على ضفاف دجلة

mainThumb

29-08-2012 09:49 PM

تجمع عدد كبير من الناس , جاء رجال الشرطة , و حضر الاسعاف ,تم العثور على فتاة مغشياً عليها على الشاطئ ,قام الاسعاف باجراء الاسعافات الاولية و نقلت بعدها الى مستشفى المدينة , عندما افاقت  كانت مصابة بصدمة افقدتها النطق , كانت كشخصٍ فاقد للرغبة في العيش , الحالة التي عليها تثير فضول رجال الأمن لمعرفة ما الذي حل بها , الا انها لا تستطيع الكلام , و لماذا أُلقيت في النهر , اسئلة كثيرة راودت كل من رآها ,وبعد مرور عشرة ايام أفاقت و استعادت عافيتها,كانت حالتها الصحية تسمح باستجوابها من قبل جهاز الامن , وجد بحوزتها جواز سفر باسم مروة عبد السلام الحمودي لكن لم تكن الصورة واضحة , وبعد اجراء التحريات تبين انها هاربة من دار الشابات قبل تسع سنوات عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها, و لم يتم العثور عليها منذ ذلك اليوم  , تقرير الطب الشرعي الذي اتطلع عليه جهاز المباحث كان ينص على انها تعرضت لكدمات افقدتها الذاكرة بشكلٍ مؤقت , كما انها ليست عذراء , لذلك كانت قضيتها محط اهتمام الجهاز الامني ,أُصدرت اوامر من قبل المباحث بعدم الافصاح عن اي معلومات للصحافة حتى يتم جمع الأدلة الكافية لحل لغز هذه القضية  .
 
نُقلتْ الى دار الشابات ,الاشخاص الذين كانت تعرفهم  تركو هذه المؤسسة لم يبقى سوى بعض المعلمات  حتى مديرة الدار السابقة توفيت و حل مكانها مديرة جديدة, جميع الطالبات اللواتي درسن معها غادرن الدار , منهن من تزوجت  و البعض انخرط بالحياة العملية , لكن بعودتها قد تستعيد ذاكرتها .
 
خلال هذه الفترة كانت المباحث تستدعي الفتيات اللواتي كن معها ليتعرفن عليها , و تم سؤال معلمات الدار اللواتي كن مسؤلات عنها , البعض قال مرّت فترة طويلة لذلك يصعب الجزم بان تكون هي, و البعض اكد انها ليست مروة و البعض الاخر جزم انها هي.
 
كانت مروة تشعر انها غريبة ,وحيدة لا يوجد من يقف معها,حتى أن مديرة الدار عندما علمت انها هي الفتاة التي هربت من الدار قبل تسع سنوات , اصبحت تتعامل معها بازدراء,بدأت تجرحها بكلام قاس, بدأت مروة تتعايش مع الوضع الجديد ,بقائها بالدار سيكون بشكل مؤقت , حتى يتم معرفة هويتها و لضمان عدم هربها  .
 
اكتشفت ان في الباحة الخلفية للدار, أرضٌ زراعية ولكن مهجورة ,لذلك قامت بجمع بعض المال من النشاطات الاضافية التي تقوم بها و اشترت بعض الاشتال, اما معدات الزراعة فكانت موجودة ,و في كل يوم في نفس الموعد تذهب الى هناك , لكن لم تكن بمفردها كان هنالك من يراقبها , يجلس بعيدا ليراقب كيف تقوم بزراعة الورود , كما لو كانت محترفة في الزراعة , يداها الرقيقة تحفر الارض و تزرع بكل مهارة , و خلال فترة وجيزة بدأت الازهار تتكاثر , كانت هذه الحديقة بمثابة منزلها  تتمنى ان تسكن فيها و لا تفارق التراب و الارض .
 
كلما حضرت الى الحديقة يحضر هو,كان يراقبها من بعيد , كان لها اسلوبا منظماً في الزراعة , لم تكن تعمل بطريقة عشوائية , كانها خُلقت مزارعة , ولكنها تملك عينان حزينتان, لماذا هذه الدمعات المحبوس .
في يوم توجهت الى هناك وجدت مديرة الدار قد سبقتها , ولكن لم  تكن مستاءة بل كانت مسرورة 
 
اعجبت بهذا العمل و قررت ان تجعل مروة مسؤولة عن الزراعة في الدار,و طلبت من غسان وهو مسؤول التصليحات في الدار ان يوفر لها كل ما يلزم
.
في يوم جلس قربها و بدأ بالحديث معها , اخبرها انه كان يراقبها من بعيد , و ان لها اسلوباً مميزا في الزراعة , لم يشاهد احدا من قبل يمارس هذ الاسلوب.سألها من علمها هذه الطريقة بالزراعة , لكنها تركته و غادرت .
منذ ان عادت الى الدار وهي تبتعد عن الجميع , كانت تخفي خلف هذا الصمت حقيقة مريبة لا يعرفها الّا هي .
 
قامت الدار باعداد الحفل السنوي الخيري  , يحضر كل الداعمين للدار لحضور الحفل لجمع التبرعات , تقوم الطالبات باعداد بعض الفقرات ,كانت مروة حاضرة ضمن الحضور , و كانت مستمتعة و مسرورة ,لكنها شاهدتْ طفلاً يلعب مع امه ,و كأن هذا الطفل ذكرها بشيئ مضى ,تركت كل ما حولها كانت انظارها متوجه نحو هذا الطفل , اصبحت تبتسم له وهو ايضا كان يضحك لها , و عندما ترك المقعد الذي بجانب امه و توجه نحوها , ركضت باتجاهه و اخذته في احضانها , كأنه ابنها اصبحت تحضنه بشدة و دموعها تسيل دون انقطاع,ولكن يبدو انها آلمت الطفل, و هذا جعل الطفل يبدأ بالصراخ و البكاء , ركضت امه لتخلصه من يدي مروة كانت تخشى منها ان تكون مجنونة و تريد اختطافة, كانت مروة متشبثة به لا تريد ان تفلته, قامت ام الطفل بالصراخ عليها , توقف صوت الموسيقى و سارعت مديرة الدار  لمعرفة ماذا جرى, كان يصعب على مروة ان تشرح لماذا قامت باحتضان الطفل بهذا الشكل , لكنها فوجئت بشخص قام بالدفاع عنها , انه غسان المسؤول عن التصليحات بالدار , لقد كان يدافع عنها كأنه احد اقربائها , و في النهاية , اخذ ام الطفل بعيدا و قام بتسوية المسألة معها , انتهت المشكلة لكن دموع مروة لم تنتهي كانت لا تزال تبكي بحرقة, هذا ما اثار فضول غسان , لماذا كل هذا البكاء , هل تبكي لانها تحب الاطفال ام ان هذا الطفل ذكرها بالماضي, بكاء من فقد ضناه.
 ركضت مروة نحو حديقتها , اجهشت بالبكاء , تبكي بحرقة , قلبها كان مفطوراً, لحقها غسان , و جلس بقربها , و بدأ يتحدث معها ,تحدث مطولا و اخبرها انه يعرف انها ليست مروة, توقفت مروة عن البكاء , و نظرت اليه بعينيها المحمرة من كثرة البكاء , و علامات التعجب تحيط بها ,إبتلعت ريقها , لكن استمر هو بالكلام , حتى انني اعلم انك تستطيعين الحديث , لانني سمعتك البارحة كنت تحدثين نفسك ,سكت الاثنان لثوني قليلة, لتبدأ هي بالحديث و تقول له انها ليست مروة , هي الدكتورة سناء دكتوراه في الكيمياء العضوية,سألها و اين مروة و لماذا جواز سفرها معك,قالت له انها كانت برفقتها في المركب الذي كانت هاربة على متنه , و انها تعرفت عليها و تحدثت معها , اخبرته ان مروة كانت مسرورة لعودتها الى بلدها , و لكن لم تنجو , قال لها :ماذا جرى لها ,قالت  : انها قصة طويلة ,أجاب: انا مستعد لسماعها ,بدأت بالحديث 
 
انا الدكتورة سناء , بعد حصولي على الدكتوراه في الكيمياء العضوية , توصلت بعد دراسات مطولة الى مادة تضاف الى السماد العضوي و تغذي النباتات بحيث يصبح معدل نموها اسرع بعشر اضعاف عن المعدل الطبيعي ,و كان هذا البحث في طي الكتمان , لم افصح عنه سوى لرئيسي بالعمل الذي كان مطلعا على مراحل هذا البحث, غير انني اكتشفت ان هذه المادة تتحول الى مادة مسرطنة  , بعد نضوج هذه النباتات سواءاً كانت فاكهة او خضراوات و لكن هذا التحول يحدث في جسم اي كائن حي يأكل من هذه النباتات,قمت باتلاف هذا البحث , قبل ان يصل الى ايدي متكسبة لا تهتم بصحة الناس, و يكون همهم الكسب المادي فقط,بعد مضي اسبوع , وردني اتصال و لكن كان اتصالاً غريباً , قاطعها سائلاً , ممن كان الاتصال, اجابته, كان من شخص يعمل كما اخبرني بمجال التجارة و كان يسألني عن البحث و عن المادة التي اكتشفتها, و الحقيقة انني استغربت لأنني لم اطلع احداً على هذا البحث , و انه كان طي الكتمان,لكن اخبرته أني لا اعلم عما يتكلم و عن اي بحث يقصد,طلب مني موعداً لزيارتي حتى نتفاهم,اخبرته انني منشغلة هذه الايام و لا استطيع مقابلة احد, رغم ذلك اصر و بشدة, كما انه اخبرني ان عنده كلام من مصلحتي سماعه, اعطيته موعدا بعد يومين,في منزلي , بعد ان انهيت مكالمتي توجهت الى مكتب الدكتور عوني مسؤوليَ المباشر , سألته و انا محتدة,هل علم احدٌ حول موضوع بحثي,فأخبرني بغضب انه لم و لن يفشي اي سرٍ من اسرار هذه المؤسسة , ولو كان ينوي افشاء اسراراً مهمة , فإنه لا يصلح ان يكون مسؤولاً عن هذه المؤسسة ,  اخبرها بانه سيحقق في الامر لمعرفة من قام بتسريب اسرار مهمة كهذه .
 
لقد صدقت كلامه و توقعت انه ليس له علاقة بالموضوع ,و لماذا يكذب ,ثم ان معرفتي به ليست حديثة , هو استاذي ,وانا اعرفه منذ فترة طويلة.
 
بعد يومين , قام الشخص الذي تحدث معي عبر الهاتف بزيارتي ,ولم يكن بمفرده,بل كان برفقته رجل يلبس ملابس سوداء , و يضع دبوساً فيها رسم ثعبان أسود, و كأنه الرجل الغامض, ,لم ينطق بكلمة واحدة , كان الرجل الاخر هو المتحدث, زوجي كان موجوداً معنا لانني خفت من استضافتهم لوحدي,قاطعها غسان قائلاً :هل انت متزوجه؟:اجابت كنت متزوجه لا تستعجل سأخبرك بتكملة القصة,بدأ الرجل الاخر بالحديث و بدأ يقدم العروض المالية , الحقيقة انها كانت عروضاً سخية لشخص يرغب في بيع ضميره و مبادئه, قاطعته لأسأل عن سبب هذه العروض و ماذا بحوزتي لأقدمه له, اخبرني انه معي الكثير لاقدمه لهم, سألته من هم ,لكنه لم يجب و اخبرني انه ليس من مصلحتي ان أسأل , هذا دفعني لأسأل ما هو الكثير الذي بحوزتي, فأخبرني انه اعطاني علما عبر الهاتف عن المطلوب, البحث الذي اجريته, لكني قلت له انني لا أملك ما يريدون و انني لا أعلم اي بحثٍ هو المقصود , اخبرني انه يريد الحصول على نتائج البحث الذي اجريته مؤخراً على السماد, لم استطع ان انكر اكثر من ذلك, لذلك اخبرته انني اتلفت كل النتائج التي توصلت لها لانني اكتشفت ان تلك النتائج كانت سيئة , لذلك اطررت ان اتلف هذا البحث, نظر الي الرجل الذي يرتدي ملابس سوداء نظرة مرعبة كأنه شيطان وليس انسان , جعلتني نظراته اتجمد للحظات ,ولكن وجود زوجي بقربي كان يطمئنني.
تحول بنظره نحو الرجل الاخر , و كانه كان بينهما اتصال بالنظرات , تحول كلامه , بعد ان كان يقدم لي العروض السخية بدأ يهدد , هل تريد الحقيقة , لم  يهددني احدٌ من قبل, لذلك لم اعلم ماذا يمكن ان يصنعوا.
اخبرني الرجل الاخر انني يجب ان افكر و افكر مالياً , لأن الامور لا تتعلق بي لوحدي يجب ان اخاف على ابني و زوجي لو كنت احبهما, هنا غضب زوجي كثيراً وقام بطردهما ,خرج الرجلان و هما غاضبان ,و التفت الي الرجل الاخر قائلاً لا تعاندي و فكري جيداً.
 
بعد ان اطمأننتُ على ابني انه نائمٌ في فراشه , ذهبت انا وزوجي لننام , لم استطع النوم لانني كنت افكر في كلام الرجلين, لقد اخافني تهديدهما , حتى انني عجزت عن النوم .
 
في اليوم التالي وردني اتصال من قبل الرجل الذي كان في منزلنا الليلة الماضية, و سألني ان كنت قد اقتنعت بتسليمهم اوراق البحث, قاطعته قائلة له انني اتلفت ذلك البحث, لكنه فاجأني عندما اخبرني انه يمكن ان اعد غيره و احدد المواد المستخدمة و النتائج التي توصلت لها, استغربت لماذا كل هذا الاهتمام بهذه المادة و ما هو النفع الذي سيصلهم عند الحصول على هذه المادة , و هذا ما سألته له , ليخبرني انه ليس من شأني و انني يجب ان اهتم بشؤوني و شؤون ابني و زوجي,  اعطاني مهلة ثلاثة ايام حتى اعد لهم تقريراً مفصلاً و يتم تسليمه لهم في موعد محدد و هم سيكافئونني بمبلغ مالي سخيٍ جداً .
 
بعد ان أنهيت مكالمتي معه اتصلت بزوجي لاخبره الذي حصل قال لي انه يجب ان نتصل بالشرطة و نخبرهم بكل شيئ.
 
دخل علي الدكتور عوني و انا اكلم زوجي ,فاخذ السماعة مني و اغلقها و اخبرني انه ليس من الحكمة ان ابلّغ الشرطة , لان هذا سيؤذيني و يؤذي عائلتي,هذه هي المفاجأة التي كانت كالصاعقة ,اذاً فان الدكتور عوني هو من سرب معلومات البحث , نظرت اليه و كانت عيناي تسأل لماذا و لكن لساني عجز عن قولها , لكن قال لي لا تتعجبي فانها معركة خسرانة ,  لم اعد اقوى على المعاركٍ من هذا النوع و انا على علمٍ بانني الوحيد الخسران بها ,اسمعيني يا ابنتي اعطهم كل ما يريدونه فانت لا تعلمين من هم و ماذا يستطيعون ان يفعلوا ,سألته من هم ؟و ماذا يستطيعوا ان يفعلوا؟ كانت اجابته مختصرة تتلخص بثلاث كلمات , لا تعاندي التيار.
جلست لوحدي افكر و افكر شعرت ان رأسي اصبح يؤلمني من كثر التفكير , تهديد الرجلين و كلام عوني كلها زادت قلقي و شكوكي, دعوت الله ان يكون معي و يساعدني , فهؤلاء أناس لم اتعامل معهم من قبل لذلك لا أعلم من هم و هل حقا يمكن ان ينفذوا تهديدهم و يؤذوا عائلتي, لست خائفة على نفسي ,لكن لو استخدموا هذه المادة في الزراعة فسوف يتأذى ملايين من الأبرياء , و ضميري ماذا اصنع به .
 
بعد انتهاء ساعات الدوام توجهت نحو منزلي , وجدت زوجي و ابني بانتظاري , احتضنت ابني و كأنني اودعه للأبد,و ذهبت لأحَضِّر طعام الغداء , جلسنا على المائدة , و بدأ زوجي يسألني ,ماذا فعلت و لماذا اغلقت الخط ,قلت له انه كان عطلاً حدث في المركز,قال لي أن ابن اخ صديقه يعمل ظابطاً بالشرطة , و انه يستطيع ان يساعدنا في الموضوع, وجدت نفسي اصرخ قائلة له , لا داعي ان يتدخل الأمن ,لكنه سألني لماذا ؟اجبته انني اخشى عليه و على ابني.لم تكتمل عبارتي حتى سمعنا صوت جرس الباب , ذهب زوجي ليفتح الباب , واذ بنفس الرجل الذي زارانا البارحة يقتحم منزلنا ,و بعدها استيقظت  في غرفة مظلمة لوحدي, اين ابني و زوجي , بدأت اصرخ اين انا ؟ اين انا؟و لكن لم يجب احد,و بعد بضغ دقائق , جاء احدهم , لم اتمعن من وجهه لان المكان كان مظلماً ,بدأ يتحدث معي وهو يعرف عني كل شيء ,قال  لقد جمعنا عنك كل المعلومات و نحن نعلم عنك اكثر من نفسك ,كنت مرعوبة منه , لم اتحدث كنت استمع  فقط ,كان خوفي كله على ابني وزوجي لذلك سألته ماذا فعل بهم, نظر لي و قال هل تعتقدين اننا مجرمين ,سألته لماذا لم تلتزموا بالموعد الذي بيننا , اجابني انه خشي ان اتهور و اخبر الشرطة وقتها سأكون جنيت على نفسي ولن اجني على نفسي فقط بل ايضا سأضحي بعائلتي ,اكمل كلامه سلمينا كل مايلزم و لن يتعرض احدٌ للأذى .
 
سألته و ان لم افعل ماذا سيحدث؟ اخبرني انه سيحدث اموراً لا تحمد عقباها , طلب مني التعاون معه , هم لا يرغبون باستخدام العنف , لذلك الافضل ان نتعاون معاً بهدوء.
 
صرخت في وجهه , هل الدنيا فوضى , قال لي: طبعا لا ولكن نحن اكثر اناسٍ نعرف كيف نرتب الفوضى , لا تختبري قدراتنا دكتورة سناء, فكل ما نريدة نحصل عليه ,لذلك يجب ان تقومي بتسليمنا التقرير و البحث وثقي باننا سنعيدك و زوجك و ابنك الى منزلكم و كأن شيئاً لم يكن ,في الحقيقة انني لم اكن اسعى لاختبر قدرتهم حول ما يستطيعون فعله , لذلك رضخت للامر الواقع و اخبرتهم بانني احتفظ بنسخة ولكن يجب ان اذهب بنفسي لاحضرها لهم , لم يعارض , ولكن كان لابد ان يذكرني بان لا اتهور وأقوم بعمل يضر بعائلتي, طلبت منهم ان أطمئن على زوجي و ابني , وصلت الى الغرفة التي يحتجزون بها زوجي و ابني , و عندما دخلت ركضتُ نحوهم و احتضنتهم و همست باذن زوجي "لا تخف في اللحظة المناسبة سنغادر و سنترك البلد و نسافر لكن حافظوا على بعضكم  لحين عودتي.
 
ركبت بسيارة لهم و كان برفقتي اثنين و كل منهم يحمل مسدساً , اخبرتهم انه يجب ان نذهب الى مختبر الابحاث لانني احتفظ بنسخة من البحث في مكان لا يعلمه احدٌ سواي , بالفعل توجهنا الى هناك, و دخلنا و قلت لهم ان يتركوني احضره , قمت بإحضار فلاش ميموري وعليها يوجد نسخة من البحث,أسلمها لهم و يقوموا باخلاء سبيل زوجي و ابني, لم يعارضوا على ذلك , لكن كنت قلقة من عدم التزامهم بالاتفاق .
 
بعد ان سلمتهم الفلاش ميموري, تأكدو من انها تحوي المعلومات المتفق عليها,لذلك اخلو سبيل زوجي و ابني , وقاموا بتوصيلي الى المنزل لاجدهما باستقبالي, احتضنا ثلاثتنا بعضنا البعض , و بدأنا بالبكاء,ولكن سرعان ما استفقت من حالة الذهول , وقلت لزوجي يجب ان نهرب قبل ان يعودوا,سألني زوجي لماذا سيعودوا, فأخبرته انني اعطيتهم , نسخة من بحثٍ آخر,ضحك زوجي ضحكة خفيفة,وقال لي كنت اعلم انك لن تعطيهم ما يريدون , طلبت منه ان يسامحني , ولكنه قال لي انني لم افعل ما يوجب ان يسامحني عليه . اخذنا ما يلزم معنا, قلت لزوجي و ابني ان يسبقاني الى السيارة و انا سألحق بهما ,كنت انوي اخذ النسخة الحقيقية التي كنت اخفيها في منزلي داخل غرفة نومي,ما ان احضرت القرص المضغوط الذي خزنت عليه كافة نتائج التقرير,ولكن سمعت صوت انفجار هز ارجاء المنطقة ,ما ان نزلت حتى رأيت,وهنا توقفت الدكتورة سناء عن الكلام و بدأت بالبكاء,لكن فضول غسان جعلها تتوقف عن البكاء لتكمل قصتها,اكملت كلامها و دموعها تنهمر كالشلال, رأيت سيارة زوجي و النار تأكلها , ركضت نحو السيارة ولكن امسكني الجيران , و ابعدوني عن الحريق ,و كانو يطفئون النار ولكنها كانت كالبركان الذي انفجر ,
 
و عند حضور المطافيئ ,كانت كالفحم و من كان بداخلها مات بلحظتها ,نقلت الى المستشفى و انا منهارة, عندما استفقت ,جاءت الشرطة و استجوبتني اخبرتهم القصة باكملها ,ولكن رجل المباحث لم يكن مقتنعا بكلامي لكنني رجوته ان لا يدعني لأنهم سيقتلونني , لذلك كنوع من الروتين عين لي حراسة امام غرفتي في المشفى,بعد مغادرته , اتصلت مع صديقٍ قديم لزوجي و لا اعلم لماذا اتصلت به,لم يكن لي احد في هذا البلد لكي يساعدني , سألني غسان في اي بلد تقصدين؟,انا وزوجي نقيم في دمشق, اوقفها غسان ليسألها :ليس لك اهل أو عائلة, عائلتي هي زوجي و ابني ,انا من اصول تركية , لذلك جميع اهلي يقطنون هناك , اما عائلة زوجي فعلاقتي بهم ليست جيدة , لعدم موافقتهم على زواجي بابنهم, لذلك سكنّا بمنطقة بعيدة عنهم ,لكن لا اريد العودة للماضي دعني اكمل لك القصة,بعد اتصالي بصديق زوجي القديم اسمه راجح , الذي سمع بالحادث الذي جرى , و كان حزينا لكنه اخبرني انه مسرورٌ لانني نجوت من هذه الحادثة قلت له انني اريد ان اطلب مساعدته لكن يصعب الحديث عبر الهاتف و اريد منه ان يأتي للمستشفى , و لم يتأخر لقد جاء و توجه نحو غرفتي , في هذه الاثناء جاءت ممرضة لأعطائي الدواء , ولكن كانت تلبس خاتماً عليه رسم الثعبان الاسود ,انه يشبه الرسم الذي كان على الدبوس الذي كان يرتديه الرجل صاحب الرداء الاسود,بدأت احدق بها , كانت مريبة ,لذلك اخبرتها بانني سأتناول الدواء بعد قليل , لكنها اصرت ان اتناوله وهي موجودة لتتأكد من تناولي له,قلت لها انه ليس نفس الدواء الذي اتناوله دائما , فجأة انقضت علي تريد خنقي ,ولكن دخول راجح انقذني قام بالقائها على الارض و لكمها على وجهها لكمة افقدتها الوعي ,
 
و طلب مني ان ابدل ملابسي لاننا سنترك المشفى, لكنني استغربت فقد كان هنا رجل شرطة فأخبرني راجح بانه مغماً عليه في الخارج , خرجنا من المستشفى ,و ركضنا نحو سيارته ,وطوال الطريق اسرد له كل ما حدث لي , كان راجح يقود السيارة مسرعاً,و لم اكن اعلم الى اين يأخذني  , غير انني كنت متعبه , فاي مكان أمن سأرتاح فيه,اخذني الى كوخ في احد الضِيع اخبرني انه آمن مكان اختبيئ فيه,و هو بقي برفقتي يحرسني , حتى يطلع النهار, لم اكن اعلم ما هي خطته فعندما شق النهار , استيقظت لاجده قام باعداد الفطور لي , كنت مستغربة , من تصرفه , لماذا كل هذا الاهتمام, قال لي لا تتعجبي ,   لأن زوجك "ماهر"قام باخباري بكل شيئ ولكن لم أكن أعلم بان تصل الامور  , لفقدان اعز اصدقائي , و أوصاني ان اهتم بكِ لو حدث له مكروه, سألْته ماذا سأفعل ,أخبرني انه سيقوم بتهريبي على احد المراكب المتوجهة الى العراق فأصدقاؤه هناك سوف يؤمنون لي السكن و كذلك سوف يقومو بتغيير هويتي حتى لا يتعرف علي أحد,و من هناك استطيع الذهاب الى اسطنبول عند اهلي و امارس حياتي كالسابق , لم استطع وضع اي لقمة في فمي,كانت حالة الصدمة لازالت محيطة بي,ذهبنا الى المرفأ و كان هناك رجل ينتظرنا على اليخت ,صعدت بمفردي , راجح أوصى الرجل علي و ان يحرص ان يوصلني سالمة , و في اليخت رأيت فتاة كانت مختبأة , جلسنا سوياً, لكنها كانت فتاة ظريفة جداً, أخبرتني انها يتيمة الاب و الام,و انها اعتمدت على نفسها منذ ان كانت في الخامسة عشرة من عمرها,كان يظهر عليها الهم و مع ذلك كانت تخفي هذه الهموم خلف ابتسامة تملأ وجهها , رؤيتها جعلتني انظر للأمام و ابدأ من جديد,  بدأتْ تخبرني انها عملت بائعة جوالة وعملت مغنية في الاعراس ,
 
وعملت فترة مع راقصة ,كانت كريمة جدا معها ولكن تعرفت على رجل , اتضح لها انه يتاجر بالمخدرات  عملت معه و هي لا تعلم انه يستغلها في تسليم البضاعة ,وعندما علمت بانه يستغلها , قررت ان تكون اخر مرة تسلم فيها البضاعة و تستلم النقود ,قررت ان تكون هذه النقود من حقها سرقت حقيبة المال , واختبأت في مكان حتى اتفقت مع صاحب اليخت ان تعطيه مبلغ من المال و ينقلها الى العراق , فهي عراقية الاصل ولكن  الظروف حكمت عليها ان تهرب من دار الشابات , لجمع المال و تعود و هي غنية حتى لا يتحكم فيها احد , بدأت تسالني عن قصتي و ان كنت هاربة مثلها , لم استطع ان اخبرها لم استطع ان اتفوه بكلمة اخبرتها ان تدعني لأن جراحي لم تبرد بعد ,لكنها عزمت علي ان اقيم معها فهي تعرف كل شبرٍ في العراق ,شعرت ان الله بعث لي هذه الفتاة لتساعدني ,ذهبنا للننام رغم اني لم يغمض لي جفنٌ منذ يومين الا انني لم اكن استطع النوم , كنت اغفو واستيقظ على كابوسٍ مرعب , صورة زوجي و ابني و هما يحترقان كانت توقظني فزعة,و في نفس الليلة استيقظت على مروة و هي تسرق جواز سفري و تضع جواز سفرها مكانه, لم اتكلم معها انتظرتُ حتى يطلع النهار , قمت واخذت جواز سفرها , كانت صورتها غير واضحة كأنه تم اتلافها بشفرة,عند الصباح لم تكن في الغرفة ,ذهبت لأغسل وجهي ,و اتحدث لمروة ,و  فجأة اهتز المركب و بدأت المياه تتسرب الى المركب ,و عندما خرجت من الغرفة و جدت صاحب المركب يقول انه حدث تسرب بالمركب و انه سيغرق خلال دقائق ,وجدت سترة نجاة وقمت بارتدائها و بحثت عن مروة وقمت باعطائها واحدة ,فطلب منا الرجل ان نقفز الى المياه و نسبح حتى نصل الى الشاطيئ رغم انني لم اجد اي معلم لوجود شاطيئ قريب الا اننا قفزنا سويا و بدأنا بالسباحة ,لكن مروة اصيبت بتشنج ,كنت احاول ان اشدها حتى لا تغرق لكن شعرت ان وجهها بدأ يزرق,و اصبح جسمها  اثقل بدأت اشدها و اقوم بايقاذها لكنها لم تعد على قيد الحياة لقد فارقت الحياة كنت لازلت أُمسك بها ,واشدها حتى نصل سوياً الى الشاطيئ,و لم افق بعدها الا و حشدٌ من الناس يحيط بي منهم رجال الشرطة و المسعفين, وهذه قصتي , تصلح فيلما سنيمائياً .
 
لم يبدي غسان  اي تعبيراً على وجهه ,سوى بعض التعابير القاسية غير المفهومة , ولكن طلب منها ان لا يعرف احد بالقصة التي اخبرته اياها و أن تعود كما كانت فاقدة للنطق  ,تعمل في الدار بصمت ,وكان غسان دائما يراقبها و يرافقها اينما ذهبت,  وجوده كان يشعرها بالطمأنينة.
 
يومٌ بعد يوم بدأت تتعايش مع الوضع الجديد,مديرة الدار اصبحت تعاملها بطريقة تختلف عن السابق ,وعينتها مشرفة في الدار ,شعرتْ ان وجودها معهم كان عوناً لها لكي تتجاوز محنتها بفقدان زوجها و ابنها ,اصبحت تتقرب من فتيات الدار,كل من في الدار بدأ يحبها .
 قامت الدار بتنظيم رحلة الى المزارع,في هذه الرحلة تذهب الفتيات الى المزارع و يبدأن بجمع المحاصيل "رحلة عمل", و بعد ان ينتهين من عملهن تستلم المسؤولة أجر الأعمال المنجزة,و بعد ان تنتهي الفتيات من العمل يجتمعن و يبدأن بغناء الاغاني الشعبية,كانت سناء في غاية السرور ,في كل لحظة كانت تنظر للخلف لتجد غسان لازال يجلس و يراقبها.
و عند المغيب توجهوا نحو الحافلة , للعودة الى الدار,ولكن توقفت الحافلة على اطراف الجبل ,لمشاهدة غروب الشمس ,كان المنظر ساحراً,كانت رحلة رغم بساطتها, لكنها كنت كالحلم بالنسبة لسناءفهي لم تقم برحلة مشابهة لها من قبل 
 لكن لم  تكتمل لحظات الرومنسية , فقد جاء شلّة من الشباب يركبون سيارة فاخرة , وبدأوا بمعاكسة الفتيات,لكن غسان  توجه نحوهم وطلب منهم بكل ذوق ان يركبوا بالسيارة و يذهبو في حال سبيلهم ,لم يستجب له الشباب ,  بل و بدأو بشتمه بالفاظ قبيحة ,لكن كل من كان يراقب المشهد اعجب بموقف غسان  
 
و قدرته على مسك اعصابه ,فهو ليس شاب ضعيف بل بنيته تدل على انه يملك من القوة ما تؤهله لضربهم جميعاً,و مع ذلك لم يفعل الا بعد ان بدأوا هم بالمشاجرة , كان غسان شجاعاً يمتلك من الرجولة و القوة التي تجذب اي امرأة تراه,لذلك موقفه جعل جميع الفتيات يلتفتن إليه, كما ان سناء اعجبت بموقفه الرجولي ايضاً,شعرتْ بارتياحٍ شديد , لانه برفقتها في اي مكان تذهب اليه.
 
في الحظة التي كان غسان مسيطراً على مسار المشاجرة,جاء احد هؤلاء الشباب ,وقام بلكمه  لكمة قوية ولكن بحضور دوريات الشرطة ,هرب هؤلاء الشباب , وبقي غسان, اخذته الدورية الى المخفر ,ولكن خلال بضع ساعات عاد غسان الى الدار , وجاء الى المكان الذي نتلاقى به دائما , اخبرته سناء انها كانت قلقة عليه, لم تتوقع ان تسعده هذه العبارة ,كان مبتسماً و مسروراً ايضاً, و قدم لها هدية انهاعقداً من الفضه , , ابتسمتْ سناء و سألته ما مناسبة هذه الهدية ,أجابها بدون اي مناسبة, وطلب منها ان ترتديه باستمرار,  وذهبت الى غرفتها, وهي سعيدة و فرحة ,في هذه الايام عادت بالزمن الى قبل دخولها الجامعة عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها , ولكن لم تعيش حياتها كما يجب , دراستها و الابحاث اخذت كل تفكيرها , لم تكن تملك من الوقت للخروج و رؤية الطبيعة كما يجب , و الاستمتاع بمنظرها الخلاب,حتى الان ما عادت تشعر بالسعادة لأن من تحبهم ,قد فقدتهم.
 
و بعد بضعة ايام , جاء وفد من الامم المتحدة لزيارة الدار ,و تقديم المساعادات اللازمة,و كان لابد من حضور الطالبات لإستقبالهم ,يتم تقسيم الطالبات الى مجموعة فِرق كل مشرفة تكون مسؤولة عن فرقتها  , وذلك للحفاظ على النظام,لذلك تم اصطفاف الطالبات واحدة تلو الأخرى في طوابير ,و بدأوا بانتظار قدوم الوفد,و بعد قليل جاء الوفد ,و كان كل شيئٍ على مايرام الا أمراً واحداً, جاء رجلٌ من الوفد اقترب من سناء و سلم عليها و بدأ يسألها عن سبب وجودها , كانت مصدومة لا تعرف ماذا تجيبه , لكن جاءت مديرة الدار و اخبرته انها فاقدة للنطق,فتركها و ذهب و لكنه ظل يراقبها طوال فترة الزيارة.
 
انتهت زيارة الوفد , ولكن ظل تفكير سناء منشغلاً بتعرف هذا الرجل عليها,و عند مقابلة غسان لها قام بسؤالها عن هوية هذا الرجل فأخبرته انه زميل دراستها , ولكن لم تراه منذ انهاء المرحلة الجامعية,فهي انخرطت باكمال دراستها و اجراء البحوث .و كان من المستبعد ان ترى شخصاً تعرفه مع وفدٍ تابع للامم المتحدة.
 
بعد اسبوع استدعتها مديرة الدار ,و عند وصولها الى المكتب كان هنالك رجل يجلس على المقعد ولكن كان ينظر صوب النافذة,تركتهما المديرة بمفردهما , و عندما التفت نحوها ,كانت مفاجأة صعبة جداً , انه الدكتور عوني ,اقترب ليسلم عليها و يقول لها انه مسرورٌ لانها لازلت على قيد الحياة, لكنها ابتعدت عنه ,فسألها باستغراب ان كانت لم تتعرف عليه ,هل  حقاً فقدتْ الذاكرة, ام هي تنكر نفسها حتى لا يتعرف عليها أحد , لكنه متأكد انها الدكتورة سناء, تركته سناء و عادت الى غرفتها .
 
اصبحت سناء ترتعب من اي نسمة هواء , بدأ الخوف يسكن داخلها, و بدأت تشعر ان هنالك أمراً سيحدث لها , كانت تشعر ان ساعتها اقتربت , و انها ستواجه مصيرها .
 
في احد الليالي قُطعت الكهرباء عن الدار,و اقتحم بعض الدخلاء  الدار ,هناك من امسك بسناء و وضع يده على فمها حتى لا تصرخ , و قام بسحبها خارج الدار ,كانت تحاول مقاومته لكنه قام بتهدئتها بعد ان اخبرها انه غسان ,و قالت له لماذا فعلت ذلك ,قال لها انه هناك من قام باقتحام الدار ,صرخت في وجهه ,و الفتيات اللواتي بالدار , ماذا سيحل بهم , هل ستتدعهم دون ان تخبر الشرطة, ولكنه , قال لها انه لن يحدث لهن اي مكروه , فهم يسعون واءها ,بدأ غسان يخيفها , ما الذي يجعله يؤكد ان من اقتحم المنزل يسعى وراء سناء , و كيف صعد الى المنزل بهذه السرعة , و كيف كان متيقظاً , سألته سناء سؤالاً واحداً من انت يا غسان,فأجابها انه الرائد غسان من وحدة مكافحة المخدرات , لاكن لن اجيب على اي سؤال لأننا يجب ان نخرج من هنا حالاً, امسك بها و كانا يتوجهان نحو احد سيارات الدار , حتى جاء من قام بضرب غسان على رأسه , قبل وصولهما الى السيارة ,و أمسك بسناء وقام بتخديرها ووضعها بسيارة ,استيقظ غسان وجد نفسه مربوطاً بالمقعد الذي يجلس عليه ,و امامه سناء  تم توثيقها ايضاً و جاء من سكب الماء على وجه سناء حتى تستفيق, و عندما افاقت ,عادت ذكرياتها الى نفس الموقف,ولكن هذه المرة الوجه الذي امامها ليس غريباً عنها , انه نفس الرجل الذي زارها بمنزلها , كانت تريد ان تنقض عليه و تقتله ,لكنها لم تستطع ,بسبب وثاقها , و كانت تريد, معرفة لماذا قتل زوجها و ابنها,فأخبرها بكل برود الم اقل لك اننا نستطيع ان نرتب الفوضى , و انت من صنع هذه الفوضى ,صرخت بوجهه قائلة, لقد تعاونت معكم و سلمتكم نسخة من بحثي بالكامل,اجابها و كنت بعدها ستثيرين المشاكل ايتها الدكتورة ,و ما ذنب ابني و زوجي, قال لها : كل حرب يجب ان يكون لتوابعها ضحايا و هم كانو ضحايا لم يكونو مقصودين.و ماذا تريدون مني انا ليس بيدي اي حيلة و لا أقوى على مجابهتكم,قال لها: دكتورة سناء انت تعلمين انك لم تعطنا النسخة الصحيحة للبحث ,لقد احتلت علينا و انت تعلمين ذلك , صرخت قائلة لم يعد بحوزتي اي نسخ حتى النسخة الوحيدة ما عادت موجودة,قال لها لا يوجد اي مشاكل عزيزتي ,فانت تملكين عقلك ,ونحن سنوفر لك كل ما يلزم ,و انت ستقومين بتحضير المادة ,و لكن هذا يتطلب وقت ,و بصوتٍ حاد أجابها  :لا يحتاج وقت طويل ,اجابته انها لا تستطيع و ان كان يريد قتلها فاليقتلها ولكن لن تقوم باي عمل سيلحق الضرر بأناس ابرياء,فتوجه نحو غسان ووضع المسدس على رأسه و بدأ يهدد, بانه سيقتله , بدأت تبكي و هي تهز برأسها على انها موافقة,لكن غسان طلب منها ان لا ترضخ لهم,طلبت ان يقوموا بفك وثاقها و ستقوم بتحضير المادة ,و كتابة نتائج كل مرحلة تتوصل لها و ستقوم بكتابة كل المواد التي تحتاجها و التي ستستخدمها في تحضير المادة.
 
وتوجهت نحو مخبر خاصٍ بهم ,وكان مجهزاً بكافة التجهيزات , عندما رأته ,ورأت انه معد بشكلٍ متقن, بدأتْ تضحك و تضحك و استمرت بالضحك , لكن الرجل الذي كان برفقتها غضب من استمرارها بالضحك و قال لها صارخاً في وجهها , لماذا كل هذا الضحك , توقفت قليلاً وقالت له , عندما اجريت بحثي كنت اعاني من عدم توفر المواد ,و كنت اكتب تقارير حتى يتم تزويدي بها, و انتظر بالايام و الاشهر حتى يتوفر لي ما احتاجه, وهنا مخبرا معدا ومجهزا ,لا جراء اصعب بحث في الدنيا , ولكن تملكه المافيا,هنا صرخ الرجل ثانية ,ارى ان تبدأي بعملك دون كلام , و توجهت لتباشر عملها ,و في هذه الاثناء بدأغسان بمحاولة فك وثاقه ,فهو على علم انه بمجرد ان تنهي سناء بحثها سيتم تصيفتهما معاً , بدأ يفك وثاقه ولكن دون ان يلفت انتباه الرجل الذي يقوم بمراقبته,كانت سناء تعمل بالمخبر , وتراقب من حولها كأنها تنتظر اللحظة المناسبة لكي تهرب , عملو على احضار شخص  يعمل على مراقبتها انه يعمل في مجال الكيمياء لكي يساعدها, لقد كان الدكتور عوني,لذلك قالت له كنت اعلم انك انت من أخبرهم بوجودي , ولكن من أخبرك انت بمكاني, فأجاب انه بلغه اتصال هاتفي من أحد تلامذته , يسأل عنك , و أنه رآك في مكان, الحقيقة يستبعد البحث فيه عنك ,اذاً انت تعمل معهم,قال لي وهل سأخبرهم عن بحثك لو لم أكن أعمل معهم؟الا تشعر بالذنب ,لقد قتلت ابني و زوجي,لا تشعر بالذنب , هنالك عدة ضحايا ستلاقي حتفها ان استخدم هؤلاء المجرمين هذا البحث,اين ضميرك ,لم تكن كذلك ما الذي غيرك؟
 
ان قلت لك لن تشعري بمدى المعاناة التي واجهتها ,رفضت الحكومة معالجة ابني على نفقتها وانا الذي قدمت لهم كل تلك الخدمات , ابني مات بالمرض الخبيث ولم اجد من يساعدني, و ما الضير من ان يذوق كل الناس من نفس الكأس الذي ذقته, اوقفته قائلة:انت لم تعد الدكتور عوني الذي اعرفه,لقد مات ضميرك و أي كلام سأقوله لن ينفع .
 
كان غسان على علم بان الشرطة قادمة لانه يضع جهاز تعقب في العقد الذي قدمه لسناء, في هذه الاثناء ,كانت الشرطة قد حددت المكان الذي تحتجز به الدكتورة سناء و غسان,و قامت بمحاصرة المكان.
 
تمكن غسان من فك وثاقه , و بدأ غسان بالصراخ على الرجل الذي يقف خارج الباب و يغيظه بالكلام حتى يستفزه,وبدأ الرجل يتعصب حتى فتح الباب , وهنا باغته غسان و بدأ الاثنان بالتعارك,و لكن قامت الشرطة باقتحام المقر بعد مناورة دامت اكثر من نصف ساعة ,لقد تم القاء القبض على الاشخاص الذين تواجدو في المكان  الذي تم احتجاز الدكتورة سناء و غسان فيه بما فيهم الدكتور عوني  , ولكن هذه خلية كبيرة لا يعرف اين نهايتها , حتى تحقيقات الشرطة لم تتوصل اليهم , لكن تم القبض على الاشخاص الظاهرين وهم واجهة لهم منهم الرجل الذي كان يتفاوض مع الدكتورة سناء , وكذلك الرجل الغامض الذي كان برفقته, و لكن هناك اشخاص كثر ليسوا ظاهرين,بعد يومين مات الدكتور عوني بعيارٍ ناري من مصدر مجهول ,كما وجد الرجلين فاقدا النطق نتيجة تناول مادة سامة,وهكذا هم يستطيعون ترتيب الفوضى دون ان يتركوا اي اثر.
 
لقد تم مساعدة الدكتورة سناء من قبل السلطات العراقية حتى تصل الى اهلها في تركيا و تبدأ حياتها , في المطار قام غسان بتوديعها لكن قبل ان تذهب كانت تطلب منه الاجابة على أسئلتها ,لماذا كنت تراقبني ,أجابها ان وجودها ملقاة على اطراف النهر, وجواز السفر الذي لا يحمل صورة ,كلها اثارت جهات الامن للبحث عن  غموض هذه القضية ,كما ان الصدمة التي تعرضت لها و عدم قدرتك على الاجابة على اسئلة المحققين , لذلك بعد اجراء التحريات كانت صورة مروة ليست صورتك , لذلك تم تعيني لمراقبتك و الحصول على المعلومات الضرورية لحل غموض القضية , ولكن لم اكن اعلم اننا سندخل في قضية اعقد من القضية السابقة ,قامت بطلبٍ صغير من غسان ,كانت ترغب بالاحتفاظ بالعقد كنوع من التذكار, اخبرها انه يحمل جهاز تعقب لذلك قام باعطائها عقدا اخر عليه آية الكرسي , و طلب منها ان يتراسلا في الايام القادمة , كانت تنوي البكاء و لكنها حبست دموعها ,وصعدتْ الى الطائرة ,لتتوجه الى اسطنبول , و كان اهلها باستقبالها ,و بدأت تعود الى حياتها من جديد.و عملت باحدى الجامعات في تركيا ,ولكن ظلت تعيش على ذكرى زوجها و ابنها .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد