( لاجئ 1250 )

mainThumb

18-10-2012 10:48 AM

 في الماضي القريب ... كان لي وطن ...؟! لست أدري لما أشعر باليتم ، مع أنّني وسط إخوتي وأبواي ، هنا في هذه الخيمة ، في الماضي ، كان لي بيت دافئ ، أشعر بأمآن بين جدرانه ، وهنا ، برد قارص في كل ليلة ، ولهيب شمس حارقة في كل نهار ، أشتاق لشمس تسطع على ربوع وطني ، أشتاق لقمر يُزيّن  سماء بلادي .

 
في الماضي .. كان لي وطن ، كما كل البشر ..كان لي وطن .. إلى أن جاء الغرباء ، واستوطنوا وطني ، وسرقوا كل أشيائي ، حتّى لعبتي ، بحثت عنها بين الرّكام ، لكن لم أجدها ، كل ما أذكره وجه أمّي ، الجزعة الباكية ، الّتي تحاول أن تلملمنا ؛ لنغادر المكان .
 
نجوم حمراء تظهر في النّهار ، في سماء وطني  ، وعندما كانت تنزل على الأرض فإنّها تحرق وتُدّمّر كل شيء حولها ، أسمعهم يُسمّونها ، والخوف يرتعد منهم " صواريخ ..!! صواريخ ..!! إنّها لعبة مؤذيّة ..؟! غادرت برفقة أبواي وإخوتي ، لا أدري إلى أين ؟! حتّى معاذ إبن الجيران وعائلته ، رافقونا المسير وحسام الّذي قُتِل والده بالأمس أيضاً ، سرنا طويلاً ، ولم تسمح لي والدتي رغم شكواي المستمر من التعب أن آخذ قسطاً من الراحة ، وبعد مسير طويل .... وصلنا إلى مكان يُسمّى الحدود أسلاك شائكة ، وجنود ينظّمون دخول النّاس ، إلى حيث لا أدري ...؟! وصلنا إلى نقطة تفتيش ، لم يسألنا الجنود عن أسمائنا ، لكنّهم أعطوا أبي بطاقة مكتوب عليها (لاجئ 1250 ) ثمّ نُقلنا جميعاً ، حتّى وصلنا إلى هُنا .. خيمة .. برد .. وظلام .. الصغار يبكون ، حتّى الكبار ، أمّا أنا، أُحسّ بتعب زلزل جسدي ، وكان آخر ما سمعته ورأيته ، قبل أن أسقط مغشيّاً عليّ ، هو صوت ووجه أمّي الجزعة على حالي .
 
    وبعد نومِ وحُمّى لازمتني يوميين ، بدأت أستّردّ وعيي وأحاول الإعتياد على المكان الجديد ، أمّي قالت لي أنّه لن يطول بقاؤنا ، وأنّنا سنعود ...سنعـــ.....ـود إلى وطني .
 
إهدء إلى كل طفل ، كُتِب له أن يُطرد بعيداً عن أحضان وطنه ، إهداء إلى كل من عشق تراب وطنه ، لكنّه حُرم اشتمام رائحتها ،حفظ الله وطني الأردن سالماً آمناً من كل سـوء .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد