مصر مبارك ومصر الإخوان والعلاقة مع إيران

mainThumb

25-09-2012 10:47 AM

 "الاخوان المسلمون" في مصر لم يكونوا موحّدي الرأي حيال زيارة "اخيهم" محمد مرسي الجمهورية الاسلامية الايرانية، وإن لمناسبة استضافتها قمة دول عدم الانحياز وضرورة تسليم رئيس جمهورية مصر رئيستها مقاليد هذه الرئاسة لايران وفقاً لنظم هذه المنظمة الدولية، فبعضهم كان ضد الزيارة والمشاركة في المطلق. وبعضهم الآخر كان مؤيداً لها. وبرّر كل من الفريقين موقفه بحجج عدة. إلا أن مرسي كان ميَّالاً للذهاب الى طهران، فاتخذ قراره وقرر ان يعوّض على رافضي زيارته ومشاركته بأمرين. الأول، استهلال خطابه في القمة المذكورة ببسملة وصلاة شملت النبي العربي الكريم وأصحابه والخلفاء الراشدين. ومعروف ان هناك اختلافاً بين السنّة والشيعة حول بعض هذه الاسماء. أما الامر الثاني، فكان الاعلان الواضح عن موقف مصر من نظام الاسد يختلف عن موقف ايران منه. فهي مع استمراره. ومرسي دعا الى تغييره.

 

طبعاً، تقول مصادر اسلامية لبنانية جدية ان زيارة مرسي ايران وقبل ذلك اقتراحه لجنة رباعية من مصر والسعودية وتركيا وايران تعمل على ايجاد حل للأزمة السورية المستعصية، انما نبعا من اعتقاده كما من اعتقاد فريق من "اخوانه" ان النظام الايراني يريد مخرجاً من المأزق الكبير الذي يجد نفسه فيه حالياً. فهو يعرف ان الرئيس بشار الاسد لن يستعيد السلطة التي كانت له. ويعرف ايضاً ان النظام لن يستعيد سيطرته على الارض، ولن ينجح في العودة الى الامساك بالشعب. ويعرف ثالثاً، ان الثورة ستستمر وتتصاعد بتضحيات الشعب وبدعم العرب وقسم من العالم. وهو يعرف في الوقت نفسه (اي نظام ايران) انه مضطر للاستمرار في دعم بشار ونظامه اللذين شكلا وعلى مدى عقود واسطة العقد لمحوره ومشروعه الإقليمي الطموح. لكنه يعرف ايضاً انه يخسر بذلك الكثير عربياً واسلامياً ودولياً، فضلاً عن انه يخسر مالاً. وهو لم يكن ليحسب في السابق حساب المال. لكن "الضيق" الذي بدأ يجد نفسه فيه، جراء الاستمرار في فرض العقوبات عليه من اميركا واوروبا والغرب والمجتمع الدولي، قد يجعله عاجزاً في مستقبل غير بعيد عن الاستمرار في دعم سوريا الاسد مالياً. كما لن يستطيع تعويض عجزه بدفع العراق الى تمويل حرب الاسد على شعبه، لأنه لهذا الاخير مشكلاته السياسية والبنيوية والاقتصادية، ولأن ارتباطاته الدولية لن تسمح له بذلك، وتحت طائلة المسؤولية أو العقاب.
 
لكن هذه النظرة المتفائلة لمرسي و"اخوان آخرين" تقابلها نظرة اكثر تشاؤماً وأكثر تشكيكاً في نيات ايران الاسلامية. فانفتاحها على "مصر الاخوان" يرمي الى إبعادها عن السعودية ومحورها المرتبط باميركا، والى ابدال سوريا الاسد بمصر في حال انهيار نظام الاسد، والى الاستمرار في مشروع التحول دولة نووية عظمى ذات دور رائد عربياً واسلامياً.
 
هل يمكن ان يتحقق كل ذلك والعلاقات الديبلوماسية بين مصر وايران مقطوعة أو شبه مقطوعة (يوجد مكتب تمثيلي للثانية في القاهرة)؟
 
 
على الارجح لا، تقول مصادر ديبلوماسية عربية مطلعة. لكن المباحثات التي جرت أكثر من مرة بين مسؤولي الدولتين فشلت في التفاهم على هذا الامر. والشعوب العربية تعرف ذلك، لكنها لا تعرف السبب الحقيقي للفشل. فهي تظن، استناداً الى وسائل الإعلام، أن ايران لا تزال ترفض إبدال اسم شارع الإسلامبولي في طهران باسم آخر (سُمّي كذلك لمكافأة الإسلامبولي على قتله السادات).
 
 
لكن الحقيقة تشير الى ان اكثر المحادثات جدية حول هذا الامر التي جرت قبل سنوات قليلة وتسربت اخيراً معلومات عنها كشفت ان ما ترفضه ايران هو تسليم مصر الاشخاص الذين حاولوا اغتيال رئيسها "المعزول" حسني مبارك في اثناء زيارة له الى السودان. فهؤلاء سلّمهم السودانيون في مرحلة معينة الى ايران، "الشاطرة" في تجميع الاوراق. ومصر تريدهم. وايران رفضت تسليمهم لها. طبعاً كان هناك رأي داخل الديبلوماسية المصرية مع إعادة العلاقات الديبلوماسية مع ايران نظراً الى فوائده لمصر. لكن الرأي الذي ساد عند اصحاب القرار في حينه كان الاصرار على التسليم او استمرار قطع العلاقات.
 
والسؤال الذي يَطرَح نفسه اليوم هو هل تتجاوز "مصر الاخوان" موقف "مصر مبارك" الذي قد يكون دافعه الفعلي شخصياً؟ لا احد يعرف، لكن ما يعرفه المصريون كما العرب والايرانيون ان خطوة إعادة العلاقات مع ايران محفوفة بأخطار كثيرة اميركية ودولية وعربية وربما داخلية. فهل يغامر مرسي بهذا الامر؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد