مهزلة القرن الحادي و العشرين

mainThumb

03-09-2012 02:14 PM

من أين أبدأ، الحقيقة أن جميع اﻷمور قد تداخلت و تعقدت ليس في مصر وحدها بل في سوريا و لبنان و فلسطين التي كانت و لازالت معضلة الشرق الأوسط لكن الساحة السياسية تنوعت باﻷحداث أصبح يوجد نوع من التنوع السياسسي السلبي للأسف.

ولكن الشيء الوحيد المشترك هو مشهد الجثث التي توضع بالاكفان و ترتب بجانب بعضها و حتى أنني التبس علي المشهد في البارحة  مجزرة رابعة و اليوم مجزرة  أخرى تطال أطفال سوريا دون أن تنزل نقطة دم واحدة تمت العملية بحرفية تامة و ها أنا أقتبس أقوال وزير الداخلية المصري( محمد ابراهيم ) عندما قال أنه تم فض اعتصام ميداني رابعة و النهضة بحرفية و بأقل الخسائر .

اليوم جميع الموازين اختلفت و بدأ الشعب المصري يفهم السيناريو الذي اشترك فيه البعض دون أن يعلموا بأنه يتم استغلالهم لكي تنتهي أحداث التمثيلية المصرية كما هو مرسوم لها .

بدأت اﻷحداث تتطور بعد أن تم الإفراج عن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ...و تبرئته من جميع التهم المنسوبة إليه ...هذا الحدث كان متوقعاً ...لكن التوقيت تم تحديده بحرفية و ها أنا لا أزال أستخدم كلمات وزير الداخلية المصري .

من الصعب أن تتكهن بأسباب اختيار هذا التوقيت ..هل ليبقى الشارع المصري مشتعلا  و يتم تحريك المشاهد دون أن يتدخل أحد و يوقف العملية، فيبقى الجميع منشغلا بالبحث عن جثث القتلى من العتصمين أو تستمر عمليات فض المسيرات والاعتصامات بالطريقة المحترفة التي تتبعها الداخلية المصرية ...أم أن القصة بدأت بعزل الرئيس محمد مرسي ..وقمع المعتصمين حتى يتم اخراج الرئيس المخلوع ..فيقتل الاﻵف في الشوارع حتى يتم اخراج الرئيس السابق ، و كأنهم يطلقون عبارة "حسني يسير على جثث كل المصريين ".


حالات من الذعر تنطلق إلى الشارع المصري ...من كان مؤيداً للإنقلاب العسكري بدأ يشعر بأنه خدع و أنه اشترك في مؤامرة ﻹعادة الرئيس المخلوع إلى الساحة السياسية ، بدأ الجميع يستشعر خطورة الموقف بعودة النظام السابق ...واﻵن تحركات في الشارع المصري لم تهدأ منذ فض اعتصامي رابعة العدوية و النهضة ، و لازال الشارع المصري في حالة غليان .

الغريب أنه في حالة التوتر التي تعم الشارع المصري يأتي خبر القاء قنابل كيميائية على ريف دمشق و كانت أعداد القتلى تتراوح بين 1300-1600 واغلبهم من الأطفال و هي كارثة بحق الإنسانية لتغيب اﻷنظار قليلاً عن الشارع المصري و تتحول نحو الشارع السوري و لكن أعداد القتلى و كيفية تكفينهم و ترتيب الجثث بجانب بعضها يشبه المشهد الذي لايزال موجوداً على الساحة المصرية ، و لم تعد أعين الإعلام تتوجه نحو الساحة الفلسطينية و الغارات الصهيونية التي تشن على غزة و كيف يكون الوضع هناك ، لننتقل إلى الشارع اللبناني و الانفجار الذي حدث في طرابلس و أسبابه و دوافعه و السبب الذي أدي الى تطور ألأوضاع في لبنان و لماذا هذا التوقيت.

وعودة إلى الساحة المصرية، فاطلاق سراح الرئيس المخلوع جاء رغم إرادة الشعب المصري ، و على حساب قتلاه .
جاء  خطاب رئيس الجمهورية الحالي  أقصد وزير الدفاع المصري  الفريق عبد الفتاح السيسي الذي أكد على إرادة الشعب مراراً و تكراراً جاء هذا الخطاب ليؤكد إرادة الشعب الذي نص عليه، في حين تم اخلاء سبيل المخلوع حسني وحبس المعزول  مرسي الذي تم انتخابه بإرادة شعبية .

كما أكد على مسؤوليته  حماية الشعب المصري في ظل تساقط مئات القتلى في الشوارع ..و يبدو أنه كان يقصد أن يحميهم من شر أنفسهم .

ولتسليط الضوء على هذا الخطاب الذي استفزني كثيراً عندما سمعته كونه قائداً عسكرياً كان يجب أن يكون قوياً في اطلاق عباراته و دقيقاً في خطابه   حتى لا تحتمل عباراته أكثر من معنى،لكنه وكما يبدو لم يكن مستعداً لإلقاء هذا الخطاب أو أنه كان شديد التوتر لعدم نجاح عمليات فض المظاهرات ، كان عندي بعض المآخذ على هذا الخطاب و سأقوم بتفنيدها بنقاط
1-  كان  يعيد العبارات مراراً حتى يضمن ان يحفظها من سمعها بقوله "أقول تاني "و كان يجب أن يطرح العبارة مرة واحدة ، لأنه يلقي خطابه أمام عدد من القيادات العسكرية ومن ضمن الحضور وزير الداخلية الذي ظلت أنظاره تتجه نحو اﻷرض طوال فترة القاء الفريق السيسي خطابه ، وكذلك علي جمعة مفتي الديار الذي كان أول المصفقين و المهللين للخطاب ، وهم جميعاً المفروض على مستوى كبير من العلم و الثقافة .
بالرغم من أنه لم يلقي على مسامعنا ماهو جديد ، فمنذ أن بدأ رحلته كوزير دفاع بعبارة "بكره تشوفو مصر " و رأينا بعدها مصر تحولت إلى محرقة ، انقسم الشعب فيها إلى قسمين قسم مؤيد للشرعية و هذا تم استثناء رأيه، و  معارض للشرعية و هذا ما تم استغلاله، و قتل المتظاهرين و قمع المسيرات و قنص المارة و قتل الاعلاميين و الذعر الذي حل بالبلد .
بعد حدوث العديد من الانتهاكات بحق المتظاهرين المصريين في عهد الفريق عبد الفتاح السيسي ليتحول اسمه الى" الفريق عبد الفتاح الجزار "لعدد المجازر التي تمت بإمرته .
2- كما شدد على عدم تدخل القوات المسلحة و الجيش  ، في حين تتزايد أعداد القتلى برصاص الجيش.
3- كان يكثر من القسم  و كأنه يحاول أن يمحو من أذهان العالم حنثه لليمين و خيانته للرئيس السابق محمد مرسي
4-أما عن العبارة التي تداولتها مواقع التواصل الإجتماعي للقطة تم عرضها على اليوتيوب و التي يقول فيها الفريق"إن دا أمر ما يرضيش ربنا و الي ما يرضيش ربنا احنا معاه بنقويه و بندعمه "تفاجأ الجميع من اطلاقه لهذه العبارة و قد يعود السبب كونه يفكر في هذه المسأله فلم يستطع الفصل بين ما يفكر فيه و بين ما يجب قوله للعامة ، و على كل اﻷحوال فجميع الأحداث التي "ماترضيش ربنا "تم دعمها بالفعل من قبل قوات الجيش و الشرطة و تم اعطائهم أمر بالضرب بيد من حديد .
5-  كان يتحاشى ذكر اسم الرئيس السابق محمد مرسي  و استبدلها بعبارة النظام السابق و كأنه كان يتجنب لفظ الإسم .
6-القسم الذي أقسمه  مراراً على حرية الناس و عيشها عيشا كريماً وتأكيده على أنه أمرٌ مهم و أهم من حكمه لمصر، جاء بعد أن أثبت نهمه للسلطة و الكرسي ،و تعطشه للدم لكي يحصل على ما يريد، و هذا واضح كونه هو من يلقي الخطابات منذ بداية الإنقﻻب و لم نرى الرئيس المؤقت يعتلي المنبر و يلقي على اﻷقل التحيه على الجموع ، كما أنه هو المسؤول عن إصدار الأوامر وهذا كان واضحاً في بيانه، و بدا أنه يسعى للسلطة وهذا كان واضحاً من غطرسته أثناء القائه الخطاب.

7-تحدث عن انقسام الشعب بطريق غير مباشر عندما تحدث عن التفويض الذي تقدم به للشعب ، وهو بهذا المطلب قام بفعل خطير قام بإحداث انقسام شعبي و ساعد على تطور هذا الإنقسام آلية قمع المسيرات التي تتم بحق المتظاهرين ، و هو بذلك يحاول استرجاع الفرص الضائعة التي ذكرها .
8-تحدث في خطابه عن "اﻵخر" وهو يقصد جماعة الإخوان ، هذه العبارة توضح أن الحكم الحالي ينوي الاستحواذ على السلطة و إقصاء جماعة الإخوان عن الساحة السياسية.
9-و أعرب عن اهتمامه باﻷزهر و شيوخه في قوله   " اﻷزهر على دمغنا كلنا "بينما رأينا كيف تم ضرب  شيوخ الأزهر و كبار السن في الشوارع و قتلهم بالرصاص الحي  .
10-  أكد أنه لم يأتي ليعيد حكم العسكر بينما الشارع المصري أصبح عبار عن ساحة حرب
11- قام الفريق و أثناء خطابه بتوجيه سؤال واضح لجميع القيادات و الحضور الموجودين أثناء القاء خطابه "ياترى احنا هنهد بلدنا" الجميع أجاب ."ﻷ "و هو بمفرده من أجاب "نعم "بقوله "أه" ثم قال مسرعاً "ﻷ"...لا يوجد أي مبرر لهذه الإجابة فهو قائد عسكري يجب أن يكون دقيقاً بإجابته و هي لا تحتمل معنى أخر و لا يعرف سبب هذه الإجابة التي صدمت العديد من القيادات التي تجلس بالصفوف الﻷمامية ، إلاّ أنّ من شاهد تطورات الشارع المصري يؤكد على أنه كان يقصد أنه سوف يهدم البلد في سبيل الكرسي .
12-و عاد الفريق إلى عهد النظام السابق لمصر بإصدار مبررات مكذوبة عن أسباب تدخل الجيش و الشرطة عند فض الاعتصامات ...ذاكرا أن قوات الشرطةو الجيش  تفاجأت بعدد من المسلحين الذين تبادلو معهم اطلاق النار أثناء فض الإعتصام و هذا كان مبراراً له ليتم القضاء على غالبية الجموع المعتصمة في الميدان، فهل حقاً هذا مبررا لحرق الميدان بالكامل أم هذه القوات سعت لمحو أعداد القتلى في الميدان ، وهل هذا مبررا أيضاً ليتم قنص القاصي و الداني دون رحمة ودون مراعاة أن هؤلاء ليسوا سوا معتصمين سلميين عزل من السلاح .
13-كان الفريق عبد الفتاح السيسي كثير اﻷخطاء بلفظ بعض العبارات و قد يعود هذا لشدة توتره من كل ما يحدث في الشارع المصري .
.هناك العديد في خطاب الرئيس لم أذكره ولكن برأيي لم يكن الفريق مستعداً كفاية لإلقاء خطابه كما أنه لم يتحدث بشفافية مطلقة كما قال في بداية خطابه ولم يذكر مجريات الأحداث كما هي عالواقع .
أحداث القرن الحادي و العشرين و جميعها مشاهد دموية و أحداث درامية و سيناريوهات متقنة معدة بحرفية، الحقيقة تعجبني هذه الكلمة ﻷنني شاهدت الحرفنه في تنفيذ المهام على الساحة السياسية، لذلك أستخدمها باستمرار ، فلازالت الشوارع العربية مشتعلة و التطوات تتصاعد و نترقب الأيام القادمة لنشاهد ماذا سيحدث في مصر و في سوريا و غيرها من الدول المنكوبة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد