بداية ضعيفة لمبادرة محمد مرسي

mainThumb

19-09-2012 11:13 AM

 ارتاح الاسبوع الماضي الرئيس المصري محمد مرسي عندما تجاوبت المملكة العربية السعودية وتركيا والجمهورية الاسلامية الايرانية مع دعوته الى العمل معاً من أجل وقف اراقة الدماء في سوريا، والعمل لحل الأزمة المستعصية بين الثورة الشعبية ونظام آل الاسد التي تحولت من سلمية الى عسكرية، والمرشحة للتحوّل مرة ثانية حرباً مذهبية أهلية هذا إذا لم تكن تحوّلت. وتجلى التجاوب في اجتماع استضافته القاهرة لوزراء خارجية الدول الاربع المذكورة اعلاه أو من ينوب عنهم. لكنه قطعاً لم يشعر بارتياح مماثل قبل يومين عندما غاب وزير الخارجية السعودي أو من ينوب عنه عن الاجتماع الثاني الذي تقرر في الاجتماع الاول عقده في القاهرة ايضاً، وذلك رغم ان المبرر الرسمي الذي قدم للغياب المشار اليه كان انشغال ممثل السعودية سواء كان وزير خارجيتها أو من ينوب عنه بـ"ارتباطات خاصة سابقة". فهذا النوع من التبريرات ديبلوماسي.

 

والدافع اليه عادة هو عدم اتخاذ الجهة التي تعتمده موقفاً نهائياً سلبياً او ايجابياً من التحرك أو العمل الذي تكون غابت عنه. والديبلوماسية المصرية العريقة تعرف ذلك. طبعاً لا بد من انتظار الاجتماع الثالث لمعرفة إذا كان نصاب "اللجنة الرباعية" التي اقترحها رئيس مصر سيكتمل، وقبل اطلاق الاحكام النهائية عليها. لكن الانتظار على اهميته لا يفقد الشكوك في استمرارية عمل اللجنة، أو بالاحرى في انطلاقته الفعلية، مبرراتها الجدية. وما جاء في تصريحات الذين اجتمعوا في العاصمة المصرية يؤكد هذه الشكوك. فوزير خارجية تركيا داود اوغلو رأى ان الحل في سوريا يجب ان يكون اقليمياً. في حين ان وزير خارجية ايران علي اكبر صالحي رأى انه يجب ان يكو ن سورياً - سورياً، وألاّ يفرض من الخارج. وعبارة "حل اقليمي" تعني انه خارجي. أما وزير خارجية مصر فلم يحدد هوية الحل للأزمة السورية واكتفى بالاشارة الى حصول تشاور، والى الاتفاق على عقد اجتماع آخر في نيويورك على هامش الدورة العادية للجمعية العامة للامم المتحدة التي ستبدأ الشهر الجاري. علماً ان اقتراح الرئيس المصري في ذاته يجعل مصر اقرب الى الحل الاقليمي للأزمة المذكورة منه الى الحل السوري – السوري، أو بالاحرى الى رعاية اقليمية لتسوية داخلية بين الثوار والنظام.

 

في اختصار يعتقد متابعون جديون لأوضاع المنطقة وتطوراتها ان مصر لا تزال غير مهيأة لقيادة لجنة اقليمية او "مجموعة اتصال" كما سميت اخيراً، مهمتها معالجة الوضع السوري الدامي بسبب عدم استقرار اوضاعها وبنيتها الدولية والدستورية، كما بسبب مشكلاتها الاقتصادية و"الامنية"، فضلاً عن علاقاتها مع اسرائيل والولايات المتحدة. ويعتقدون ايضاً ان ايران الاسلامية تريد توظيف مجموعة الإتصال لتحقيق اهدافها وفي مقدمها جعل الاسد وبعض نظامه جزءاً من التسوية، وابقاء اوراقها في قلب العالم العربي اي سوريا ولبنان في يدها، وتوظيفها في مشروعها الذي هو التحول دولة اقليمية عظمى صاحبة نفوذ كبير في الشرق الاوسط. ويعتقدون اخيراً ان السعودية لا تثق بايران وتعتبرها تهديداً، ولذلك فان تعاونهما معاً في لجنة واحدة لا يمكن ان يكون صادقاً ولا مثمراً. اما مصر فان السعودية لا تمانع في المنحى الذي اتخذته الثورة الناجحة فيها، لكنها لا تزال غير مطمئنة تماماً لمصر الجديدة، ربما بسبب سيطرة "الاخوان المسلمين" التدريجية عليها دولة ومجتمعاً ودستوراً وقوانين، وذلك جراء الحساسية والخلافات القديمة والمستمرة بينها وبينهم. علماً ان هناك من يؤكد علاقتها مع منافسيهم الاسلاميين داخل مصر اي السلفيين.
 
في أي حال ان فشل مبادرة مرسي لا يتمناها عربي، لانه يعني ان الثورة ستستمر وتتصاعد بدعم من غالبية الدول العربية واوروبا واميركا، وان النظام سيتابع مواجهتها بكل شراسة بدعم من روسيا وايران والصين، وان التدمير سيعم سوريا، وان الحرب ستتحول مذهبية، وان التقسيم الواقعي قد يفرض نفسه، وان موقتاً في المستقبل. وما يؤكد ذلك المعلومات الواردة من واشنطن على مصادر ديبلوماسية مطلعة والتي تفيد ان الثوار السوريين سيتلقون مزيداً من دعم اميركا وحلفائها الاقليميين والعرب، مثل تسليمهم اسلحة فاعلة وربما مثل اقامة منطقة حظر طيران في سوريا. وبعض هذه المعلومات يشير الى ان التدخل العسكري المباشر في سوريا من دون تغطية مجلس الامن له بقرار رسمي لا يزال بعيد الاحتمال. لكنه يدرس في الدوائر المعنية وبجدية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد