسد في مواجهته الى النهاية، وخصوصاً إذا لم يقع في التردد او الخوف او الاغراءات، ولمنع قيام نظام آخر بديلاً من نظامه في حال انهياره. وهي قد ابلغت ذلك الى كل من يلزم وفي مقدمهم روسيا، واضافت انها لا تخاف البقاء وحيدة معه في هذا العالم. وايران هذه دولة اقليمية كبيرة ديموغرافياً واقتصاداً وثروات طبيعية رغم العقوبات الخانقة وسلاحاً وقدرات هذا فضلاً عن طموحاتها الكبيرة. هذا الواقع الايراني لا تستطيع العربية السعودية مواجهته بنجاح، فهي تماثل ايران بالثروة النفطية والغازية والصناعات الناتجة منها. لكنها تفتقد الموارد الطبيعية الاخرى، وتفتقد الديموغرافيا الكبيرة، وتفتقد القدرة العسكرية على التصدي لايران دفاعاً عن نفسها أو على الحاق الهزيمة بها. يبقى "حزب الله" ومصيره يرتبط في اختصار بمصير النظام الاسلامي في ايران، وقوته ترتبط تصاعداً او انخفاضاً باستمرار نظام الاسد في سوريا او بانهياره. علماً ان انهيار الاخير او ضعفه يجب ان لا يوقع اخصام ايران من لبنانيين وعرب في وهم انه صار ضعيفاً، وان الانتصار عليه صار ممكناً. فهو قادر بقوته و"شعبه" ليس على الصمود الى الابد، ولكن على تدمير لبنان مقره ووطنه ومعه شعوبه كلها. اما العراق الـBonus او الربح الاضافي في رأي السعودية فوهم لأسباب كثيرة، منها ان سنّته العرب اقلية واضحة جداً. واكراده السنّة يهتمون لمطالبهم المزمنة، ولا ينطلقون على الاقل حتى الآن من اعتبارات مذهبية. وشيعته العرب غالبية مهمة. وهذا امر يعرفه العالم كله بما في ذلك حلفاء السعودية. واميركا التي هي في مقدم هؤلاء قد تحتاج الى الاقلية الشيعية في العالم العربي وربما في العالم الاسلامي لإقامة توازن مع "البحر السني" الكبير، وخصوصاً في حال استمرار تصاعد الاصوليات السنية المتشددة والمتطرفة.
 
في النهاية نعود الى السؤال: كيف ستحقق المملكة العربية السعودية الاهداف الطموحة المفصّلة أوضاعها اعلاه في ظل عجزها هي عن القيام بهذا الامر مباشرة؟
 
تستطيع المملكة، تجيب المصادر الديبلوماسية العربية نفسها، ان تحرّك الشعوب العربية من منطلق مذهبي ومن منطلق سنّي، وأن تدفعها للضغط على حكامها والانظمة لاتخاذ مواقف سياسية وعملية من ايران الاسلامية و"اتباعها". لكن هل هذه الوسيلة كافية؟ وهل الاوضاع العربية والاسلامية قادرة على القيام بالمطلوب منها؟ وإذا كان الجواب لا فإن السؤال نفسه يُطرح ولكن بأسلوب مختلف وهو: على من تعتمد السعودية لتحقيق الأهداف الثلاثة والـBonus اي الربح الاضافي؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد