أيقظوا ضمائر غابت عنها الرحمة

mainThumb

04-11-2012 09:33 AM

 في إحدى زوايا البيت ، تجلس الأم ، وفي يدها أداة الغزل ، تغزل .. وتغزل ، دون توقّف ، فإن توقفت لتعبِ أو مرض تشكوه ؛ فإنّ مصير العائلة ، المكوّنة من فراس ذو العشر سنوات ، وبيان ذات الست سنوات ، سيصبح مهدداً ؛ لأنّ قوت العائلة مرهون في هذا المغزل ، تجتهد الأم على أداة الغزل ، كي تصنع ما يُمكنها بيعه ، حتّى وإن عاد بالقليل غير الكافي .

 

فراس ذلك الطفل الّذي راح الغموض والهدوء يحتضن عينيه ، أراه من بعيد يجلس على عتبة بيته ، يناظر أطفال الحي وهم يلعبون كرة القدم ، دون أن يجرؤ على الإقتراب منهم ؛ ليشاركهم الّلعب ، فكلّما همّ إليهم ، نهروه ليبتعد عنهم ، ثمّ أصبحوا يتغامزون ويضحكون على شيء جهله فراس ، وما كان من فراس ، إلّا أن ركض إلى أمّه مسرعاً ، ودفن رأسه في حضنها باكياً بحرقة ، أمّا بيان فهي تلعب وتضحك ببراءة وعفويّة مع مثيلاتها في السن وأثناء ذلك ، تُطلّ إحدى الأمّهات متفقّدة أبنائها في الحي ، ثمّ تركض مسرعة نحو أطفالها وتوّبخهم بشدّة ، والسبب هو اللعب مع بيان ، فقد سبق للأم أن حذّرت أطفالها من الإقتراب من بيان .
 
   بيان وقد انطفئت براءة الطّفولة من عينيها ، ليحتلّها الحزن وتسكنها الدّموع ، تتسائل في نفسها عن سبب ابتعاد الجميع ورفضهم مشاركتها اللعب ..؟!  تحتضن الأم أطفالها مواسية لهم ، مخبرةً إيّاهم أنّه لا ذنب لهم في كل ما يواجهونه من سوء معاملة من أقرانهم في الحيّ ، وبالتّأكيد سيجدون أصدقاء جدد يحسنون التعامل معهم ، تذرف الأم دموعها ، فتعلو أيدي أطفالها الصغيرة ؛ لتمسحها وقبل النوم ، تسد الأم أفواه أطفالها بكسرات خبز  .
 
   أعزّائي القرّاء ، هذه هي ضحايا من أجرموا بحق أنفسهم ، ونسوا أطفال لهم ، سيحملون ذنوب آبائهم التي تُثقل أكتافهم دون جرم إقترفته براءة طفولتهم ، لا بدّ أنذكم تسائلتم من خلال قرائتكم للقصة ، عن السبب الّذي جعل أطفال الحي ، يعاملون بيان وفراس بهذا الشكل ، والأكيد أنّكم تسائلتم عن الأب ..؟! لا هو ليس بميّت .. والله لو كان ميّتاً لكان أرحم لأطفاله وزوجته ، ربّما لم يكن سببا في هذا العار ، الّذي  لحق بهم  .
 
   إخوتي القرّاء  الأب هو أحد أصحاب النّفوس ، الّتي كان الجشع  والطمع يستعمرها ، كان أبو فراس تاجراً للمخدّرات ، يستخدمه كبار المروّجين كي ينقل هذه السموم للدول المجاورة ، مقابل مبالغ يدفعونها له ، وللأسف دفع حب المال  والجشع أبو فراس ، أن يبيع ضميره ويطلب مزيداً من هذا العمل مقابل مزيداً من المال ،  وهكذا إلى أن وقع في شرّ طمعه ، حُكم أبو فراس لمدة 15 عاما في إحدى الدول المجاورة .. نهاية يستحقها أبو فراس وكل من سوّلت له نفسه أن يهتك حياة الآخرين بسموم المخدرات ، نهايه يستحقّها أبو فراس وبداية لمعاناة لا يستحقها أطفاله ، الّذين لن يرحمهم المجتمع من نظرات وضعتهم في قفص الإتّهام ، ذنوب اقترفها من أجرموا بحق الإنسانية ، يدفع ثمنها براءة الطفولة  .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد